31/10/2010 - 11:02

بعد اغتيال مغنيه، هل باتت المواجهة العسكرية حتمية؟../ راسم عبيدات

بعد اغتيال مغنيه، هل باتت المواجهة العسكرية حتمية؟../ راسم عبيدات
... سماء المنطقة تتلبد سريعاً بغيوم المواجهة العسكرية، وكل الدلائل والمؤشرات والتقارير الاستخباراتية تشير إلى أن أمريكا وإسرائيل ومعهم العديد من الأطراف العربية الرسمية، عقدوا ويعقدون لقاءات أمنية على مستوى عال، بهدف إعادة رسم خارطة المنطقة، منطقة الشرق الأوسط، من خلال توجيه ضربات عسكرية قاصمة لقوى المقاومة والممانعة والمعارضة العربية، وخصوصاً أن التقارير الاستخباراتية الروسية والفرنسية تشير إلى أن الإدارة الأمريكية باتت في حالة من الجنون، وأنها في إطار هذه الحالة تستعد لشن حروب أكبر في المنطقة، وأن هاجس التخلص من إيران وسوريا وقوى المقاومة لم يعد هاجساً إسرائيليا فحسب، بل هاجسا أمريكيا بالأساس، ناهيك عن أن معلومات وصلت لفصائل المقاومة الفلسطينية قبل اغتيال الشهيد مغنية بأسبوع، تقول بأن لجنة أمريكية – إسرائيلية مركزية تشكلت في تل أبيب وواشنطن، وهي تعمل على إطلاق مرحلة متقدمة من مشروع مواجهة سوريا وإيران والمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، وبحيث تطال هذه الضربات قوى المقاومة الجهادية في فلسطين (حماس والجهاد الإسلامي) وحزب الله اللبناني، وقوى المقاومة العراقية وسوريا الخ..

وقد رسمت عدة خطط وسيناريوهات للتنفيذ، وخصوصاً بعد أن فشلت كل الضغوط العسكرية والسياسية بعد حرب تموز2006، في تطويع ولجم حزب الله وتقليص مناطق سيطرته ونفوذه في لبنان، وأيضا بعد أن فشلت سياسة الحصار والتجويع في تطويع ولجم قوى المقاومة في قطاع غزة تحديداً، وكذلك منع مواصلة إطلاق الصواريخ على المستعمرات الإسرائيلية.

كل هذا يجعلنا نقول أن عملية اغتيال الشهيد مغنية، أحد أبرز القادة العسكريين في حزب الله، قد تكون ثمرة تعاون استخباراتي أمريكي – إسرائيليي وبمشاركة من أجهزة أمنية عربية رسمية مباشرة، وهذه التصفية قد تكون مقدمة لسلسلة من عمليات التصفية والاغتيال تطال قادة أساسيين في حزب الله وحماس والجهاد في لبنان ودمشق وغزة، وحتى اللحظة الراهنة فإن ما يرشح من سيناريوهات محتملة، يشير إلى الآتية:

على صعيد قطاع غزه: المؤسسة العسكرية وعلى رأسها باراك وأشكنازي، يقولون انه لا مناص من عملية عسكرية واسعة في القطاع، يتم فيها القضاء على قوى الممانعة والمقاومة الفلسطينية هناك، وعلى أن يتم العمل على تسليم القطاع بعد انتهاء العمليات العسكرية، وانسحاب الجيش الإسرائيلي منه إلى دول عربية وإسلامية غير معادية لإسرائيل مثل تركيا وماليزيا والأردن وقطر وغيرها، ولاحقاً يجري تسليمها لسلطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على أن يترافق ذلك بالعمل على تصفية قادة التنظيمات الأساسيين مثل مشعل والزهار وهنية وشلح والهندي وغيرهم من قادة الفصائل الأخرى في دمشق وغزة.

أما على الصعيد اللبناني ، فكل التقارير العسكرية الاستخباراتية، تقول إن أحد المداخل الهامة لتوريط حزب الله، وبالتالي العمل على ضربه وإضعاف تأثيره وقدراته، لن يتأتى إلا من خلال تفجير الوضع الداخلي اللبناني، ونحن على هذا الصعيد نشهد حملة لبنانية، تشنها قوى الرابع عشر من آذار على حزب الله، ووصل الأمر ببعض أطراف هذه القوى إلى الدعوة علناً إلى الحرب الأهلية والدعوة لاستقدام قوات دولية إلى لبنان، ناهيك عن عودة التنسيق بين بعض أطرافها وبين إسرائيل، وكذلك تحميل حزب الله المسؤولية عن فشل المبادرة العربية، بتنسيق أمريكي- فرنسي وبعض الدول العربية الرسمية، وإغراق الساحة اللبنانية في مسلسل اغتيالات وتصفيات تطال قادة في حزب الله. وكل ذلك يجب أن يترافق مع دعم أمريكي وغربي لحكومة السنيورة.

ولعل عملية اغتيال الشهيد القائد مغنية كانت في إطار استباقي لما تخطط له أميركا وإسرائيل للمنطقة، حيث أن الإسرائيليين بعد انتهاء حرب تموز/2006، والتي لم تفلح في تحقيق نتائج عسكرية تذكر، بل جاءت لجنة "فينوغراد" لتؤكد ما قاله حزب الله بأنه حقق نصراً عسكرياً واستراتيجياً على إسرائيل في هذه الحرب، والتخطيط بني على أساس سياسة تقطيع الرؤوس، للتعويض عن الهزيمة التي مني بها الجيش الإسرائيلي، وعملية اغتيال الشهيد القائد مغنية، لم تكن بالأساس قراراً إسرائيليا،بل عملية بهذا النوع والحجم لا بد أنها تحتاج لمصادقة في أعلى المستويات السياسية، والتي بدورها نسقت مع أمريكا وأطراف عربية رسمية أخرى، كونها تأتي في سياق استراتيجي. واعتقد أن الرد على هذه العملية سيأتي في إطار هذا السياق،أي الرد سيتم تنسيقه بين سوريا وإيران وحزب الله وقوى المقاومة الفلسطينية، والرد لن يكون في إطار ثأري وانتقامي فقط، بل أن تداعيات هذا الرد ربما ستطول المنطقة بأكملها، وضرورة هذا الرد تكمن في أن حرب تموز/2006، خلقت توازن ردع وهذا التوازن، حزب الله وقوى المقاومة والممانعة سوريا وإيران غير مستعدة للتخلي عنه. ولعل ما قاله الشيخ حسن نصرا لله في كلماته وخطاباته أثناء تشيع جنازة الشهيد القائد مغنية، إن أرادوها حرباً مفتوحة فلتكن حرباً مفتوحة، وكذلك التقارير أشارت إلى أن نصر الله قد ذهب ليلة الرابع عشر من شباط إلى روضة الشهيدين، وجلس عند قبر عماد مغنيه، وقرأ الفاتحة وخاطبه قائلاً "لا تحتاج مني إلى قسم، لن نترك لهم مجالاً لكي يندموا على جريمتهم".

هذا بالنسبة لقوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية، أما بالنسبة لسوريا وإيران، فنحن نشهد حملة تحريضية مكثفة، تشنها إسرائيل وأمريكا وأوروبا الغربية، على هذين البلدين وتحديداً حول الدور السوري في لبنان، ومنع انتخاب رئيس لبناني خارج إطار الدستور والتوافق اللبناني، والوقوف ضد المصالح الأمريكية في لبنان وتحويله إلى مزرعة، تدار من قبل السفارة الأمريكية في بيروت، ولعل ما أعلنته عنه أمريكيا من تجميد لأرصدة أحد رجال الأعمال السوريين يندرج في هذا السياق، ومقدمة لفرض عقوبات اقتصادية وتجارية ومالية على سوريا من خلال مجلس الأمن وغيره. وكذلك تردد بعض أنظمة النظام الرسمي العربي بحضور القمة العربية التي ستنعقد في سوريا شهر آذار من العام الحالي، له علاقة أيضاً بهذا الموضوع، أما فيما يتعلق بإيران فحملة التحريض الإسرائيلي- الأمريكي- الأوروبي الغربي، على برنامجها النووي فهي تتصاعد يوماً بعد يوم، مع مطالبات بتشديد العقوبات الاقتصادية والمالية والتجارية عليها، مع تلويح باستخدام القوة العسكرية ضدها، وهذا التلويح والتهديد، له علاقة بالدور الإيراني الإقليمي، الذي يتنامى يوماً بعد يوم، وعلى أكثر من ساحة من أفغانستان وانتهاء بفلسطين، وبما يشكل مخاطر جدية على الدور والوجود الأمريكي، والذي يرى في تلك المنطقة، منطقة نفوذه وخيراته، والتي لا يسمح بدخولها لأية أطراف إقليمية ودولية أخرى.

ومن هنا فإن عملية اغتيال الشهيد القائد مغنية، تشير إلى أنها مقدمة لما ستشهده المنطقة من تطورات عسكرية في الثلاثة أشهر القادمة، هذه التطورات ستكون دراماتيكية وتحديداً لسوريا وإيران، فإما أن تنتصر قوى المقاومة والممانعة وتفرض دورها ووجودها وحضورها، وإما أن تذبح تلك القوى، وبما يفسح المجال أمام سقوط المنطقة بالكامل تحت القبضة والسيطرة الأمريكية، وما يترتب عليها من تفتيت للكيانات السياسية العربية، وإغراقها في دائرة الحروب العرقية والطائفية والمذهبية والقبلية والجهوية والعشائرية، وأيضاً استفراد إسرائيلي كامل بالمنطقة العربية.


التعليقات