31/10/2010 - 11:02

الحياة السياسية الموريتانية: أي مستقبل؟../ ألب ولد معلوم*

الحياة السياسية الموريتانية: أي مستقبل؟../ ألب ولد معلوم*
بالنهاية الناجحة للمرحلة الانتقالية التي أرست أسس نظام ديمقراطي حقيقي في البلاد، وسنّت مبدأ التشاور والتعاون بين السلطة والأحزاب، تكون الحياة السياسية الموريتانية مقدمة على مرحلة مفتوحة على أكثر من احتمال، فإما المضي باتجاه المزيد من الاصلاحات أو الحفاظ على ما تحقق من مكاسب واما (لا قدر الله) العودة الى المربع الأول.

وفي هذه المحاولة السريعة لقراءة مستقبل الحياة السياسية في بلادنا خلال الفترة القادمة سننطلق من فرضيتين:

الأولى:
تقوم على مبدأ استمرار التشاور والتعاون بين السلطة ومن هم خارجها، وما يعزز هذه الفرضية أن الاصلاحات التي قيم بها أثناء الفترة الانتقالية وسنة التشاور التي طبقها المجلس العسكري للعـدالة والديمقراطية قد تصبح تقليدا سياسيا في موريتانيا ما يضمن الاستقرار ويمكن بقية الأحزاب من ممارسة دورها في الحياة السياسية بفاعلية أكبر وبالتالي الحفاظ على الديمقراطية الوليدة.

كما أن المصادقة المتوقعة على مشروع قانون المعارضة يعطي بلا شك دفعة قوية باتجاه المزيد من الشراكة والتعاون، ومعروف أن مشروع قانون المعارضة يعترف صراحة بالدور الايجابي للمعارضة ويمنحها الكثير من الامتيازات. من جانب آخر فان نتائج الانتخابات الرئاسية التي حسمت في الشوط الثاني لصالح المرشح المستقل سيدي ولد الشيخ عبد الله في مواجهة زعيم حزب تكتل القوي الديمقراطية أحمد ولد داداه بينت مدى الانقسام الشعبي الواضح بين المرشحين كما ترشد اليه النسب (52% في مقابل 47%).

ان هذه النتيجة قد تدفع نحو تحقيق هذه الفرضية خصوصا اذا ما أضفنا لها تصريح الرئيس المنتخب بشأن استعداده لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وهو ما يعد ترجمة لما كان يعبر عنه قبل انتخابه من حرص على أكبر قدر من الاجماع الوطني.

ان ما سبق يشجع على القول ان الحياة السياسية في موريتانيا مقدمة على فترة لا تختلف عن أجواء الفترة الانتقالية لجهة التعاون والمشاركة ألايجابية بين مختلف الأطراف ان لم تكن هي الأفضل وذلك ما يعزز دعائم الديمقراطية الجديدة في البلاد.

الثانيـة:
وأساس هذه الفرضية التنافر والقطيعة بين السلطة ومن هم خارجها. فعلى عكس الفرضية الأولى التي تتسم بالتفاؤل فان الثانية تنطلق من استحالة التعاون بين السلطة الجديدة والقوى السياسية خارجها ويعود الأمر الى التناقض الشديد بين قوى حزبية تدعو الي القطيعة التامة مع الماضي وترفع شعار التغيير، وأخرى ترى في ذلك استهدافا مباشرا لها سيما وأن هذه الأخيرة كانت الداعم القوي للرئيس الجديد.

ولا شك أن هذه الفرضية تجسد حتمية ظهور ثنائية المعارضة والموالاة من جديد على مسرح الحياة السياسية الموريتانية، وبالنتيجة عودة السجالات السياسية والصراع الذي قد يتسبب في نسف ما تحقق من مكاسب على طريق الديمقراطية، ويبدو واقع البرلمان الذي تسيطر عليه كل من كتلة الميثاق وائتلاف قوى التغيير وكأنه يصب في صالح هذا المنحى.

ان هذا الوضع في اعتقادي كفيل بجعل الاستقرار وقدرة الرئيس المنتخب على الوفاء بالتزاماته في غاية الصعوبة. اذ ان كلا من الفرضيتين واردة ولها مؤيداتها كما بيَّنا، ولكني أميل الى الاعتقاد أن السيناريو الأول أكثر احتمالاً من غيره، ذلك أنه وان كان صحيحا أن الرئيس الجديد كان مدعوما بقوة من طرف كتلة الميثاق، وهو ما مكنه من التأهل للشوط الثاني، الا أن ما ضمن له الفوز في النهاية هو دعم حزب التحالف الشعبي التقدمي بقيادة مسعود ولد بلخير (من أحزاب المعارضة السابقة).

واذا ما تسلم ولد بلخير منصب الوزير الأول كما تشير بعض التوقعات فان ذلك ينفي بشكل قاطع امكانية عودة الحياة السياسية الى ما كانت عليه قبل التغيير (منطق الثنائية المعروفة).

من جهة أخرى فان الرئيس الجديد المستقل الذي يرفع شعار التغيير الهادئ والمسؤول يبدو وكأنه بمثابة نقطة الوسط بين الطرفين.

كما أن الملفات الشائكة التي رحلت الى ما بعد الانتخابات نتيجة تعقيدها، رغم الأجواء الايجابية التي طبعت الفترة الانتقالية، تجعل فرضية استمرار التعاون والمشاركة مرجحة أكثر من غيرها، فالتعامل مع تلك الملفات وفي مقدمتها ملف المبعدين تتطلب برأيي قدراً من الاجماع والتعاون من كافة الأطراف.

وهكذا نصل الي نتيجة مفادها أن الفترة المقبلة لا تحمل في أقل تقدير أي مخاطر على ما تحقق من مكاسب.


"القدس العربي"

التعليقات