31/10/2010 - 11:02

الفلسطينيون واللعب بالنار!../ مصطفى إبراهيم*

الفلسطينيون واللعب بالنار!../ مصطفى إبراهيم*
اللعب بالنار اسم العرض الفني الذي قدمته الفرقة الفرنسية "الحرباء" مساء الثاني من شهر رمضان في منطقة الشاليهات سابقاً، الأقصى حالياً على شاطئ بحر غزة.

العرض قدمه خمسة راقصين، وثلاث راقصات، اضطروا للانتظار خمس ساعات على حاجز "إيرز" لحين السماح لهم الدخول من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي. وكان لعباً بالنار وشاهده عشرات الأطفال، الذين لم يخفوا خوفهم في بداية العرض، إلا أنهم سرعان ما اندمجوا مع الراقصين وفهموا الهدف من اللعب والرقص بالكرات والأدوات الملتهبة التي استخدمها الراقصون.

تمكن الفرح من دخول قلوب الأطفال وذويهم ساعة من الزمن في مكان لا يبعد 500متر عن مكان انفجار الشاطئ الذي أدى إلى مقتل خمسة مقاتلين من كتائب القسام وطفلة، وما تلاه من تداعيات.
منذ تفجير الشاطئ وعلى رغم الألم والخوف والقلق مرت الأيام بسرعة.
عشرات الجمعيات الأهلية ما تزال مغلقة، والعشرات من أعضاء "فتح" ما يزالون معتقلين، وأول مرة تعترف حركة "حماس" أن أولئك المعتقلين هم معتقلون سياسيون.
منذ شهر والمعتقلون يقبعون في سجون تابعة للحكومة في غزة، وهم رهائن إلى حين الإفراج عن معتقلي "حماس" في الضفة الغربية الذين وصل عددهم 260معتقلاً لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية منذ بداية العام الجاري.

الأحداث في فلسطين لم تتوقف عند ذلك الحد، بل تخطت كل الخطوط الحمر، فالمتصارعون يفتحون النار على أنفسهم بكل الوسائل والأدوات، وكل طرف يحاول الرد على الآخر بما يملك من أدوات على الأرض التي يسيطر عليها، من دون الأخذ في الاعتبار أن الشعب الفلسطيني سئم الاستهتار بالمصلحة الوطنية، والقيام بأعمال لا تخدم إلا مصالح وأطراف دولية وإقليمية سعيدة بما يجري في فلسطين، ومل التناحر واللعب بالنار، نار تحرق الأخضر واليابس، على عكس نار الراقصين الفرنسيين التي غمرت نفوس أطفالهم بالبهجة والسرور.

كلُ يتحين الفرصة لضرب الآخر تحت الحزام، الفرصة جاءت للبعض من أهل را م الله للانتقام من أهل غزة.
حركة التنقلات التي قامت بها وزارة التربية والتعليم في الحكومة في غزة في صفوف المعلمين، وصفها هذا البعض بالتعسفية، ولنفترض أن جزءاً منها تعسفي استهدف معلمين ينتمون لحركة "فتح"، فهل يكون الإعلان عن الإضراب عن العمل هكذا من دون إنذار أو خطوات تحذيرية؟

ومن دون الاستمرار في التفاوض، يُمدد الإضراب أسبوعين آخرين، ويتذكر أهل رام الله أن هناك موظفين فصلوا من وزارة الصحة في غزة، فيمدد الإضراب ليشمل القطاع الصحي المنهار أصلاً، ويتم إضافة عبء جديد على الفلسطينيين في قطاع غزة، ويتم التهديد بالفصل من الوظيفة وقطع الراتب للموظفين غير الملتزمين. صحيح أنه لم تقطع رواتب هذا الشهر إلا أن التهديد ما يزال قائماً.

يجري ذلك ودعوة الحوار من مصر ما تزال تراوح مكانها، والمعلومات التي تصدر عن وفود الحوار العائدة من مصر إلى غزة لا تبشر بخير، فقط نسمع عن تهديد للفلسطينيين، هذه الفرصة الأخيرة لكم، لديكم شهران للاتفاق، وإلا ستكون العاقبة وخيمة. ويجري ذلك أيضاً والرئيس محمود عباس يصر على أن هناك تقدماً في المفاوضات المكثفة وتقدما في قضايا مركزية على جدول الأعمال، وان النية لمواصلة المفاوضات بشكل مواز لاستبدال السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية مستمرة، المفاوضات مستمرة من دون توقف على رغم أن الشريك إيهود أولمرت ذاهب إلى بيته من غير رجعة، ولا أحد يعلم السر في تمسك عباس وفريقه في المفاوضات، وما هي تلك البطولات التي يتحدثون عنها؟

وعلى رغم ذلك فالاحتلال مستمر في حصار غزة وتستمر الاعتقالات والاستيطان وبناء الجدار وقمع المحتجين على بنائه.

سيستمر الفلسطينيون في اللعب بالنار من دون الأخذ في الاعتبار أن الوقت يمر وهم يعلمون أنهم يقومون بذلك عن وعي كامل، يعززون الانقسام ويعمقونه، فيما دولة الاحتلال لا تتوقف عن تعميقه أيضاً، ولن تقدم للرئيس عباس سوى وعود، وتكرس يومياً عدم جديتها في الحل، وستستمر في وصفه بأنه ضعيف ولا يمتلك الشرعية، وانه المساهم الأكبر في استمرار حصار غزة، ولن تتوصل معه إلى حل من خلال مفاوضات أبداً، ولن تكون مرغمة على التوصل لأي اتفاق من دون مقاومة فلسطينية شاملة لديها إستراتيجية وطنية متوازية مع مفاوضات حقيقية.

فالرئيس عباس وحركة "حماس" مطالبان ببدء الحوار والمصالحة الوطنية الشاملة من دون حجج أو شروط، ومن دون انتظار أطراف عربية أو دولية، وبعيداً عن اللعب بمصالح الشعب الفلسطيني ومصيره، وبنار تحرق قلوبهم، ولا تدعهم يستمتعون وأطفالهم بألعاب النار الفرنسية.

التعليقات