31/10/2010 - 11:02

حتى الموت../ ساطع نور الدين

حتى الموت../ ساطع نور الدين
اليوم، لحظة عابرة وغير مؤثرة في تاريخ الصراع بين الغرب وبين الاسلام الذي يمكن ان يستغرق القرن الحادي والعشرين، مثلما استغرق الصراع بين الغرب والشيوعية قرنا كاملا ايضا. ولن تقدم قمة منظمة الدول الاسلامية في دكار ردا على ذلك السؤال الجوهري حول الحاجة الى هدنة او حول الرغبة في تسوية.. او ما اذا كان الجانبان يتجهان بسرعة نحو معركة يوم القيامة.

لن تكون قمة دكار التي تفتتح اليوم المكان المناسب لقياس المدى الذي بلغه هذا الصراع، أو حتى للاعتراف بأن الصراع قائم فعلا، أو بأن القدس المحتلة التي كانت الدافع الى تأسيس المنظمة بعد حريق المسجد الاقصى في العم 1969، هي أرض المعركة الأولى والأخيرة.

هكذا كانت على مدى قرون، وستبقى على الأرجح طوال القرن الحالي.. مهما اتسعت رقعة المواجهات وتشعبت، ومهما تزايد حجم الانتشار العسكري الغربي المتمثل حاليا بنحو نصف مليون جندي غربي يقيمون في قواعد ثابتة على امتداد الأرض الاسلامية، عدا عن الإسرائيليين الذين تحولت قاعدتهم إلى دولة راسخة وقوية.

هي ليست مؤامرة، لكنها نتاج طبيعي لعدم قيام دولة إسلامية واحدة مستقرة وناجحة. والفضائح التي كانت قائمة في أفغانستان وفي العراق قبل الاحتلال الاميركي، لم تكن وليدة الصدفة، ولا كان الغزو الصهيوني لفلسطين وليد العبقرية اليهودية. الاغراء بل والاستدعاء كان ولا يزال موجودا في مختلف بلدان العالم الاسلامي، وهو يقوض فكرة التعايش الحر مع الآخر.. ويفتتح قرنا جديدا من الحروب التي يقول «الصليبيون» من جهة و«الجهاديون» من جهة اخرى إنها لا يمكن ان تنتهي إلا بزوال أحد طرفيها.

قمة دكار معنية كما يبدو بالظاهرة، أكثر مما هي مهتمة بأسبابها: كيف يمكن مكافحة الخوف من الإسلام أو الاسلاموفوبيا المنتشر في الغرب؟ وفي ذلك يمكن أن يغادر قادة الدول الإسلامية جوهر الصراع مع الغرب الذي يتسع يوما بعد يوم، ويتناسوا حتى القدس والمسجد الاقصى نفسه.. ويفتحوا حوارا لم ينقطع يوما مع العواصم الغربية، على أساس عارض نفسي لا يكفي لتفسير أي من الحروب التي يشهدها العالم الإسلامي.

انكار الصراع هو بالطبع وسيلة للدفاع عن الإسلام كدين اعتدال وتعايش، وهو ما يعرفه الغربيون لكنهم يميزون بين ما هو تاريخي، وبين ما هو معاصر في ذلك النداء الذي يتردد اليوم في صفوف نحو مئة مليون مسلم يعيشون في المجتمعات الغربية، ويفقدون شيئا فشيئا القدرة على الاندماج.. لأن الخوف من الإسلام أنتج خوفا مشروعا من الغرب الذي لم يعد لديه ما يعرضه على العالم الإسلامي سوى لغة القوة.

محطة دكار اليوم لن تترك أثرا في ذلك الصراع، الذي يدور في أمكنة بعيدة عن أي مؤسسة اسلامية حاكمة، وقريبة من كل مؤسسة غربية حاكمة، ويكتسب كل يوم جمهورا جديدا، وسببا جديدا للقتال حتى الموت .
"السفير"

التعليقات