31/10/2010 - 11:02

حكايات أفغانية في يوم انتخاب الرئيس../ جميل مطر

حكايات أفغانية في يوم انتخاب الرئيس../ جميل مطر
كان طالبان ومازالوا في كابول عندما وجه مكتب رئيس وزراء بريطانيا الدعوة لعدد من خبراء المخدرات لاجتماع عاجل في 10 داوننج ستريت . كان من بين الحضور خبير في علاج الإدمان يدعى مايك تريس كتب مقالا هذا الأسبوع في مجلة “نيوستيتمان” يحكي فيه تفاصيل بعض ما دار في هذا الاجتماع . قال إن الدعوة كانت بهدف البحث في الآثار المحتملة لتدخل عسكري تشنه القوات المسلحة البريطانية ضد أفغانستان على تدفق الهيروين إلى بريطانيا وبالتالي على الميزانية الضخمة التي ستخصص لعلاج المدمنين في بريطانيا . شرح مندوب الحكومة أن وجودا عسكريا بريطانيا في مناطق زراعة الأفيون سيجعل في الإمكان السيطرة على زراعته والحد من عمليات تهريب الهيروين إلى خارج أفغانستان الأمر الذي قد يكون سببا في إقبال شديد من جانب المدمنين على المستشفيات طلبا للعلاج . ويخلص الخبير تريس في مقاله إلى أن ما دار في هذا الاجتماع يثبت أن موضوع المخدرات والسيطرة عليها كان يحتل مكانة بارزة في مرحلة التخطيط البريطاني لغزو أفغانستان.

تذكرت بعد الانتهاء من قراءة مقال مايك ترايس الصديق الأخضر الإبراهيمي حين جمعتنا مائدة عشاء وكان الأخضر عائدا من أفغانستان ومعتزما إنهاء دوره المشهور الذي أوكل إليه فيها . تحدثنا طويلا عن دخائل السياسة في أفغانستان وخلفياتها القبلية والمذهبية وتاريخها ضد الأجنبي، وركز تركيزا شديدا على المخدرات زراعة وتجارة وتهريبا ودورها في تمويل الحرب الدائرة في أفغانستان وفي مستقبل أفغانستان كدولة وأمة . وأذكر أنه في نهاية اللقاء قال بلهجة الواثق إن الحرب ستكون طويلة وفى كل الأحوال لن يخرج الغرب منها منتصرا.

وبعد مرور عدة سنوات على هذا اللقاء، وتحديدا في شهر مارس/ آذار الماضي، أدلى الجنرال دافيد ماكيرمان قائد القوات الأمريكية السابق في أفغانستان بتصريح لخص به الوضع الحربي في ثلاث كلمات، قال “نحن غير منتصرين” .

حدث هذا في أعقاب جلسات مغلقة انعقدت في قبو من أقبية البنتاجون على مدى أسبوعين شارك فيها وزير الدفاع في إدارة باراك أوباما . وفى أكتوبر/تشرين الأول من العام الفائت تنبأ البريجادير مارك كارلتون سميث قائد القوات البريطانية في هلمند بأن بلاده “لن تكسب الحرب” .

الآن تؤكد جميع التقارير أن الشهور الأخيرة شهدت زيادة هائلة في عدد الهجمات التي تعرضت لها قوات حلف الأطلسي وصار من المؤكد أيضا أن أكثر من نصف أفغانستان يخضع لسيطرة طالبان. ورغم الزيادة الكبيرة في عدد القتلى من الجنود البريطانيين يصر المسؤولون في بريطانيا على أن الحرب سوف تستمر وأن قواتهم “موجودة في أفغانستان لحماية بلادنا من خطر الإرهاب” وعاد البريطانيون والأمريكيون إلى التركيز على نغمة أن هذه الحرب دائرة لحماية المدن البريطانية والأمريكية من هجمات القاعدة. بل إن باراك أوباما نفسه قال: “سنحبط ونفكك ونهدم القاعدة في باكستان ونمنع عودتها إليهما في المستقبل”. الأمر الذي يعني أن حكام بريطانيا وأمريكا قرروا منح الأولوية إلى أهداف غير تلك التي استخدمها وركز عليها بوش لتبرير شن هذه الحرب مثل إعادة بناء أفغانستان وتمكين المرأة الأفغانية وتثبيت دعائم الديمقراطية.

أستطيع أن أفهم دوافع باراك أوباما للإدلاء بتصريح كهذا التصريح لم يعد منطقيا أو مقنعا.. فنحن، وهو معنا، نعرف أن “القاعدة” لم تعد بحاجة إلى قاعدة لها في أفغانستان أو باكستان لتواصل أنشطتها الإرهابية ضد الغرب ومصالحه. ولا أظن أن الحرب الفاشلة في أفغانستان بصورتها وخسائرها الحالية من العسكريين والمدنيين هي الطريق الأسرع والأكفأ لتفكيك القاعدة. فالقاعدة أياً كان معناها ونظامها وتنظيمها “فككت” نفسها بنفسها منذ فترة وأقامت “قواعد” شتى في أماكن شتى.

***

اليوم تجري في أفغانستان، وبدقة أشد، تجري في أنحاء محدودة منها، انتخابات لاختيار رئيس للجمهورية. وفي العالم الغربي لهفة تعكسها أجهزة الإعلام وتصريحات المسؤولين. يتصورون هناك صدقا أو تحت سيطرة الوهم أن هذه الانتخابات ستقدم إضافة تحسب لجهود أمريكا وحلف الناتو في إقامة نظام ديمقراطي أو تشجيع ممارسة الديمقراطية. ولكن تكشف وقائع عديدة عن أن هذه الحرب والأساليب التي استخدمها المبعوثون السياسيون المرافقون للجيوش وبينهم خبراء ومؤرخون وعلماء سياسة جعلت من أفغانستان نموذجا للفساد في أبشع صوره، ومثالا على سخف سياسات بناء الأمم أو إعادة بنائها حسب تصورات “غربية”. عن هذه السياسات يقول الجنرال دافيد رتشارد قائد القوات البريطانية “إن إعادة البناء في أفغانستان تحتاج إلى أربعين عاما بشرط استمرار بقاء قوات الاحتلال الأجنبية”.

أفغانستان نموذج فساد، ونموذج لحالة حرب لعلها الأطول في التاريخ، حرب عمرها 2000 سنة. وأفغانستان نموذج مجسم لنظام سياسي قائم على التوازنات القبلية والفقر المتوحش والجهل الموروث، ولكنها أيضا مقياس لقياس التخلف السياسي في أمم كثيرة، وبالتخلف أقصد الاستبداد والفساد وأوهام الاحتماء بالأجانب وتسخير الدين لتحقيق مكاسب سياسية وقبلية.

يقول ضياء مجددي سفير أفغانستان في بولندا إن لأعضاء حلف الأطلسي أو لمعظمهم على الأقل رجالاً في مجلس الوزراء الأفغاني لا يخضعون لتعليمات أو توجيهات الرئيس قرضاي . كل رجل من هؤلاء الرجال يحتمي بالدولة الأجنبية التي اختارته ليمثل مصالحها في المجلس وتدفع له مكافأته. ويستطرد السفير قائلا إن عضو حلف الأطلسي الذي يشترك في المعونة المالية المقررة لأفغانستان يصدر التوجيهات إلى ممثله في المجلس في كل ما يتعلق باحتياجاته وأنصبته في الصفقات والوكالات. يفعل الشيء نفسه أمراء الحرب وزعماء القبائل الكبرى . حدث مثلا أن الرئيس قرضاي أصدر أمرا بالتحقيق مع الزعيم القبلي عبدالرشيد دوستم أحد زعماء الحلف الشمالي بسبب تورطه في ارتكاب إحدى الجرائم. دوستم ينتمي عرقيا إلى شعوب الأوزبك، والأوزبك “يشرفون” بالانتساب إلى الأمة التركية . ولما كانت تركيا عضوا في حلف الأطلسي كقوة احتلال وهي أيضا طرف مشارك في تقديم المعونة إلى الحكومة الأفغانية، فقد صار من حقها أن تطلب أو “تأمر” الرئيس قرضاي بإطلاق سراح دوستم والسماح بسفره إلى تركيا. وعندما أعلن عن موعد إجراء انتخابات الرئاسة طلب من قرضاي توجيه الدعوة إليه ليعود من تركيا إلى كابول قبل الانتخابات للتفاوض معه على دعم قرضاي مقابل ما يشاء ويطلب وما تحتاجه تركيا.

***

تحكي إليزابيث روبين في مقال رائع نشرته لها قبل أيام مجلة “نيويورك تايمز” حكاية وزير الداخلية في حكومة قرضاي زرار أحمد مقبل المعروف بأنه يستضيف في مبنى الوزارة عصابات الجريمة المنظمة، الدولية منها والمحلية على حد سواء، ويخصص لكل منها مكتبا وموظفين تابعين لهذه المنظمات في الوزارة لتسهيل أعمالها مقابل رشاوى هائلة. ويبدو أن الرئيس قرضاي حاول إزاحة الوزير بضغط من القيادة البريطانية فإذا بمندوبة المخابرات الأمريكية في كابول تتدخل لصالح الوزير . تقول التقارير إن الوزير يتمتع بحماية جاسوسة أمريكية معروفة لها “أفضال كثيرة على أفغانستان”.

تقدم للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية في ثاني انتخابات رئاسة تجرى في أفغانستان عشرات من شخصيات بعضها معروف وأكثرها غير معروف، ويعمل الاحتلال الغربي بكل طاقاته الإعلامية لإبراز مغزى هذا العدد الوفير من المرشحين فهو الدليل، كما يزعمون أو حقا يعتقدون، على مدى التقدم الذي حققته مسيرة الديمقراطية في أفغانستان. إلا أن ثلاثة فقط يتصدرون احتمالات الفوز في هذه القائمة المطولة وهم حميد قرضاي الرئيس الحالي الساعي لولاية ثانية وأشرف غاني وكان وزيرا للمالية وشغل منصباً كبيراً بالبنك الدولي، وعبدالله عبدالله وكان وزيرا للخارجية وصديقا لقرضاي ومستشاراً لأحمد شاه مسعود الزعيم الطاجيكي الذي اغتالته القاعدة بآلة تصوير قبل وقوع الغزو الأمريكي.

يقف قرضاي في المقدمة ليس فقط باعتباره الرئيس القائم ولكن لأنه، وهذا ما لفت اهتمامي أكثر من كونه رئيساً، صاحب حكاية مثيرة تستحق أن تروى. تبدأ الحكاية بطفولته. فقد كان الطفل الأقل قرباً لوالده الذي كان يطلق عليه “هذا المجنون”. اشتهر في مقتبل عمره بالعنف منذ كان طالبا بجامعة سيملا بسفوح الهيمالايا في شمال الهند. كان يقضي معظم وقته في ركوب الخيل مرتديا الجينز ومتشبها برعاة البقر الأمريكيين. وعندما وقع حادث اغتيال والده وكان زعيماً من زعماء قبائل الباشتون جاء رجال القبيلة وألبسوا حميد العمامة حيث إن أشقاءه الأكبر سناً كانوا في أمريكا.

يواصل قرضاي سرد حكايته بنفسه فيقول إنه بعد أسبوعين من وقوع حادثة تفجير برجي التجارة في نيويورك وجد نفسه على ظهر دراجة بخارية تقطع به الطريق من ضواحي مدينة كويتة في باكستان إلى جبال أفغانستان حيث تقع معسكرات تدريب وقيادة طالبان. ولم يكن معه أحد سوى قائد الدراجة البخارية يحمل هاتفا جوالا متصلا بالأقمار الصناعية زوده به رئيس محطة وكالة المخابرات الأمريكية في باكستان.

وتنقل إليزابيث روبين عن جاسون آميرين النقيب في القوات الخاصة الأمريكية المكلف بتجنيد حميد قرضاي قوله إن طالبان حين اكتشفوا حقيقة حميد قرضاي حاولوا اعتقاله فتدخلت على الفور قوات سباع البحر ذات الشهرة الذائعة التي أسبغتها عليها أفلام مغامرات رامبو في أفغانستان، ونجحت هذه القوات الخاصة في إنقاذه مع بعض رجال القبائل ممن كانوا معه من براثن طالبان ونقلتهم جوا إلى قاعدة عسكرية في باكستان. هذا الجزء من حكاية قرضاي لم يأت على لسانه عند سرده لها، بل إنه حاول إنكار بعض التفاصيل المتعلقة بهذه الواقعة . ففي حديث له مع محطة الإذاعة البريطانية أنكر أنه نقل إلى قاعدة عسكرية أمريكية وأنه لم يغادر أفغانستان مع القوات الخاصة، بينما أكد ضابط المخابرات الذي رافقه إلى أفغانستان والعودة إلى باكستان أنهما كانا معا في القاعدة العسكرية. أما الوقائع فتنحاز إلى رواية آميرين وتكذب أقوال قرضاي. إذ أنه في يوم بارد من أيام شهر ديسمبر/كانون الأول 2001 نقلت الطائرات الأمريكية أمام كاميرات الصحافة العالمية حميد قرضاي من قندهار إلى كابول ليتولى بأمر الولايات المتحدة الأمريكية رئاسة حكومة انتقالية. والجدير بالذكر أن هذه المهمة التي كلفته واشنطن بتنفيذها ما كانت لتنجح لولا جهود رجلين هما الأخضر إبراهيمي وزالمان خليل زادة المبعوث الأمريكي من أصل أفغاني إلى بلاد الأفغان.

لم أقابل أفغانياً أو دبلوماسياً عمل في أفغانستان إلا وانجرف الحديث إلى عائلة قرضاي. يعود اهتمامي بالعائلة إلى يوم كان السؤال الأهم في نظري هو عن السبب الذي دفع أمريكا أو بالأحرى وكالة المخابرات الأمريكية إلى اختيار حميد بالذات وإعداده لسنوات قبل تكليفه بمهمة سيقوم بها في أفغانستان في يوم قادم بعد عدد من السنوات . بنفس القدر، أو أقل، كان اهتمامي بدوافع اختيار أحمد الجلبي ليلعب دوراً في الإعداد لغزو العراق شبيهاً بدور حميد في أفغانستان. ربما كان اهتمامي مشتقاً وقتها من اهتمامي بحملة شنها مفكرون عقلانيون في عالمنا العربي تحت عنوان ضرورة مطاردة أنصار وأتباع نظرية المؤامرة في السياسة الدولية بحجة أنها نتاج خيال مريض.

عرفت في وقت مبكر أن الخطوة الأساسية في العلاقة التي قامت بين حميد قرضاي وأجهزة المخابرات الأمريكية كانت بفضل جهود أو توصيات من قيوم قرضاي الشقيق الأكبر لحميد، وصاحب سلسلة مطاعم تقدم المأكولات الأفغانية في الولايات المتحدة، ومازال يؤدي دورا جوهريا في المسألة الأفغانية مستفيداً من تنقلاته الكثيرة ومدد إقامته الطويلة في السعودية حيث تجرى معظم الاتصالات مع طالبان وفرق أفغانية أخرى. أما محمود قرضاي، وهو الأشهر على الإطلاق في عائلة قرضاي من حيث سمعة الفساد، فيقول عن نفسه إن هدفه الأسمى أن يتمكن من نشر العقيدة الرأسمالية على أسس سليمة في أفغانستان، ويرى أن أخاه رئيس الجمهورية لا يفهم في الاقتصاد كما يفهم هو . وفي لقاء خاص نقلته روبين يزعم الرئيس حميد قرضاي أنه استدعى إلى مكتبه سفير اليابان ليطلب منه عدم منح شقيقه محمود وكالة شركة تويوتا في أفغانستان، بينما يردد العارفون أن أمر المنح جاء من المسؤولين الأمريكيين، وأن تويوتا استجابت للضغط الأمريكي وأن حميد قرضاي ما كان ليستطيع أن يفعل شيئاً إن كان صحيحا أنه حاول وقف المنح. وما يزيد في صدقية هذه الرواية حقيقة معروفة ومتداولة في أفغانستان. إذ قدم جهاز المعونة الأمريكية لمحمود قرضاي أرضا ومول مشروعا معماريا خارج مدينة قندهار، كالمشروعات التي تقام في مصر وغيرها من الدول العربية، لسكن الطبقة الجديدة، وعندما سئل حميد قرضاي، قال كلمته التي صارت ذائعة في دول كثيرة عم فيها الفساد واستشرى، قال “ماذا في يدي أن أفعل . . أخي مستثمر ورجل أعمال كبير، وما الضرر في هذا؟” هناك أيضا أحمد والي قرضاي، الشقيق الأصغر ومصدر الصداع الدائم للجماعة الحاكمة في كابول. يقال إن الرئيس قرضاي استدعاه ذات يوم ليعاتبه على عمليات تجارة وتهريب الأفيون، وكان رد الشقيق الأصغر حاسما وقاطعا شديد العمق، قال “على الأقل يا شقيقي أنا أخرب مدينة قندهار، أما أنت فقد خربت البلد بأكملها”. والغريب أن يصدر عن المرشح الثاني للرئاسة أشرف غاني دفاع عن الشقيق الذي يتاجر في المخدرات، يقول أشرف: “وماذا في ذلك.. أمريكا كان فيها مجرمون وعائلات جمعت ثروات وقت تحريم إنتاج الخمور وبيعها، هذه العائلات نفسها تحظى الآن باحترام المجتمع الأمريكي ويتولى أفرادها أعلى المناصب القيادية في الولايات المتحدة”.

يقال عن التاريخ إنه يعيد نفسه، بينما تشهد الوقائع أمامنا أن الماضي يعيد نفسه بأكثر مما يعيد التاريخ . فما يحدث في أفغانستان يحدث مثله في بلادنا وبلاد عربية أخرى. شاهدت صور السفير الأمريكي في كابول في المؤتمرات التي عقدها المرشحون المنافسون لحميد قرضاي.

وسمعت عن ثورة حميد وغضبه على سفير الدولة التي تنفق عليه وعلى مستشاريه وكبار رجال دولته وتتولى حمايته وحمايتهم وتحتل نصف بلاده بالعسكر وبقوات شركات الأمن الخاصة وقوات حلف الأطلسي، قال لا فض فوه “هذا تدخل أجنبي غير جائز وخرق للسيادة الوطنية لا يمكن السكوت عليه”!! حميد قرضاي الذي ينتقد ظهور السفير الأمريكي أو استقباله المرشحين المنافسين لا يجد غضاضة في لفت نظر الزوار والدبلوماسيين الأجانب الذين لا يعودون من السفر بهدايا مناسبة للقصر، هذه الهدايا لا يعتبرها أهل قصر الأرج، قصر الرئاسة في كابول، تدخلا أجنبيا.

أذكر كيف صنعت الميديا الأمريكية صورة حميد قرضاي. وأذكر هذه العباءة الخضراء التي قال عنها توم فورد خبير الأناقة في أمريكا إنها جعلت من حميد قرضاي “الرجل الأكثر أناقة في العالم”. هذا الخبير نفسه قال عن ميشيل أوباما إنها المرأة الأكثر أناقة في العالم، هكذا وصفت الميديا الأمريكية الرئيس السادات في سنوات صعوده الإعلامي في الولايات المتحدة. أراهم يحاولون هذه الأيام صنع صورة قد لا ترقى إلى الدرجة ذاتها لمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية لما هو معروف عنه منذ أيام النضال في تونس من ذوق باهظ التكلفة وعلى مسافة ثلاثين كيلومترا من مسكنه الراقي في حي من أحياء شمال العاصمة كان المناضلون الفلسطينيون يعانون شظف العيش وتقلبات الجو وثيابهم رثة.

***

اتصل بي أحد المتابعين لأحوال السياسة والاحتلال والفساد في كابول ليقول إنه يتوقع فوز قرضاي وإن في الجولة الثانية بعد ستة أسابيع، بعد أن خفف الأمريكيون وعلى رأسهم رتشارد هولبروك انتقاداتهم وتوقفوا عن التلميح بأنهم يشجعون بدلاء له. سألته هل يتوقع ما يتوقعه زالمان خليل زادة في مقاله المنشور في “فاينانشيال تايمز” قبل أيام قليلة من أن الخاسرين قد يشعلونها نارا حامية في المنطقة الشمالية وأن طالبان سيفجرون مواقع حيوية في كابول؟ قال إنه لا يستبعد شيئا من هذا. وأضاف، أدعوك إلى عدم التعاطف مع من لا يفوز بالرئاسة. ثق تماما أن كلهم من دون استثناء سيفوزون بشيء ما، لأن قوى الاحتلال تحميهم ولن تتخلى عنهم . سألته وماذا عن الشعب الأفغاني؟ أجاب متسائلا: تقصد الخاسر الوحيد؟
"الخليج"

التعليقات