31/10/2010 - 11:02

التواصل مع العالم العربي وأنماط العمل السياسي../ حنين زعبي

-

التواصل مع العالم العربي وأنماط العمل السياسي../ حنين زعبي

كانت تلبية دعوة الجماهيرية الليبية لممثلي المجتمع العربي أمرًا طبيعيًا، كما التواصل والحق فيه.

وتبقى للمدعو فرصة أن يحدد قواعد هذا التواصل ومعناه السياسي، وأن يحدّد فيما إذا كان التواصل رمزيًا ومعنويًا فقط، بمعنى الإصرار على التواصل بغض النظر عن مضمونه، أو بمعنى التقدم بمطالب عينية في المجالين العلمي والثقافي مثلاً، حيث يتوق مبدعونا وفنانونا إلى فرص التبادل الثقافي والفني مع العالم العربي، أو التواصل سياسيًا أيضا، بمعنى طرح وتبادل رسائل ومواقف وطروحات سياسية ليس فقط حول الواقع الفلسطيني بل أيضا حول تصورات الحل وآفاقه، الأمر الذي تجنبته معظم الكلمات (الإثنتي عشر) التي ألقيت خلال الاجتماع بالعقيد معمّر القذافي.

في هذا اللقاء اقتصر الإجماع السياسي على نقطة رئيسية: ضرورة التواصل، أي التشديد على التواصل كحق وكهدف وكمقولة بحد ذاتها. أما بما يتعلق بتوظيف هذا التواصل وبدوره السياسي، وبطبيعة النقاش السياسي التي ممكن أن تنجم عن هذا التواصل، وفيما إذا كانت هنالك مواضيع خارج الحدود „المسموحة” للنقاش خلال التواصل، فكان واضحا أن جميعها أمور خلافية، أو على الأقل أمور تركت للقناعات الفردية لمركبات الوفد.

وكان واضحا، أنه رافق وضوح وحسم مسألة التواصل كحق وكهدف، تشوه جديّ للثقافة السياسية للبعض. التواصل حق، لكن كان واضحاً كم شوهتنا العزلة، وكم افتقدنا لبروتوكولات ولياقة التعامل السياسي، ليس فقط نتيجة العزلة، ونتيجة جهلنا لثقافة الدبلوماسيات السياسية، التي حرمنا من التعامل معها بحكم إقصائنا التاريخي عن المواقع الأولى لصنع القرار السياسي، بل أيضا نتيجة وجود نمط فردي لا علاقة له بالجهل، بل هو مرتبط بالأخلاق السياسية. فالنموذج الذي يعتمد على تحويل السياسة إلى علاقات عامة، رأى في هذه اللقاءات مناسبة للإحتفال، ومناسبة لتحويل الحدث من فرصة وحدث سياسيين إلى حدث للعلاقات العامة، يعتمد على التملق والرخص السياسيين.

بدل أن يعتمد التواصل، على سلوك قومي سياسي رصين، واضح المعالم والأهداف، لجأ البعض لنفس النمط البهلواني والمسرحي الذي يستعملونه في الكنيست الإسرائيلي. النموذج الذي يقاتل من أجل أقرب مسافة من القيادة في الصورة، من الطبيعي أن يتحول حال إنتهاء الاجتماع إلى أشبه بمراسل للصحف الاسرائيلية في غياب مراسلين من ليبيا، يبلغهم بتفاصيل ما جرى لكي يسجل عليهم معروفا، يكافأ عليه في الإعلام العبري لاحقا.

بالتالي، مسيرة التواصل، كنمط من أنماط السياسة „الخارجية”، كما السياسة الداخلية التي نمارسها ستبقى مهددة بنفس التشوهات المستعملة إسرائيليًا، مما يسيء لمصداقية التواصل ولدوره السياسي، الأمر الذي قد ينتهي به لمحاولة لعب دور وسيط تطبيع.

نحن نريد تواصلاً عربيًا من أجل فك طوق العزلة، ومن أجل تماسك المجتمع العربي في الداخل، ومن أجل تبادل الرأي، وهذا لن يحدث إلا إذا تمت حماية التواصل من هذه „الاجتهادات” الفردية المسرحية، التي نفرت أفراد الوفد، كما ينفر الرخص والبهلوانيات السياسية أفراد المجتمع من السياسة ومن السياسيين بشكل عام.

وحماية التواصل هذه لن تكون إلا بتقوية لجنة المتابعة العربية كعنوان لهذا التواصل الجماعي، عنوان يضع التواصل ليس فقط ضمن معناه السياسي المناقض للتطبيع، بل أيضا ضمن رصانته السياسية المطلوبة.

التعليقات