31/10/2010 - 11:02

تكليف السنيورة: المعارضة ربحت عسكريًّا.. والموالاة حصدت سياسيًّا!../ نبيل هيثم

تكليف السنيورة: المعارضة ربحت عسكريًّا.. والموالاة حصدت سياسيًّا!../ نبيل هيثم
قبل اتفاق الدوحة بأيام، كان الشاغل الأساسي للموالاة، تأمين ما وصفه الركن الأبرز في هذا الفريق «الخروج المشرِّف لفؤاد السنيورة»!

حتى ان الركن المذكور، تصرّف في الدوحة على قاعدة «القضاء والقطر» كما سماها. وان التغيير حاصل في رئاسة الحكومة. وكان أيضا أحد طرفي «رديّة زجليّة» في رحلة العودة من العاصمة القطرية، تلخص ما جرى منذ قراري شبكة الاتصالات وجهاز أمن المطار، وصولا الى الدوحة، وفحواها: «كل اللي صار من هالقرارين.. والقرارين جمعوا الطرفين.. بس طار السنيورة»؟!

هكذا كانت الأجواء، واسم سعد الحريري صعد كمرشح أوحد، وربما ضروري، لرئاسة حكومة العهد الأولى، يدشن من موقعه مرحلة جديدة من التلاقي، تطوي الصفحة الخلافية، وتزيل التشنج والاحتقان. وتحت هذا العنوان دار النقاش في المجالس السياسية. ولكن هذا المسار تعطـّل بـ«قرار» إعادة تسمية السنيورة، بالتوازي مع تجديد النصائح لنواب الموالاة بعدم الاسترخاء الأمني ووجوب الحفاظ على أعلى درجات الحيطة والحذر.

من أين نزل قرار إعادة تسمية السنيورة.. ولأي هدف؟
يقول مرجع مسؤول إن العنوان يقرأ من التفاصيل، التي سادت فريق الموالاة، والتجاذب الذي حصل حول «من نسمي: فؤاد السنيورة أم سعد الحريري؟».. ومن التحفظات التي أبديت صراحة على تسمية السنيورة خلال اجتماع قادة 14 آذار ليل الثلاثاء، وكذلك من حركة الاتصالات ومشاورات الساعات السابقة، أو التي تخللته مع الحليف الأميركي والحليف العربي، كل ذلك يؤكد ـ حسب هذا المرجع ـ أن قرار تزكية السنيورة أميركي جملة وتفصيلا، وبشراكة كاملة من «الاعتدال العربي». ولو أنه قرار متروك ليتقرر في الداخل اللبناني، لما حاد على الإطلاق عن تسمية سعد الحريري، في ظل الرغبة الحقيقية والأكيدة في أوساط «تيار المستقبل» بشكل عام، والأجواء المحيطة برئيسه بشكل خاص بتولي الحريري رئاسة الحكومة. وحتى ما قبل اجتماع قادة الموالاة الأخير، كان النقاش يركز على أحقية الحريري في دخول نادي رؤساء الحكومات، من باب حكومة العهد الأولى، وبالأحرى آن الأوان لدخوله هذا النادي، فثلاث سنوات من الانتظار، هي فترة أكثر من كافية.

غير أن هذا الكلام يفقد صلاحيته عند ذريعة أبلغها الحليف الدبلوماسي الى «القريبين والمقربين جدا» مفادها: «إن الحاجة ماسة الى وجود السنيورة كشخصية تستطيع أن تصمد، كما استطاعت أن تصمد في أدق الظروف وأصعبها. ولا يشكل بالتالي فريسة سهلة أمام المعارضة فتأكله أو تبتلعه، أو بالأحرى تبتلع موقع رئاسة الحكومة».

ومن الطبيعي أن ترى الموالاة أن تسمية السنيورة تُعدّ كسباً لها، انما هو كسب متوقع على اعتبار أنها تملك أكثرية نيابية تخوّلها تسمية من تشاء، وإلزام الآخرين بمن تسميه. لكن الرابح الفعلي معنويا هو الرئيس السنيورة نفسه، إذ إن تسميته لرئاسة الحكومة تأتي، على ما يؤكد نواب في الموالاة، كرد اعتبار له، بعدما وضعته المعارضة في زمن الحكومة السابقة، في موقع المجني عليه. ولكن هذا الربح لا يقاس سياسيا بالربح الذي خوّله ترؤس الحكومة السابقة متكئا على شبه إجماع، أي على توافق شامل بين الموالاة والمعارضة، بينما اليوم يدخل مزكّى بأصوات الموالاة الـ68 نائبا فقط، بما ينفي عنه صفة الرئيس التوافقي للحكومة، بعدما صوتت المعارضة ضده بعدم تسميته.

ومن غير الطبيعي في هذا السياق ايضا، القول إن المعارضة مرتاحة لتسمية السنيورة. ذلك أنها كانت أقرب الى التعاون مع غيره، وعلى وجه الخصوص النائب الحريري، لأسباب كثيرة أبرزها التجربة السابقة مع السنيورة خلال الحكومة السابقة، و«اللاثقة» التي تحكم العلاقة بينهما، وأبرزها أيضا سبب جوهري أساسه الحاجة الملحة الى الدخول الفوري في المصالحة الداخلية والوفاق، ومعالجة التصدعات التي ظهرت جراء الأحداث الأخيرة.

السمة العامة في هذا الجانب، أن تسمية السنيورة هي فعل يدفع الى الخشية مما يلي، أو مما هو مبيّت، على ما يقول مرجع قيادي في المعارضة، الذي يعتبر «أن من يريد المصالحة، لا يرشح السنيورة، وأخشى أن تكون خلف الأكمة نوايا أميركية لإبقاء لبنان ساحة متوترة، وخصوصا أن مجرد التسمية وتّرت الأجواء السياسية، وأمامنا مسببات كثيرة، والظاهر أن عامل التوتير الذي برز مع تكليف رئيس الحكومة، سيبرز مثله في مرحلة تأليف الحكومة وتوزيع الحقائب الوزارية واختيار الوزراء.

وسيبرز مثله في مرحلة إعداد البيان الوزاري، ومثله في جلسة الثقة، وسيبرز ايضا وايضا مع كل جلسة لمجلس الوزراء، والأهم في التعيينات الإدارية والسياسة الخارجية، وخصوصا مع إحياء المجلس الدستوري وفي مرحلة إقرار القانون الانتخابي وفق تقسيمات الدوحة، وتكمن الخشية هنا من افتعال معطلات بهدف الإطاحة بما اتفق عليه. لكن أكثر المحطات توتيرا وتعقيدا قد تبرز مع محاولة إعادة النظر بقرارات الحكومة السابقة، التي تعتبرها المعارضة غير دستورية وغير قانونية. فماذا سيفعل السنيورة والمعارضة، وماذا لو أصرّ كل على موقفه، ورفض السنيورة التراجع عن القرارات، ورفضت المعارضة هذا الرفض، وأصرت على إعادة النظر.. ما يعني بناء على ما تقدم أن البلد سيصاب بحال «عسر هضم سياسي» عند أية محطة.

على أن اللافت في كلام القيادي المعارض هو الإقرار بنجاح الموالاة، من خلال تسمية السنيورة، في تسجيل هدف سياسي ثمين في مرمى المعارضة، وهو أمر لا ينسجم مع كل أهداف التحرّك الذي قامت به المعارضة، ولا مع الشعارات التي رفعتها على مدى الفترة الماضية. وثمة أسئلة كثيرة يطرحها الجمهور، رافضا مقولة أن المعارضة تحركت وربحت على الأرض شعبيا وعسكريا.. بينما الموالاة حصدت في السياسة.

لكن القيادي المذكور يرفض اعتبار المعارضة خاسرة في هذا الأمر، فهي من الأساس رفضت البحث باسم رئيس الحكومة خارج إطار الاستشارات النيابية الملزمة كما يحددها الدستور، تقيدا منها بالأحكام الدستورية. ولكن الفريق الآخر لم يحسن التقاط اللحظة السياسية، وبدل أن يسلك المسار التوافقي، يبدو أنه مصرّ على إبقاء المتاريس السياسية قائمة، «وفي النتيجة هم اختاروا فؤاد السنيورة، يعني أنهم قرروا ألا تكون المرحلة المقبلة مرحلة تعاون بل مرحلة مواجهة وكباش».
"السفير"

التعليقات