31/10/2010 - 11:02

الحرب على سورية وحواجز استحقاقات السقوط في طريق الحكومة الاسرائيلية../ سعيد نفاع

الحرب على سورية وحواجز استحقاقات السقوط في طريق الحكومة الاسرائيلية../ سعيد نفاع
الحرب كوسيلة تعامل مع العالم العربي هي استراتيجية اسرائيلية راسخة في الذهنية الصهيونية، ولسنا بحاجة الى بيّنات لاثبات ذلك، ومع هذا ان كان من مراقب تنقصه البيّنة فرفض اسرائيل للمبادرة العربية في مؤتمر القمة في بيروت 2004 هي ام البيّنات.

تعتقد اسرائيل ان في محيطها ما زالت هنالك بعض حبات جوز عصيّة على الكسر وعلى راسها سوريّة، فتحاول بين الفينة والاخرى جسّ قشر تلك الجوزة لعلها تصدعت فيهون كسرها، او لعلها تحركها الى منحدر تتدحرج اليه يصدعها. اختراق اجواء سورية الاخير جاء من هذه المحاولات، وبغض النظر ان قصفت الطائرات الاسرائيلية هدفا محددا او لم تقصف، لم يدفع ذلك سوريّة الى اي منحدر رغم ما يمكن ان يقال عن موقفها وطول تحملها.

لا تستطيع اسرائيل ان تبادر لشن حرب على سوريّة، لكنها لن تمتنع عن الحرب مع سورية ان وجدت الذريعة، وذلك على ضوء العديد من الامور التي تظلل الشرق الاوسط في الفترة الاخيرة في كل ساحاته، من العراق شرقا مرورا بلبنان وفلسطين غربا. لكن هنالك كذلك مجموع استحقاقات اسرائيلية تمنعها من ان تشن الحرب في المستقبل القريب، لكنها استحقاقات مثلما تحوي موانع للحرب يمكن ان تكون مدعاة لحرب اذا تعثر احدها، اخذا بالاعتبار ان في اسرائيل لا توجد اليوم قيادات يمكن اعتبارها تاريخية بأي معنى، فهي بمجملها يصح فيها التعبير انها قيادات رمادية لا لون اساسيا لها، حائطها عائب ويمكن لاي اهتزاز ان يسقطه.

الاستحقاق الاول، مؤتمر او لقاء السلام في واشنطن:

لا تستطيع الحكومة الاسرائيلية ان تقدم في هذا الاستحقاق اي شيء يذكر في اتجاه الثوابت الفلسطينية غير الكلام الانشائي العام. فلو فرضنا ان حكومة اولمرت قدّمت اي تنازل في اي ثابت، فسيكون هذا مدعاة لانسحاب حزب اليمين المتطرف يسرائيل بيتينو- ليبرمان وحتي شاس ـ اليهود الشرقيين المتشددين وفي ذلك سقوط الحائط وهذا ما لا يريده وما لا يستطيعه اولمرت.

هذا الاستحقاق هو بحد ذاته يكوّن حاجزا امام اسرائيل لان تبادر بشنّ حرب على سورية في المستقبل القريب، على الاقل هذا ما يحتّمه هذا الاستحقاق علي اسرائيل من تصرف تجاه سيّدها في البيت الابيض وشريكها في المفاوضات في رام الله، لكنه وبنفس القدر يخبئ في ثناياه خطرا لحرب تشنّ حماية لما يمكن ان يقدّم وحماية للحكومة من السقوط المحتّم ان قدّم.

الاستحقاق الثاني، تقرير لجنة فينوغراد لفحص نتائج حرب لبنان والتزام باراك رئيس حزب العمل:

من غير المتوقع ان يجيء تقرير فينوغراد النهائي باضافات صارخة تختلف عمّا جاء في تقريره المرحلي في ايار (مايو) الماضي، ولكن هنالك امرين غير واضحين البـتة يمكن ان يكون لهما اثر واسقاطات بعيدة المدى.

الاول شكل التقرير، اذا كان التقرير شامل توصيات شخصيّة بحق اولمرت او غيره، فلهم الحق بالدفاع عن انفسهم امام التوصيات ممّا يحول اللجنة الى شبه محكمة ستطول مداولاتها وسيبقى اولمرت بحكم غير المسؤول حتى تبت اللجنة نهائيا في طعونه وطعون غيره، وهذا يطيل حتما في عمر حكومته.
واذا لم يشمل التقرير توصيات شخصيّة، وهذا ما متهم اليوم ديوان اولمرت بتسريبه الى وسائل الاعلام التي تناقلت مؤخرا هذا الامر، فسيطمئن اولمرت ان تقرير فينوغراد من ورائه، ولكن هذا الامر ورغم التسريب ما زال غير واضح يلفه الغموض.
في الحالة الاولى من المستبعد ان يشن اولمرت الحرب على سورية في نفس الوقت الذي يشنّ فيه حربا ضدّ التوصيات الشخصية ضدّه. اما في الحالة الثانية فالامكانية واردة ليرفع خطر الحرب عليه من باراك وحزبه.

حرب باراك هي الامر الثاني غير الواضح، فحسب تعهده لحلفائه في برايمرز حزب العمل، سينسحب من الحكومة بمجرد ان يصدر التقرير بغض النظر عمّا يمكن ان يحوي، اذا ما كانت دعوى البقاء في الحكومة لهذه الفترة الانتقالية؟ هذا التعهد والذي بحد ذاته غريب، كيف يمكن ان ينفذ؟ وماذا يمكن ان يحصل اذا لم ينفذ؟

من المستبعد ان ينفذ باراك وعده وسيجد التبريرات، لانه لن يقدم على اسقاط اولمرت وحكومته ليهدي النصر لغريمه زعيم حزب الليكود نتانياهو الذي ما زال متقدما عليه في كل الاستطلاعات، هذا عدا عمّا يرشح وبهمس ان اولمرت الذي سرّه فوز باراك برئاسة حزب العمل، يعدّه للتوحد مع كديما او ما يتبقى منها قناعة منه ان هذا الحزب الى زوال او على الاقل الى هزال في الانتخابات القادمة، اخذا بالاعتبار ان كرهه لنتانياهو لا يفوقه كره، كل ذلك اذا اضطرته لجنة فينوغراد او التحقيقات الجارية بحقه الى التنحّي.

هذه الحرب الداخليّة المتولدة عن هذا الاستحقاق بقدر ما هي مدعاة لعدم شنّ حرب علي سورية، تخبئ في ثناياها جملة من الاسباب لشنّ الحرب، فاذا اندلعت الحرب بين باراك واولمرت سيفرك نتانياهو كفيه هناء في انتظار المنتصر الجريح منهما لينازله، وعندها ليس اكثر من باراك وزير الامن بحاجة لحرب على سورية لينتصر على الاثنين معا وهكذا سيكون حال اولمرت، اما اذا اندلعت بين باراك ـ اولمرت من جهة ونتانياهو من الجهة الاخرى، عندها لن تشغلهما حرب على سورية للانتصار على نتانياهو.

الاستحقاق الثالث، اعادة بناء الجيش:

هذا الاستحقاق بالنسبة للاحزاب الصهيونية هو استحقاق وطني من الدرجة الاولي هي مهمة وطنية تتخطى الاحزاب، فلا يمكن ان يخطّروا اعادة البناء بـ حرب داخلية على شكل انتخابات وعلى هذا هم مجمعون ومتفاهمون وان كان صمتا لا قولا، ولا تغرّن احد حربهم السياسية المستمرة فهم لا يستطيعون وقفها على الاقل على وجه الناخب.

وما دام هذا الاستحقاق الوطني لم يكتمل، ولم يكتمل، فلا يستهيننّ احد بما كشفته حرب لبنان من قصورات في هذا الجيش والتي لا يمكن اعادة تكملتها حتى في المدّة التي انقضت منذ الحرب، لذلك لن يخاطروا بالمبادرة الى حرب والحالة هكذا وهذا الاستحقاق ماثل، وهذا يبعد شبح الحرب ولو الى حين، رغم الحاجة الماسّة لاعادة الثقة في الجيش او ما يسمونه في قاموسهم اعادة قوة ردعه، لن توفر له ذلك اي حرب على غزّة لا القائمة اليوم ولا ان صارت اجتياحا كاملا.

طبعا الامر ليس متعلقا فقط بتكامل البناء، فالعائق الاكبر هو القناعة السائدة ان حرب النزهات انتهت، ولن تكون سوريّة لقمة سائغة فاذا لم تكن المقاومة اللبنانية كذلك فكم بالحري سوريّة. أضف الى ذلك ان القرار يؤخذ في مطابخ البيت الابيض ويؤكل في مطابخ تل ابيب، وينقص المطبخين الآن الكثير من التوابل.

خلاصة الامر:

هنالك استحقاقات كثيرة اخرى لها دورها في الحسم في قضية الحرب والسلم بين سوريّة واسرائيل دون ان ننسي ان هنالك جوزة اخرى اسمها ايران تنوجد في نفس كومة الجوز الموجودة فيها سوريّة، لكن حواجز الاستحقاقات التي سقناها تبقى الاهم على الجبهة السوريّة الاسرائيلية، ورغم ما فيها من موانع لشنّ حرب في المستقبل المنظور، لكنها هي ذاتها يمكن ان تتحول الى مداع للحرب التي ما من شك ان شبحها يحوم في الاجواء لن يمنعه من الحط الا تطور يقلب الموازين والمعادلات.

ربما من نافل الكلام، القول: ان الحرب لن تشنّ ولن تمتنع بناء على الاستحقاقات اعلاه، فالنيّة للحرب على سوريّة و\ او ايران كخيار استراتيجي في المشروع الاميركو-صهيوني قائمة بهذه الاستحقاقات وبدونها، وما الاستحقاقات التي سقنا الا حواجز امام توقيت اشعال الفتيل بالوقود او مداع لتوقيت اشعاله ليس الا، فالفتيل مبلل بالوقود حتى الثمالة بهذه الاستحقاقات وبدونها.

التعليقات