31/10/2010 - 11:02

تبادل السفراء../ ساطع نور الدين

تبادل السفراء../ ساطع نور الدين
لا بد من الاقلاع فورا عن طلب اقامة علاقات دبلوماسية بين لبنان وسوريا، وسحب هذا البند من جدول الاعمال اللبناني السوري الذي فتح مؤخرا بشكل موارب وملتبس، والدخول في جوهر نقاط الخلاف بين البلدين التي لا يمكن ان يحلها سفير لبناني في دمشق او سفير سوري في بيروت مهما كانت رتبتهما الدبلوماسية او الأمنية مرتفعة.

التمسك اللبناني بهذا الطلب الذي رفع في لحظة غضب وتوتر امني شديد بين العاصمتين، صار مسيئا ويمكن ان يصبح عقبة جدية امام الصلح المفترض، بدل أن يكون مقدمة ضرورية له، حسبما تفترض باريس التي ترعى في هذه المرحلة ازالة اسباب الاضطراب في العلاقات الثنائية اللبنانية والسورية، وتعتبر ان رفع العلم السوري على احد مباني بيروت والعلم اللبناني على احد مباني دمشق يمثل اختراقا رئيسيا، وانتصارا حاسما لدبلوماسيتها ودبلوماسية جميع الدول العربية والأجنبية التي تتبرع اليوم لحماية البلد الصغير من الأخ الاكبر.

ثمة حاجة ماسة الى تطبيع العلاقات بين بيروت ودمشق، وازالة الاثار الكاملة لثلاثين سنة مضت من الادارة السورية المباشرة والتفصيلية للوضع اللبناني، التي حظيت بتغطية شرعية من قبل تلك الدول العربية والأجنبية الراغبة اليوم في أن تحصل على صور تقديم أوراق اعتماد السفيرين اللبناني والسوري في كلتي العاصمتين، من اجل أن تزعم أنها وفرت ضمانة لاستقلال لبنان الخيالي وسيادته الوطنية الافتراضية... مع علمها المسبق أن مثل هذه الصور تأتي في العادة نتيجة مسار طويل يرسم الحدود المشتركة وينظم الصلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وينتهي بتكليف أفراد السلك الدبلوماسي والأمني بمتابعة التنفيذ، وحضور المناسبات الرسمية...

لا يمكن لأحد من اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم، لا سيما الموالين منهم، أن يدعي ان الخارج العربي أو الدولي ساعد لبنان خلال السنوات الثلاث الماضية التي أعقبت اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كما كان يستحق أو يتمنى، بحيث يمكن أن يتمسك بهذا الطلب الاستعراضي، ويقدم مثل هذا المكسب الدبلوماسي لباريس أو لغيرها من العواصم التي تشجع لبنان اليوم على ان يقيم علاقات دبلوماسية مع سوريا... متجاهلة حقيقة ان هذه الأعلام اللبنانية والسورية مرفوعة فعلا في العاصمتين، ومعها صور بعض القيادات والرموز، وكذلك على نقاط الحدود الرسمية التي يجتازها المواطنون بالالاف يوميا في الاتجاهين وتنقل عبرها السلع والبضائع في الاتجاهين ايضا.

تبادل السفراء كان ولا يزال يقع في ادنى سلم الاولويات والهموم اللبنانية السورية المتبادلة، التي تخطت منذ زمن بعيد فكرة الاعتراف السوري باستقلال لبنان، وباتت مركّزة على العلاقة بين نظامين سياسيين كانا منذ اللحظة الاولى وحتى في ذروة الهيمنة السورية واليوم طبعا يسيران في اتجاهين متعارضين، لا يلتقيان الا في لحظة التثبت من ان الجبهة اللبنانية مع العدو الاسرائيلي كانت وستبقى مفتوحة.

اذا اصر لبنان على تبادل السفراء والسفارات مع سوريا، فان عليه ان يستعد من الآن كي يدفع ثمنا باهظا من بقية أوجه العلاقات غير الدبلوماسية مع الاخ الاكبر.
"السفير"

التعليقات