31/10/2010 - 11:02

التوجـه شرقـاً../ ساطع نور الدين

التوجـه شرقـاً../ ساطع نور الدين
الزميل الاميركي توماس فريدمان الذي كان أول من كشف عن وجود المبادرة العربية للسلام مع اسرائيل قبل اقرارها في قمة بيروت في ربيع العام ,2002 كان امس في كاليفورنيا يكتب عن الجهود التي يبذلها حاكم الولاية لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، فيما خلت صحيفة «نيويورك تايمز» التي يعمل لديها وغالبية الصحف الاميركية الكبرى من أي اشارة الى قمة الرياض العربية التي افتتحت امس.

لم يجد الكاتب الاميركي المهتم عادة بالشؤون العربية والاسلامية، ما يبرر انخراطه في ذلك النقاش الذي دار على مدى الاسابيع القليلة الماضية حول المبادرة العربية واحتمال تعديلها وإمكان تفعيلها، كما لم يشعر أي معلق اميركي آخر بالحاجة الى متابعة هذا النقاش، برغم ان وزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس كانت تدور في عواصم المنطقة بحثا عما يمكن ان يعيد انتاج المبادرة وطرحها كأساس لدبلوماسية نشطة تؤدي الى مفاوضات عربية إسرائيلية واسعة النطاق.
لم تنطل الخدعة على الصحافة الاميركية، التي تعاملت مع جولة رايس بصفتها رحلة علاجية للسياسة الخارجية الاميركية التي ارتبكت ازاء تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، كما صدمت جراء ضعف حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت، وهي كانت مكلفة بمحاولة التوفيق بين هاتين المعضلتين، والإيحاء بأنها ملتزمة برؤية الرئيس جورج بوش الخاصة بقيام دولة فلسطينية تعيش جنبا الى جنب مع دولة إسرائيل..

غادرت رايس المنطقة في اللحظة التي كانت قمة الرياض العربية تستعد لافتتاح اعمالها. كانت الرسالة التي تركتها وراءها للزعماء العرب هي ان واشنطن لا تعتبر ان تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية برئاسة حركة حماس ليس عائقا امام التحرك الدبلوماسي الاميركي نحو احياء العملية التفاوضية، لكن المشكلة هي في اسرائيل التي اختلفت مع واشنطن حول فرص التفاوض مع الجانب الفلسطيني وشروطه.

ولعل هذا الاختلاف بالتحديد كان الهدف الرئيسي من جولة وزيرة الخارجية الاميركية التي ارادت ان تبلغ الزعماء العرب ان واشنطن بذلت وستظل تبذل كل ما بوسعها من اجل احياء المفاوضات العربية الاسرائيلية، وهي تتوقع في المقابل ان يبذل الجانب العربي كل ما بوسعه ايضا من اجل مساعدتها في مواجهة معضلتها العراقية المتفاقمة، وأزمتها المتصاعدة مع ايران.

كانت اشبه بعملية مقايضة مطروحة على قمة الرياض: تتقدم اميركا نحو الحل الفلسطيني بقدر ما يتقدم الجانب العربي نحو تحمل المزيد من المسؤوليات في العراق وفي الصراع مع إيران. وجاء النقاش حول المبادرة العربية في هذا السياق، برغم معرفة واشنطن المسبقة بأنه ليس هناك مفاوض اسرائيلي او فلسطيني يمكن ان تستند اليه مثل هذه المبادرة، وبأن العرب انفسهم ليسوا في وارد الدخول في مفاوضات مع اسرائيل في ظل الاضطراب الشديد على بوابتهم الشرقية، والتي تهدد اوضاعهم الداخلية.

قمة الرياض معنية فقط بالرد على هذا السؤال الاميركي الملح: ما هو التوجه العربي نحو العراق وإيران؟

"السفير"

التعليقات