31/10/2010 - 11:02

تفكيك مشروع الاحتلال والاستيطان أولا..؟../ نواف الزرو

تفكيك مشروع الاحتلال والاستيطان أولا..؟../ نواف الزرو
حينما يشيد أولمرت بـ"الإجراءات التي اتخذتها حكومة الطوارئ الفلسطينية ويرحب بها وفي مقدمتها حل الميليشيات –الكتائب المسلحة- وحظر حمل الأسلحة غير المرخصة، مؤكداً أن هذه الإجراءات ستساعد في توطيد التنسيق والتعاون بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني ودفع العملية السياسية إلى الإمام/عن المصادر الاعلامية العبرية"،فانه يحق لنا ان نتوقف امام تلك الاشادة وذلك الترحيب، لنقرأ ما وراء هذا الكلام ، ذلك ان ما يسر ويريح الاحتلال بالتاكيد لا يمكن ان يكون في مصلحة القضية ...!.

وحينما يذهب أولمرت ابعد من ذلك مشترطا "العلاقة مع أبو مازن بالتزام الأخير بعدم تجديدها مع حماس/عن المصادر العبرية/2007/7/3"، مضيفا ومناورا: "إن إسرائيل تنوي إزالة حواجز عسكرية بين المدن الفلسطينية، وزيادة حرية حركة الفلسطينيين بين المدن"، ومردفا "ان المقابل السياسي الذي ستحصل عليه إسرائيل يستحق زيادة هامش المخاطرة" فاننا يحق لنا ان نضع ايدينا على قلوبنا...!.

وإذا ما أضفنا لذلك جملة كبيرة من النصوص الاسرائيلية في الاتجاه ذاته، والمتعلقة بالمرسوم الرئاسي الفلسطيني الاخير الذي يعتبر "كافة الميلشيات المسلحة والتشكيلات العسكرية او شبه العسكرية غير النظامية ايا كانت تابعيتها محظورة الوجود بكل الاشكال ، ويحظر عليها القيام باي نشاطات سرية او علنية وكل من يساعدها او يقدم اي خدمات لها يكون عرضة للمسائلة الجزائية والادارية، وان على الحكومة انهاء ظاهرة الجماعات المسلحة كافة / الوكالات/2007/6/26"، فان هذا التطور يستدعي جملة من الاسئلة والتساؤلات على الاجندة الفلسطينية منها:

- طالما أن أنياب الاحتلال ما تزال بارزة ، بل واشد ضراوة من اي مرحلة سابقة، اذن لماذا هذا التعجل الرئاسي في حل الكتائب المسلحة المقاومة الفلسطينية ...؟!
- -قد نتفهم ونستوعب اجراءات امنية مثلا لوضع حد للفلتان الامني...!
- وقد نتفهم ونستوعب بل ونطالب باجراءات امنية عاجلة وجادة جدا لوضع حد للفساد المستشري في المؤسسات الفلسطينية ولظاهرة الاثراء الفاحش على حساب المال العام الفلسطيني...؟!
- ثم والاهم من ذلك: هل سيوقف حل الكتائب المسلحة يا ترى بلدوزر الاحتلال عن العمل في الارض والهدم والتخريب والتهويد...؟!
- وهل سيرفع سيف الاجتياحات والاغتيالات اليومية عن اهل نابلس ومخيم جنين مثلا...؟!
- وهل تستطيع السلطة والاجهزة الامنية ان تضع حدا لهذه الاجتياحات والاغتيالات...؟!
- ثم قبل وفوق كل ذلك : هل هناك من افق سياسي حقيقي يبرر اسقاط خيار المقاومة والصمود...؟!!

كشف الكاتب الصحفي الشهير محمد حسنين هيكل مؤخرا عن "وجود مخطط أمريكي لتصفية القضية الفلسطينية قبل انتهاء ولاية الرئيس جورج بوش عام 2008"، مشيرا إلى "أن تعيين توني بلير مبعوثا للرباعية الدولية جاء جزءا من هذا المخطط الذي اقتضى أيضا الإبقاء على رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في الحكومة لتسريع إنجازه/عن فضائية الجزيرة /2007/6/30 "، متسائلا: "ما معنى أن رئيس وزراء بريطانيا ينتهي اليوم من وزارته ويتم تعيينه كمبعوث للرباعية في الشرق الأوسط في اليوم التالي؟! هذا معناه أننا في الفترة القادمة سنكون أمام ضغوط مهولة لتصفية القضية الفلسطينية"، ليستخلص هيكل مؤكدا: الهدف هو التصفية" من جانب الإدارة الأمريكية."نحن أمام تصفية القضية الفلسطينية وليس إيجاد حل لها..

فمجيء بلير هو لفرض حلول فيها عنف؛ لأن وما أكثر الملفات والقضايا الكبيرة والصغيرة الساخنة المتفجرة المعلقة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وعلى نحو خاص جدا ما يتعلق بملف معسكرات الاعتقال الجماعي المترامية على امتداد مساحة الاراضي المحتلة ، وفي هذا الصدد كان موشيه ديان وزير الحرب الاسرائيلي ابان احتلال الضفة والقطاع 1967 قد شرح سياسة الاحتلال مبكرا منذ البدايات الاولى للاحتلال قائلا: "ان المعتقلات الاسرائيلية سوف تخرج معاقين وعجزة يشكلون عبئا على الشعب الفلسطيني". وهي السياسة التي عرفت على مدى سنوات الاحتلال الماضية بسياسة الاعتقالات والمحاكمات والعقوبات الجماعية "بالجملة" للدرجة انها طالت حسب المصادر الفلسطينية ما بين 750 - 850 الف فلسطيني دخلوا سجون ومعسكرات الاعتقال الاحتلالية منذ عام 1967 - 2000.

ما دعا اسحق رابين وزير قمع الانتفاضة الاولى في حكومة شامير الى الاعلان امام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية ليشدد بمنتهى الوضوح قائلا: "ان الانتفاضة هي مواجهة بين كيانين، ودليل على ذلك هو العدد الكبير من المعتقلين الفلسطينيين"، مؤكدا "ان حل مثل هذا الصراع لن يكون الا عبر السياسة العسكرية، وانه طالما هناك انتفاضة سيبقى كتسيعوت (اضخم واخطر معسكر اعتقال آنذاك)".

فسياسة الاعتقالات والمحاكمات الجماعية ومعسكرات الاعتقال كانت اذن منذ البدايات الاولى للاحتلال جبهة مفتوحة ساخنة قمعية ارهابية، اريد من ورائها القمع والقتل المعنوي ودفن المناضلين الفلسطينيين وهم احياء، وبالتالي قتل معنويات الشعب الفلسطيني بأسره وشل حركته واعتقال قادته ونشطائه ومناضليه وعلى اوسع نطاق ممكن، وقد وصلت هذه السياسة الاعتقالية ذروتها خلال الانتفاضة الأولى. غير انها وصلت خلال انتفاضة الاقصى والاستقلال المستمرة منذ 28 ايلول 2000 وحتى كتابة هذه السطور الى ذروة اخرى اوسع نطاقا واشمل واخطر واشد فتكا ودموية وتدميرا وارهابا صهيونيا.

ذلك ان الشعب الفلسطيني قد تحول بأسره عمليا برجاله ونسائه واطفاله الى شعب معتقل، موزع حسب شهادات فلسطينية واسرائيلية وغربية على جملة من معسكرات الاعتقال المنتشرة على امتداد مساحة الضفة والقطاع، حيث "حولت سلطات الاحتلال الضفة والقطاع الى اكبر معسكر اعتقال في العالم" كما صرح سفير بلجيكا لدى "اسرائيل" ولفريد جينز، وهو ما كان قد اكده قبله ايضا السفير البريطانية لدى "اسرائيل" شيرارد كاوبر - كولز الذي اعلن: "ان الاراضي الفلسطينية هي اكبر معسكر اعتقال في العالم يقيم فيه 5.3 مليون فلسطيني".

ولذلك نقول : على الفلسطينيين والعرب ان يستفيقوا، وان يعيدوا ترتيب اجنداتهم واولوياتهم وخطاباتهم، وان يتخذوا مواقف اكثر جذرية ووضوحا وحسما تجاه الخرائط والمواقف الامريكية المتصهينة، اذا ارادوا في نهاية المطاف ان يكونوا حاضرين على الاجندة الدولية، واذا ارادو حقا وضع حد للمشروع والاحتلال الصهيوني الذي يعلن ليل نهار عبر الاجتياحات والاغتيالات والتجريف والجدران: "اما نحن او هم"؟؟!!

ونعود في الخاتمة للعنوان الاساس في ضوء كل ذلك لنؤكد" ان المطلوب الفلسطيني الكبير بمنتهى البساطة والوضوح: ليس تفكيك الميلشيات والكتائب المسلحة لان مبرر وجودها ما يزال جاثما فوق الصدر الفلسطيني ، فالمطلوب اذن اولا وقبل كل شيء هو تفكيك الاحتلال ورحيله رحيلا شاملا كاملا بجيشه وآلياته ومستعمريه وحواجزه وجدرانه واداراته المدنية والاقتصادية والثقافية...!

والمطلوب "حق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني وحقه في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس".

التعليقات