31/10/2010 - 11:02

توثيق الارتباط../مهند مصطفى

توثيق الارتباط../مهند مصطفى
من المهم نقاش إذا كانت عملية فك الارتباط وليدة المقاومة الفلسطينية، أم هي "الجواب الإسرائيلي" للمتغيرات السياسية كما شرحها شارون. ولكن ليس بهدف إسقاط خيار المقاومة بل من اجل إعادة صياغة آليات النضال والمقاومة.

وفي زحمة هذا النقاش لا بد من تحليل هذه الخطة وفهم سياقها وابعادها على واقع ومستقبل القضية الفلسطينية والحركة الوطنية الفلسطينية.
من الخطأ وضع خيار المقاومة على محك هذه الخطة، خيار المقاومة هو خيار الشعب الواقع تحت الاحتلال سواء كانت الخطة مبادرة سياسية إسرائيلية أم انسحاباً نتيجة للمقاومة. فخيار المقاومة بمفهومه الشامل قائم، ويجب أن يكون ضمن استراتيجية واضحة وموحدة. إذا كانت الخطة مبادرة إسرائيلية فهي تستدعي مبادرة فلسطينية ليس كرد جميل، بل لصد المخططات الإسرائيلية التي رسمها شارون في مرحلة ما بعد الخطة، واعتقد أنها واضحة للحركة الوطنية الفلسطينية والسلطة الفلسطينية (على ما نظن).

قلنا مرارا أن خطة فك الارتباط الشارونية عن قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، والتي نعتبرها خطة لإخلاء المستوطنين وليس انسحابا من ارض محتلة بل إعادة انتشار لقوات الاحتلال على الأرض. وخصوصا في شمالي الضفة حيث أن الأرض ستبقى تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية كونها في منطقة "ج".

ستعمق خطة فك الارتباط من الاستيطان في الضفة الغربية، وستكرس واقع الكتل الاستيطانية كورقة سياسية للتفاوض حول الحل النهائي، على كل حال لا يؤمن شارون بتسويات تؤدي إلى الحل النهائي، ويحبذ إدارة الصراع من خلال تسويات مرحلية على نمط خطة الفصل التي تمنحه مكانة إقليمية ودولية سياسية للتفاوض، وإدارة الصراع الداخلي والخارجي.

حسنت عملية الانفصال من المكانة الدولية لاسرائيل ولشارون، وهذا الأمر نابع من غياب الدبلوماسية العربية التي لم تتحرك لتفكيك هذه الخطة وتشرحها، وللعملية الدرامية الإعلامية التي صنعتها ووجهتها إسرائيل خلال عملية الإخلاء، وتحول موضوع تفكيك سلاح المقاومة ومحاربة "الإرهاب" الضريبة التي على الفلسطينيين دفعها واصبح مطلبا دوليا من السلطة الفلسطينية.

يتفق الفلسطينيون أن هناك ثلاثة تحديات تواجههم في مرحلة ما بعد فك الارتباط، التحدي الأول والأساسي هو إدارة شؤون غزة، خصوصا إذا طلبت إسرائيل إعلاناً فلسطينياً عن إنهاء حالة الاحتلال للتنصل من مسؤولياتها، واخراج قطاع غزة من دائرة المقاومة. اعتقد أن إدارة شؤون غزة لا يجب أن يكون تحديا لمتطلبات الخطة بل لاثبات أن الحركة الوطنية الفلسطينية التي ناضلت عقوداً طويلة قادرة على إدارة معركة الدولة مثلما قادت معركة النضال والمقاومة.

التحدي الثاني هو تحدي فصل القطاع عن الضفة الغربية والقدس سياسيا.

والتحدي الثالث هو تحدي تجزيء السيادة الفلسطينية على الأرض. واضيف تحديا رابعا يعتبره مثقفون وسياسيون فلسطينيون مركزيا اكثر من باقي التحديات، وهو وضع استراتيجية مقاومة عقلانية موحدة بمفهوم المقاومة الشامل.

على الفصائل الفلسطينية إعادة التفكير دائما باستراتيجية المقاومة ليس كرد فعل على خطة فك الارتباط، وانما كحالة يجب فعلها مرارا كأي حركة تحرر وطني، تقوم بتقييم أساليب نضالها بما يتفق مع الأهداف السياسية الموسومة.

تتخذ خطة فك الارتباط وجهين؛ الأول: إلغاء الطابع الاستيطاني للاحتلال في غزة على شكل حالة نيوكولونيالية، والثاني: تعزيز هذا الطابع في الضفة الغربية على شكل حالة كولونيالية-استيطانية. ستحاول إسرائيل تدعيم الفوارق بين الوضع الناشئ في غزة والوضع التي تتمناه للضفة. ولا يملك الفلسطينيون خياراً آخر سوى مقاومة هذه الوجهة. إن عملية فك الارتباط عن قطاع غزة سيقابلها توثيق الارتباط بالضفة الغربية.

خطة فك الارتباط هي مبادرة إسرائيلية، وهي تكتيك سياسي يدل على حنكة سياسية لرجل قضى ثلاثين سنة في الجيش ومثلها تقريبا في السياسية، رجل خبر المعارك التكتيكية والمعارك الاستراتيجية، يفاوض شارون في خطته الولايات المتحدة الأمريكية ولا يفاوض الفلسطينيين، ولا أظنه بإعلانه انه لن تكون خطة انفصال ثانية أي تناقض مع خارطة الطريق التي تبناها وصادقت عليها الحكومة الإسرائيلية، لن تكون خطة انفصال ثانية بدون اتفاق.

خطة فك الارتباط الأحادية كانت مقابل تعهد وضمان أمريكي بضم ست كتل استيطانية إلى إسرائيل. وهو إن كان مفهوم ضمنا إسرائيليا فهو يحتاج إلى شرعية دولية وأمريكية لذلك.

إذا كانت خطة فك الارتباط ستؤدي إلى توثيق الارتباط بالواقع الاستيطاني في الضفة الغربية، فهي تستدعي توثيق الارتباط الفلسطيني بالثوابت السياسية والوطنية مثل: حدود الرابع من حزيران، حق العودة، تفكيك الاستيطان، السيادة والقدس الشريف.

التعليقات