31/10/2010 - 11:02

باراك يعيد إنتاج مقولة"ليس هناك شريك!../ نواف الزرو

باراك يعيد إنتاج مقولة
مرة أخرى وبعد نحو ثماني سنوات كاملة يطل علينا زعيم العمل ووزير الحرب الإسرائيلي مجددا ليعيد إنتاج مقولة "ليس هناك شريك فلسطيني"، تلك المقولة التي ليس فقط دمرت آنذاك عملية المفاوضات، وإنما جيشت المجتمع السياسي الإسرائيلي بكامله من أقصاه إلى أقصاه وراء الحرب الشاملة التي أعلنها هو على الشعب الفلسطيني الذي فجر بدوره انتفاضة الأقصى، وتواصلت بحملة السور الواقي التي أعلنها شارون عام/2002، فقد أعلن باراك "انه لا يرى في الأفق أية إمكانية للتوصل إلى اتفاق حول التسوية الدائمة للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني حتى نهاية السنة الجارية كما يأمل ذلك رئيس الوزراء، إيهود أولمرت، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس والإدارة الأميركية 2008/8/9".

وكشف باراك، الذي كان يتحدث أمام مجموعة من مؤيديه رؤساء البلديات الإسرائيلية، انه نقل رأيه إلى الإدارة الأميركية، وقال "إن وضع الشعب الفلسطيني اليوم يدل على انه غير مؤهل لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعصرية، فليس عندهم سلطة حقيقية يستطيع الشعب الاعتماد عليها، وخير دليل على ذلك الانقلاب العسكري الذي نفذته حماس في قطاع غزة، وجعلت من المناطق المرشحة لتكون أرض الدولة الفلسطينية عبارة عن "دويلتين في الحفاظ"، ولا يوجد أي استقرار في هاتين الدويلتين، ولا توجد لديهما سلطة قانون واحدة ".

ولم يبق باراك وحيدا، فقد انضم إليه الجنرال شاؤول موفاز ليعلن في محاضرة ألقاها مؤخرا في العاصمة الأمريكية: "أن لدى الفلسطينيين قيادتين الأولى وصفها بالإرهابية؛ إرهابية في غزة والثانية سلطة عاجزة في رام الله، وبالتالي لا مفاوضات مع سلطتين وقيادتين بل مع قيادة واحدة على أسس جديدة الأهم فيها، هو الأمن الإسرائيلي ثم إصلاح الوضع الاقتصادي الفلسطيني/ فلسطين اليوم – 10 / 08 / 2008".

ثم لتلحق بهما وزيرة الخارجية تسيبي ليفني لتعلن بدورها: "بأنه لا يجوز التوصل إلى اتفاقات مع الفلسطينيين تحت ضغط "الجداول الزمنية"، مبينة أن خطوة من هذا القبيل تسبب خطأ استراتيجيا قد يؤدي إلى تفجر الموقف والى أعمال عنف/وكالات/14 / 08 / 2008".

تحملنا هذه التصريحات المتجددة إلى جذور وخلفيات الحرب الإسرائيلية على الرئيس المرحوم عرفات واعتباره "ليس ذا صلة" و"لم يعد شريكا في عملية السلام"...!
وكذلك إلى محطة الكامب -2- التي فشل الجنرال باراك فيها في فرض شروطه واشتراطاته التسووية على عرفات والوفد الفلسطيني.. والتي تكرس في أعقابها الفكر السياسي الإسرائيلي الاغتيالي تجاه عرفات، وتجاه الشريك الفلسطيني في المفاوضات..!!

فليس من قبيل المبالغة القول إن الحرب العدوانية الإسرائيلية التي أعلنها باراك على الشعب الفلسطيني وواصلها شارون بعده ثم أولمرت حتى اليوم، انبثقت من رحم الأجواء المعادية للفلسطينيين التي نجح باراك في صناعتها على مدى أيام مفاوضات كامب ديفيد.

فحسب المحرر السياسي في صحيفة "هآرتس" ألوف بن فقد " نجح باراك-آنذاك- في إقناع مبلوري الرأي العام في إسرائيل وواشنطن أن الرئيس عرفات دمر المسيرة السلمية عندما رفض اقتراح إسرائيل السخي، وهذه الصورة تعتبر ثروة سياسية قيمة خدمت ورثة باراك شارون وشمعون بيريز- واولمرت-، وحتى أن إسرائيل لم تعد تتعرض لضغوطات لتقديم تنازلات جوهرية، ولا تقول أي جهة دولية: "أخرجوا من الحرم وأعيدوا اللاجئين وسيحل الهدوء حينها".

كما " أن الانتقادات والضغوطات السياسية على حكومة شارون -قبل الجلطة- تمحورت حول الخطوات العسكرية التي اتخذها أو حول مسائل هامشية مثل وضع مراقبين في المناطق، كما أن تقسيم القدس الذي كان في مركز مداولات كامب ديفيد عاد إلى جوارير النـزاع، وإعلان الدولة الفلسطينية الذي بدا أنه لا مفر منه أرجئ إلى إشعار آخر، وكذا أيضاً تنفيذ الاتفاقيات الانتقالية والانسحاب الآخر من الضفة وهو ما عارضه باراك منذ عهد اسحق رابين.

وكانت الخطوة الحاسمة التي قام بها الوفد الإسرائيلي في كامب ديفيد هي تسريب اقتراح السلام الأمريكي الذي عرض على باراك وعرفات والكشف عن أن رئيس الوزراء وافق على قبوله كأساس للمداولات فيما قال الزعيم الفلسطيني "لا".

لقد وضع الكشف عن تفاصيل الاقتراح في إسرائيل ثم في وسائل الإعلام الأمريكية، في ذروة القمة، كلا من باراك وكلينتون في نفس الجانب أمام عرفات الرافض كما أنه سمح لباراك بأن يعرض تنازلاته على أنها استسلام للضغط الأمريكي لو تم إنجاز الاتفاق، ويقدر مقربون من باراك بعدما حدث أن نشر الاقتراح فرض أطواقاً على الرئيس الضيف ودفعه إلى إلقاء تهمة الفشل على الجانب الفلسطيني ومنح رئيس الحكومة الإسرائيلي شهادة امتياز.

أما أبرز العناوين التي وظفها باراك في حملة التقييم والتشويش والتضليل الإعلامية التي شنها بصورة مخططة مبيتة منسقة مع الأمريكيين ضد عرفات والفلسطينيين بهدف إدانتهم وتحميلهم مسؤولية الفشل فهي كما نشرت في عدة مصادر إعلامية إسرائيلية بالأساس:

1 - أن باراك لم يترك حجراً إلا وقلبه من أجل تحقيق السلام.
2 - أن باراك ذهب في كامب ديفيد إلى ما هو أبعد مما ذهب إليه أي رئيس وزراء إسرائيلي سابق.
3 - أن الإسرائيليين يعطون ويعطون ويعطون في كل الأوقات، بينما لا يعطي الفلسطينيون شيئاً.
4 - وكيف يمكن للمرء أن يعقد سلاماً مع الفلسطينيين بينما هم يخرقون كل اتفاقية.
5 - وأن عرفات نسف قمة كامب ديفيد.
6 - وأنه لم يعد هناك شريك للسلام في الجانب الفلسطيني.

وفي أعقاب ذلك باتت الصيغة الاتهامية التحريضية القائلة "إن باراك قدم عرضاً سخياً وعرفات رفضه وبدأ في أعمال العنف"، هي الصيغة المهيمنة على الرأي العام الإسرائيلي بشكل خاص والأمريكي والغربي بشكل عام، بل يمكن التأكيد أن المجتمع السياسي الإسرائيلي من أقصى يمينه إلى أقصى يساره التف وما يزال حول هذه الصيغة الباراكية، التي قادت لاحقاً إلى شبه إجماع إسرائيلي أيضاً على " أنه لا يوجد شريك سلام لإسرائيل"، وبالتالي على الإسرائيليين "أن يستعدوا لمواجهة طويلة مع الشعب الفلسطيني غير المستعد للسلام".

ما يستدعي من الفلسطينيين والعرب مراجعة أولوياتها والاستعداد من جديد للمرحلة القادمة التي سيقود السياسة الإسرائيلية فيها إما ليفني أو موفاز أو نتنياهو أو حتى باراك، وجميعهم يتفقون على "عدم وجود شريك فلسطيني" وعلى "أن الفلسطينيين غير مؤهلين للدولة"..الخ.

التعليقات