31/10/2010 - 11:02

جموح الجنوح../ سليمان أبو ارشيد

جموح الجنوح../  سليمان أبو ارشيد
تكسير التابوهات وشطب الخطوط الحمراء قد يعتبر بنظر البعض تقدماً، وهو أمر مختلف عليه وقد يستقر عليه الرأي ويبقى الخلاف بأي إتجاه. وفي هذا السياق تندرج زيارة النائب محمد بركة لمعسكر أوشفيتس ومشاركة النائب أحمد طيبي في مؤتمر الأمن القومي الإسرائيلي في "هرتسليا" برفقة رئيس حكومة تصريف الأعمال الفلسطينية سلام فياض.

نحن ضد الجمود وعدم التزحزح عن المواقف، خاصة وإن الحياة تتغير وتتطور ولكل مرحلة متطلباتها، كما أن لكل زمان دولة ورجال، فلا نستطيع أن نحاسب محمد بركة مثلاً وفق شروط مرحلة توفيق زياد فالمرحلة ليست ذات المرحلة والرجل ليس هو الرجل، لأن الرجل أيضاً هو إبن مرحلته التاريخية.

ولا نستطيع أن نحاسب سلام فياض (رئيس حكومة فلسطينية) بمعيار محمود عباس عندما كان رئيس حكومة. فقد كان تحت رئيس مختلف ونفس مختلف، وها هو شمعون بيرس يبشرنا بميلاد بن غوريون فلسطين هو سلام فياض وليس أبو مازن، ليس لأن الأخير شارك في مؤتمر الأمن القومي الإسرائيلي فقط بل لأن دور ومرحلة أبو مازن وتاريخه قد إنتهى إسرائيلياً وفياض يقتحم الساحة الإسرائيلية من أوسع أبوابها، فهو ماركة أمريكية مئة بالمئة إستحضر وحضر مثلما حضر أبو مازن ليخلف عرفات، فهو خليفة الخليفة على الأقل من وجهة نظر أمريكية وإسرائيلية وإذا كانت الأيام التي مضت اقتضت الرضا الأمريكي فقط عن الزعيم العربي أو الفلسطيني فإن تردي هذه الأيام أعطى لإسرائيل لعب الدور المباشر في إحتضان ورعاية من تريد. بمعنى أن الطريق باتت مختصرة لا تتعدى ساعة زمن هي المسافة الفاصلة بين رام الله وهرتسليا.

تصريح بيرس أنهى على ما يبدو صلاحية محمود عباس وتوج سلام فياض "رئيساً" بدون منازع، وهو المكسب الأول والأساسي الذي حققه فياض من مشاركته في مؤتمر هرتسليا. أما ما حققته إسرائيل من هذه المشاركة فهو إدراج سلطة فياض وعباس ضمن المنظومة الأمنية الإسرائيلية.

أما النائب أحمد الطيبي الذي أيد بركة في زيارة أوشفيتس وسرق الأضواء في "الخطاب التاريخي" الذي ألقاه عن المحرقة في الكنيست فقد سرق فياض الأضواء منه في مؤتمر هرتسليا، وكان عليه الإكتفاء بدور العراب خاصة وأنه كان قد سبقه من العرب إلى هذا المؤتمر شوقي خطيب وعايدة توما وغيرهم.

علينا أن نذكر أن كل ذلك يحدث في ظل تهديدات إسرائيلية لسورية وحزب الله، وتهديدات إسرائيلية أمريكية لإيران، ووصول المفاوضات مع سلطة أبو مازن إلى طريق مسدود بسبب الإصرار على عدم وقف أو تجميد الإستيطان، ناهيك عن ملاحقة القيادات العربية في الداخل، وتواصل وتصعيد سياسة هدم البيوت العربية والتحريض ضد العرب، بمعنى أن مثل هذه الخطوات لا ينطبق عليها حتى تبرير الأزهر لمعاهدة كامب ديفيد بإقتطاع الآية الكريمة "وان جنحوا للسلم فاجنح لها"، فلماذا هذا الجنوح؟

"العنوان الرئيسي"

التعليقات