31/10/2010 - 11:02

تصرفات غير لائقة.. لرهن العراق كيفما شاء العقل السياسي والديني!/ ناصر السهلي

.

تصرفات غير لائقة.. لرهن العراق كيفما شاء العقل السياسي والديني!/ ناصر السهلي
مشهدان يقفزان الى واجهة التناقض في الحالة العراقية بعد الاحتلال ومحاولات فرض "اتفاقية رهن العراق بالامبريالية الاميركية".. وهي حالة تابعتها شخصيا منذ ما قبل الغزو حتى يومنا هذا..

المشهد المقزز الاول، وليتسع صدر محبي ومقدسي السيد علي السيستاني من الذين يعتبرونه "معصوما" رغم بيان المثقفين العرب الشيعة الرافض لكل الهالة القدسية المثارة حول الرجل وتقويله من البداية على يد الخوئي في بيانه المخصص لـ" المؤمنيين" في ابريل 2003 للوقوف حيادا أمام الغزو.. حتى تعليق ملصقات الانتخابات التي تُدخل وتُخرج من الجنة من يشاء أصحاب الدكاكين السياسية.. هو هذا الموقف القديم الجديد الذي يلعبه "آية الله العظمى" في الأرض ( وربما في السماء، من يدري) السيد علي السيستاني في مسألة تكبيل العراق، جريا على طريقة "لا أحد أفضل من أحد" لتبرير وتمرير اتفاقية وضع العراق تحت الانتداب الاميركي كما هو الامر مع بقية المشيخات الاخرى في المنطقة.. مقارنة بدول القواعد الاميركية في محيط العراق العربي والتركي..

فآخر ما أصدره " وكيل الله في الارض" ،من خلال كهنوتية الادعاء بتمثيل الخالق بين جموع البسطاء ممن نحبهم ونجلهم ولكننا نرى في بعض قياداتهم الدينية والسياسية كل معاني الانتهازية والاختطاف الرسمي لأصواتهم، هو ذلك المسمى" توبيخ لنواب ارتأوا اداء فريضة الحج عوضا عن مناقشة واقرار اتفاقية الذل مع البنتاغون والسي اي ايه.. بل ونقلت الاخبار غضب "سماحته" الشديد لذهاب هؤلاء الى الحج بدل "القيام بواجباتهم الدينية والتاريخية والوطنية في ابداء رأيهم بالاتفاقية".. وخص "سماحته" نواب كتلة الائتلاف العراقي الموحد الذين يسيرون وفق توجيهاته.. فربما اعتبر الرجل هؤلاء خارجون عن سيطرته لتصرفهم.. باداء فريضة الحج بدل اقرار الاتفاقية الامنية..

مفهوم غضب "سماحته" على هؤلاء وعلى الصدريين وكل ساسة العراق.. فالرجل الذي اعتبر يوما الصحن الحيدري خطا أحمرا.. هرع الى لندن قبل دكه بالمدفعية الاحتلالية.. لتبرئة "ذمته" من الدماء والاعتداء على "المقدسات".. فهو يريد وبدون شك أن يجري تمرير الاتفاقية مهما كلف الامر.. ربما باعتباره "مكلفا الهيا" ووصيا على العراق وشعبه.. وهذا لعمري ما هو الموقف الذي عهدناه لا في الامام علي كرم الله وجهه كثائر على الظلم ولا حتى في تاريخ المذهب الرافض للذل والخنوع.. أكاد أجزم أن مسألة السيادة التي يتشدق بها من ينطقون باسم السيستاني ومكتبه تعبر عن كل ما يعاكس تنظيرات "الثورية" وأقاويل الرفض بمس سيادة العراق المستباحة شمالا.. والآن جنوبا..

الموقف الاخر الاكثر سخرية هو موقف جبهة التوافق العراقية، التي تحدث باسمها المشهداني، والتي تحمل تسخيفا لقيمة البلد وشعبه.. فهؤلاء يعتبرون اتفاقية تكبيل العراق "حلا وسطا".. وهو أيضا ما عبر عنه عمر الكربولي.. فانسحاب المحتل صار بنظر المرتهنيين والانتهازيين "كارثة للبلاد"..
الثمن بخسا..فكل ما هو مطلوب من المالكي تعهدا بالافراج عن المعتقلين السياسيين وتوسيع دائرة العفو... عفوا، أهذا هو ثمن الاتفاقية المخزية؟
إحتلال يُعطى ما يريد لو أفرج عن المزيد من المعتقلين الذين زُج بهم في معتقلات العار؟ ومتى كان الاحتلال يكافئ على فعل في الاصل هو فعل احتلالي غير شرعي مهما أُلبس من ثياب القدسية والعفة والمبررات التافهة على طريقة بوش وتشيني وباول وعصابة الاجرام في واشنطن بعد أن ظهرت كل الاكاذيب..

قد أتفهم استماتة هوشيار زيباري لهذه الاتفاقية، وعقود النفط أيضا، لكن من غير المفهوم أن يقوم سماحة السيد علي السيستاني بصب جام غضبه على نواب منتخبون كما يقولون لأنهم "هربوا من مسؤولياتهم" وهو الذي هرب حين دُكت النجف دكا "لاجراء عملية جراحية في لندن".. على ما أذكر.. فإذا كان المثل الاعلى ووكيل الله في الارض يتصرف هكذا بما بالنا بالمنتفعين؟

ويعرف كلا من السيستاني و "الحجاج" و الحزب الاسلامي والمشهداني والتوافق وبقية "شلة الانتفاع والانتهازية" بأن تمرير الاتفاقية سيتم " ديمقراطيا" ولو بجر هؤلاء من أسرتهم "ديمقراطيا".. ليقال لنا: هذه مشيئة الله وحفيد رسول الله فلا تعصوا الامر!

الأميركي بات يُدرك الدور الذي يلعبه "آية الله العظمى" وفتاويه التي تهيج وتستلب العقل باسم "حب آل البيت"..
لكن ألا ترون أن الغرابة في الموقفين،اتفاقهما على مبدأ الانتفاع والانتهازية وزيادة النفاق الذي صار برميل بارود يتدحرج في المدن العراقية؟
شخصيا لا أتوقع لا من " وكيل الله في الأرض" ولا من وكلاء البيت الابيض والبنتاغون سوى هذه الوقاحة الممارسة باسم الوطن الجريح ودماء أبناء مدنه التي تزداد بؤسا وخرابا مع تواصل الاحتلال وتدعيمه بمثل هذه الاتفاقات المكبلة للأجيال العراقية..

من الانصاف أيضا أن نحيي كل الوطنيين الغيورين على أرضهم وشعبهم والذين يرفضون الاذعان وإن كانوا قد هُددوا بالتصفية الجسدية والمعنوية..وقد يتفاجئ سماحته بأن كل التوكيلات التي يدعيها ستصبح في خبر كان تماما مثلما هو الامر عليه مع المشهداني "النرفوز" وبقية من يدعوون أنهم يمثلون من يمثلون.. هذا هو العراق الذي عرفناه رغم كل التشويهات التي ارادوها له في زمن الانبطاح الرسمي العربي.

التعليقات