31/10/2010 - 11:02

المدافع العظمى الثلاثة لقطر!./ زكريا محمد

المدافع العظمى الثلاثة لقطر!./ زكريا محمد
تمتلك قطر ثلاثة مدافع عملاقة؛ كل واحد منها أكبر من المدفع العملاق الذي طمح صدام حسين يوما لبنائه. هذه المدافع الثلاثة حولت قطر من دويلة صغيرة إلى قوة ذات تأثير جدي في محيطها الإقليمي:

المدفع الأول: قناة الجزيرة. ولست بحاجة إلى أن اثبت أهمية هذا المدفع، ولا أنا بحاجة إلى ان أثبت انه مدفع صمم ببراعة من أجل خدمة دولة قطر.

المدفع الثاني: الشيخ القرضاوي. فقد تمكنت دولة قطر من تحويل الشيخ القرضاوي، والمؤسسات التي يقودها، إلى مدفع عملاق آخر، حاز بمعونة الجزيرة، على سلطة دينية هائلة. وهي سلطة جعلت الأزهر ذاته في لحظات معينة يبدو صغيرا وتافها أمامها. ففي الأيام الأخيرة مثلا، أرغم الأزهر على عقد لجانه كي يرد على فتوى القرضاوي حول جدار غزة الفولاذي المصري. وهكذا فقد ضمنت دولة قطر لنفسها (أزهر) فعالا يقع مركزه في الجزيرة العربية!

المدفع الثالث: الغاز. فمن دون هذه الثروة ما كان للمدفعين السابقين ان يكونا بهذا الحجم وبهذه القوة. الغاز هو الأرضية التي نشأ عليها المدفعان العملاقان السابقان.

بهذه المدافع الثلاثة وضعت دولة قطر نفسها على الخارطة.

لكن علينا أن نلفت الانتباه على أن هناك مدفعا رابعا خفيا لم يكن للمدافع الثلاثة ان تشتغل من دونه. هذا المدفع هو الأخذ بعين الاعتبار مزاج الناس وعواطفهم ومصالح المنطقة، وعلى الأخص في ما يتعلق بإسرائيل، عند تشغيل المدفعين الأولين. وبغض النظر عن السبب الذي جعل قطر تأخذ هذه الأمور بعين الاعتبار، فإن واقعة أنها أخذت بعين الاعتبار هو المهم.

وهذا هو ما ينقص السعودية بالذات. فالسعودية تملك مدفع النفط الذي هو أكبر من مدفع الغاز القطري بكثير، كما تملك مدفعها الديني الذي كان في لحظات كثيرة يمثل المدفع الأكبر في المنطقة. لكن هذه المدافع لا تشتغل بشكل جيد لأن الناس، ناس المنطقة عموما، تفتقد إلى الإحساس بأن السياسة السعودية تأخذ بعين الاعتبار مشاعر الناس، ومصالح المنطقة بعين الاعتبار.

ثم إن المملكة السعودية صارت مرغمة على تعديل مدفعها الديني تحت ضغط ما بعد أحداث سبتمبر 2001. أي أن المدفع الديني لم يعد يعمل بكفاءة في الظروف الجديدة.

كان هذا المدفع فعالا حين كان استخدم بتماسك لصالح أمريكا والغرب في ثمانينيات القرن الماضي، أي ضد التدخل السوفيتي في أفغانستان، وفي الستينيات ضد عبد الناصر.
أما قناة العربية، فقد أريد لها ان تكون مدفعا عملاقا مثل الجزيرة. لكن هذا المدفع لم يعمل بطاقة مناسبة. ونقطة ضعفه أنه عاكس مزاج الناس، ناس المنطقة، وداري ما يظن هؤلاء الناس أنهم أعداؤهم. أدى هذا إلى أن العربية لم تتمكن من أن تصبح مدفعا عملاقا. كل ما استطاعت ان تصل إليه هو مدفع تقليدي من عيار 155 ملم لا غير.

أما مصر فحدث ولا حرج!
مدفعها القديم، الأزهر، فقد سلطته وسطوته. وقلة من الناس هي التي تنتظر رأيه. أما قنواتها الفضائية وصحفها القومية فقد امتطاها ردّاحون لا يقنعون أحدا. فهم يطلقون طلقات لم تعد تستعمل في زماننا هذا. إنها مستهلكة مثل النظام المصري ذاته. أي أنها بلا تأثير في الواقع.

وحتى عمرو موسى الذي كان مدفعا احتياطيا يتم تشغيله عند اللحظات القصوى فلم يعد يعمل. لقد نفسه أردوغان التركي حين نهض محتجا على بيريس. منذ تلك اللحظة لم يعد هذا المدفع يعمل بالمرة.

وهكذا لم يتبق عند مصر سوى مدفع واحد: أبو الغيط، وزير الخارجية الهمام، بغضباته، وتهديداته بكسر الأرجل.
فطوبى لمصر، وطوبى لمدفعها العظيم!

التعليقات