31/10/2010 - 11:02

التهدئة وفتح معبر رفح في عهدة القيادة المصرية../ أحمد الحيلة*

التهدئة وفتح معبر رفح في عهدة القيادة المصرية../ أحمد الحيلة*
وصل الوزير عمر سليمان إلى القدس (12/5) لبحث التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي، بعدما أبدت جميع الفصائل الفلسطينية المقاومة موافقتها عليها، بعد التشاور مع القيادة المصرية.

وفي الموقف الصهيوني من التهدئة، ظهر مؤخراً تباينات في وجهات النظر حول شروط التهدئة وليس حول مبدئيتها، إلى أن استقر الأمر على إبداء الصهاينة المزيد من التشدد أو الحذر في التعامل معها.

فالأجواء السياسية التي سبقت زيارة الوزير سليمان إلى القدس تشي بعدم الاستقرار السياسي في إسرائيل، بعدما فُتح التحقيق مع أولمرت حول تلقيه رشاوى مالية. وكما يبدو فإن التحقيق في هذه المرة قد يُفضي إلى توجيه اتهام رسمي له، مما يعني انتهاء مستقبله السياسي بتقديم استقالته من رئاسة الحكومة ـ وذلك كما أعلن في مؤتمر صحفي سابقاً ـ ، أو التوجه نحو انتخابات برلمانية مبكرة.

وفي كلا الحالتين، فالقراءة تشير إلى أن رئيس الوزراء الصهيوني يعاني الآن من ضغوط داخلية متعاظمة؛ فعلى صعيد الرأي العام الإسرائيلي، فإن شعبية أولمرت في تراجع شديد. ففي آخر استطلاع للرأي (يديعوت أحرونوت 12/5)، أشارت النتائج إلى أن 59% من الإسرائيليين يرون أن على أولمرت أن يستقيل في ظل فتح التحقيق حول تلقيه لرشاوى مالية. هذا في الوقت الذي أشار فيه نحو 60% من الإسرائيليين، بأن أولمرت غير قادر على قيادة خطوات سياسية أثناء التحقيق ضده.

من جانب آخر، أولمرت يتعرض لضغط سياسي من حلفائه في الحكومة، وخاصة من وزير الدفاع الذي يزايد عليه في المواقف من المقاومة الفلسطينية التي يتوعدها بالمزيد من الضربات العسكرية حتى وقف إطلاق الصواريخ، هذا ناهيك عن ازدياد حجم الضغوط من داخل حزب كاديما، حيث ترى العديد من الشخصيات الكبيرة في الحزب بضرورة استقالة أولمرت انقاذاً لكاديما من التراجع في الساحة السياسية الداخلية.

وهذا بدوره قد يدفع رئيس الوزراء أولمرت "المتهم"، والضعيف إلى إبراز نوع من المواقف الصقرية المتبجحة ضد الفلسطينيين، في محاولة منه لترميم صورته المكسورة أمام الرأي العام ـ وذلك حسب العقلية الإسرائيلية الصهيونية ـ ، مما قد ينعكس سلباً على قبوله للتهدئة، رغم أن فيها مصلحة سياسية له يكونها تمنحه الفرصة للتخلص من آثار الصواريخ الفلسطينية الضاغطة على الرأي العام الإسرائيلي الذي يبدى مؤخراً تذمراً شديداً، وقلقاً متعاظماً من إمكانية العيش في البلدات المحيطة بقطاع غزة.

ولكن، وكما أسلفنا، فإن توقيت التحقيق المتزامن مع عرض التهدئة، قد يدفع أولمرت بفعل الضغوط الداخلية وخاصة من اليمين الصهيوني للبحث عن حلول عسكرية، أو إبداء المزيد من التحفظات، أو التشدد حيال الوساطة المصرية للتهدئة، بفرض المزيد من الشروط على المقاومة الفلسطينية، وذلك كما حدث عندما طالب أولمرت الوزير سليمان في القدس بضرورة الأخذ ببعض الشروط الجديدة، كجزء أو كمدخل لازم للتهدئة، وذلك كما يلي:

أولاً: إطلاق سراح الجندي الأسير جلعاد شاليط.
ثانياً: وقف حماس وفصائل المقاومة الأخرى "لتهريب" الأسلحة إلى قطاع غزة.
ثالثاً: رفض تطبيق التهدئة على الضفة الغربية لاحقاً.

وإذا تذكرنا أن صفقة الأسرى لم تر النور منذ عامين تقريباً بسبب ضعف أولمرت وتردده، فهل يمكن الآن وفي غضون أيام أو أسابيع إنجاز ما لم يُنجز في سنوات؟!

إذن تلك الشروط الإسرائيلية الجديدة، تشير إلى أن أولمرت غير جاهز الآن للتهدئة، بسبب التهديد الذي يحيط بمستقبله السياسي. ومن هنا فإن رفض أو تردد أولمرت في قبول التهدئة مع المقاومة الفلسطينية بوساطة مصرية، إضافة إلى تعثر مسار المفاوضات السياسية مع الرئيس أبو مازن، وانعدام الخيارات السياسية، يضع القيادة المصرية أمام استحقاقات سياسية، وقومية، وإنسانية اتجاه غزة المحاصرة، خاصة بعدما اتفق الفلسطينيون (المقاومة) مع السلطات المصرية على أهمية فتح معبر رفح في حال رفضت إسرائيل التهدئة التي تم نسج خيوطها بأيد فلسطينية ـ مصرية مشتركة.

ويُقرأ في فتح مصر لمعبر رفح لثلاثة أيام متتالية قبل زيارة الوزير عمر سليمان إلى القدس، بأنها رسالة للاحتلال، مفادها: أن فتح المعبر سيكون البديل الطبيعي لرفض الاحتلال للوساطة المصرية وللتهدئة مع المقاومة الفلسطينية، ولعل هذا ما يُصبّر الفلسطينيين في غزة، الذين منحوا ثقتهم للقيادة المصرية.

التعليقات