31/10/2010 - 11:02

الرئيس العاشق والرئيس المارق/ شوقيه عروق منصور

-

الرئيس العاشق والرئيس المارق/ شوقيه عروق منصور
لم اتفاجأ من عشق الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي ، هذا العشق الذي اندلق وتهافت وتجمع أمام وسائل الإعلام ليصور قصة حب جديدة يمر بها الرئيس الفرنسي الذي يريد إزاحة القناع المتجهم عن وجه فرنسا وإعادة التوهج للخدوش التي أصابت نعومة الجلد الفرنسي .
( من أول غزواته كسر عصاتو ) مع أول خطواته داخل قصر الاليزيه طلبت زوجته سيسليا الطلاق ، وهنا نعترف بشجاعة هذه الأنثى التي رفضت السير في انبهار الأضواء والسلطة وفضلت الهروب من فخ الفساد والكذب ولم تقم باستغلال رجل تكرهه حتى لو كان رئيساً اختاره الشعب الفرنسي ديمقراطياً ، لكن هي رفضته كزوج وفضلت عليه رجلاً من عامة الشعب ، وهنا نقارن شجاعة قرارها بمئات النساء اللواتي يعشن تحت ظلال زوج ــ رئيس أو مسؤول ــ بالكذب ويقبلن بالخيانات وطوابير الزوجات المتراكمات في خانات الشرع والدين والتغير والغنى والسلطة ..
ساركوزي العاشق ينشر عشقه على الملأ ، لا يخبئ عشقه لعارضة الأزياء ( كارلا بروني ) ذات الجذور الايطالية ، وإمعانا في مواصلة درب حبه اصطحب كارلا إلى رحلات سياحية أثريه ، إلى مصر والأردن ، ولا نعرف ألحكمة من نشر حبه العلني في أماكن أثريه ، مثل الاقصر وأسوان ، ولكن الذي نعرفه أن تصرفاته وسلوكه ذكرتنا بمراهقي الطفولة ، أي الذين يخرجون من أكمام الطفولة إلى نزق المراهقة دون المرور بالدهشة الممزوجة بالخجل .. ساركوزي لا يكفي أنه برفقة كارلا ، بل يريد أن يحول تصرفاته إلى انتباه وسرق اللقطات عبر كاميرات ترصد الحدث الغرامي .. ليس بالضرورة أن تفترس الصحف الصفراء الرحلات ، بل ساركوزي يتمتع بأن يقدم لها صوره مع كارلا على العلن وبين الآثار وتحت ألأضواء وأشعة الشمس ....
نحن لسنا ضد العشق والعشاق .. بل أدبنا العربي مليء بمخزون وكنوز من القصص والقصائد التي تمجد الحب وترفعه إلى مصاف القداسة ، وعندنا من أسماء العشاق قوائم لا تعد ولا تحصى ، لكن أن يأتي رئيس دولة غربية ويتصرف في بلد عربي محافظ يعتبر سلوك أي فرد مقياساً لتماسك المجتمع وأي إخلال في تصرفه يعتبر خرقاً للأخلاق وتنصب له المشانق .. بهذا الاستخفاف الرئاسي ويحول أيضاً رجال الأمن إلى حاملي مراوح " يهفون " بها أمام وخلف العاشقين لإيجاد مناخ ربيعي يناسب عشقهما ، لقد كان رجال الأمن مثل عاملات النحل في الخلية التي تحرك أجنحتها لتلطيف الجو حول الملكة ، دون أن يُوجه لساركوزي وكارلا اعتراض على صور المبالغة في العناق والاحتضان ، وفي النهاية لا يضمهما أي وثاق شرعي يحمي الإطار الرئيسي من تهكم ألعامة - لو قام أحد المواطنين بهذا التصرف لاعتقلته شرطة الآداب - لكن تصرف ساركوزي يؤكد المثل الشعبي (فضيحة الغني ــ الرئيس ــ وموت الفقير مثل بعض لا أحد يشعر بهما ) .
ساركوزي قد يمارس حريته في شوارع فرنسا ولكن عندما يكون ضيفاً على الشعوب الاسلامية عليه أن يحترم العادات والتقاليد وأطرها الدينية والاجتماعية ..
لقد وضع تصرف ساركوزي العصا في عجلة التقاليد وأصبح عهره فخراً يمر بين الآثار ...
أما الرئيس " المارق " على التاريخ العربي بعنجهية وغرور ومرحلة " بوشية " ستسجل بالدم على الجسد المثخن بالجراح وكم كان العبث " البوشي " " قاسياً " .. الرئيس بوش سيزور إسرائيل وبعض الدول العربية التي ستستقبله بالأحضان والسجاجيد الحمراء ، دون أن نرى مظاهرة أو رفع شعارات تندد بتصرفه وسياساته تجاه القضايا العربية ، خاصةً العراق الممزق ، ( بوش يستقبل في جميع الدول التي يزورها بالمظاهرات والاحتجاجات إلا في الدول العربية ) سيزور ويتمتع ويحصل على الهدايا والقبلات ثم يرجع إلى بلاده .. ضارباً عرض الحائط لجميع الأحضان والابتسامات العربية ، نتمنى أن نسمع صرخة احتجاج حتى لو كانت أغنية ، رحم الله الشيخ إمام الذي غنى عندما زار الرئيس الأمريكي نيكسون مصر ... فقد استهزأ من هذه الزيارة فغنى أغنيته الشهيرة ( شرفت يا نيسكون بابا يا بتاع الوترغيت ) أو عندما غنى للرئيس الفرنسي السابق الذي زار مصر أيضاً ( فاليري جيسكار دستان والست بتاعه كمان ، جايبين الديب من ذيلو وحيشبعوا كل جوعان ) ...
لا جابوا الديب من ديله ولا شبعو الجوعى ... فماذا تتوقع الآن من بوش وساركوزي ، وساركوزي الذي لم يخف فرحه عندما قال :
( إن إسرائيل معجزة القرن العشرين )

التعليقات