31/10/2010 - 11:02

ديموقراطيات تكرس الاحتلال وتلغي الشعوب وتهدم الحضارات!/ نواف الزرو

ديموقراطيات تكرس الاحتلال وتلغي الشعوب وتهدم الحضارات!/ نواف الزرو
تحت مزاعم "محاربة الارهاب " و "نشر الديموقراطية وحقوق الانسان" شنت الولايات المتحدة وحليفاتها العدوان السافر على العراق الذي وصف من البعض انه"جريمة العصر" .. فاقترفت قوات الاحتلال هناك وما تزال على مدار الساعة منذ لحظة الاحتلال مسلسلا متصلا لم يتوقف من المجازر الدموية الجماعية ضد اهل العراق، شيبا وشبانا ونساء واطفالا ... كما انتهكت وما تزال كافة المواثيق والقوانين والعراف والاخلاقيات الدولية والبشرية، اذ حولت بلاد ما بين النهرين الى اكوام من الدمار والخراب ومحت تراث ومعالم الحضارات هناك عن وجه الارض ...

وتحت مزاعم "محاربة الارهاب" و"تكريس الديموقراطية " ايضا تعمل الولايات المتحدة وحليفاتها في العدوان على تكريس الاحتلالات في المنطقة من العراق الى فلسطين والمنطقة برمتها ....

فأي ديموقراطيات هذه؟ واي حقوق انسان التي تؤدي الى تكريس الاحتلالات والغاء دول واوطان بكاملها ....؟!!!

... وتؤدي الى هدم ومحو حضارات شعوب وحضارات بكاملها ...؟!!
...وتؤدي ايضا الى تزييف الحقائق والتاريخ وتقلب الامور راسا على عقب ...؟!

لعل من ابرز واهم العبر المستخلصة من الاحداث المتسارعة تسارعاً ماراثونياً في فلسطين والعراق ولبنان و سوريا ودول المنطقة العربية على نحو خاص دون غيرها من دول العالم، اننا نواجه كأمة ودول وشعوب عربية معايير اميركية مزدوجة ليس لـ "الارهاب" وحده، وانما ايضا وبصورة ناصعة لـ "الديمقراطيات" وكذلك لـ "الاحتلالات".

للحدث والتوقيت ضرورة وشأن ...لذلك استعيد في هذا السياق ما كنت كتبته قبل نحو عامين في هذه المسائل والمفاهيم:

فـ"الارهاب" من وجهة نظر الادارة الاميركية وحليفاتها هو ذات "الارهاب" الذي تروجه على سبيل المثال "اسرائيل" وتحرض عليه.

و"الارهاب" من وجهة نظر "اسرائيل" في فلسطين كما نتابع هو "الارهاب الفلسطيني" الذي يشمل من وجهة نظرهم السلطة والحكومة والفصائل والشعب ... حتى لو كان على شكل طفل فلسطيني يحمل حجراً في مواجهة دبابة اسرائيلية تجتاح المخيم اة البلدة او القرية ....؟!!

وهنا نشير الى احدث مطالبة للرباعية حيث اعلنت "يجب تجريد حماس من السلاح"، بينما اعلن وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي من جهتهم "طالما انتخب الفلسطينيون حماس اذا ..فليدفعوا الثمن ...؟! عن يديعوت /4/10 .

و"الارهاب" في العراق يمس المقاومة المشروعة ضد الاحتلال الاميركي مثلا، فتصبح المقاومة هناك "ارهاباً" يجب ان يحتشد العالم كله في مواجهتها.

والمقاومة اللبنانية ايضا وعلى رأسها حزب الله تعتبر من وجهة نظر اسرائيل "ارهاباً" ويجب محاربتها وتفكيكها وتدمير بنيتها التحتية...وقد التحقت حتى الامم المتحدة الى المفهوم الاسرائيلي حيث اعلن الامين العام للمم المتحدة "كوفي انان" قبل ايام فقط "ان على لبنان ان يجرد حزب الله من سلاحه/معاريف 2006/4/20 ".

وسوريا تدرج في قائمة الدول الراعية "للارهاب" لانها تستضيف بعض الفصائل والقيادات الفلسطينية وتدعم حزب الله، وبالتالي اصبحت في دائرة الاستهداف الاميركية - الاسرائيلية.

وفي المفاهيم والسياسة الاميركية يعتبر ارهاب دولة الاحتلال الاسرائيلي المنهجي التدميري المجازري المتصل ضد اهلنا في فلسطين بمثابة "دفاع عن النفس" –تصوروا...؟.
وكذلك الارهاب الاميركي في العراق انما هو حرب اميركية ودولية مشروعة علي "الارهاب العالمي" الذي يتجمع في العراق.
واستتباعاً للمنهجية ذاتها، فان للاحتلالات مقاييس ومعايير مزدوحة ايضا..

فالدور والوجود السوري في لبنان وفق اتفاقية الطائف، كان احتلالا وارهابا يجب ان ينتهي بأسرع وقت، وكان"على سوريا ان تسحب قواتها فوراً" و"واشنطن تريد افعالاً وليس أقوالاًً"!! والادارة الاميركية "لا تقبل بانصاف الحلول" ..اما الاحتلال الاسرائيلي للاراضي المحتلة ..فلا بأس: فهذه الاراضي متنازع عليها وخاضعة للمفاوضات ...!

وحيث انه لا يوجد شريك فلسطيني للمفاوضات والسلام ...اذا فلتفعل "اسرائيل ما تريد من جدران واستيطان واجتياحات واغتيالات واجراءات تهويد كلها احادية الجانب ...فليس هناك من وجود للآخر العربي الفلسطيني ...؟!!

وهذا الاحتلال يمكن ان يستمر.. ويمكن ان يتفاوض الفلسطينيون والعرب على تسوية سياسية "وفق الشروط والاشتراطات والاجندة الاسرائيلية".. ويمكن حتى ان يستمر الاحتلال قرنا كاملا دون ان يتحرك المجتمع الدولي للمطالبة بانهائه!

وكذلك الاحتلال والغزو الاميركي للعراق القادم من وراء البحار فلماذا...؟! والى متى..؟! ولماذا ترفض الادارة الاميركية جدولة الانسحاب من العراق..؟!!

الم يكن الغزو والاحتلال الاميركي للعراق منذ البداية وما يزال غير قانوني وغير شرعي، وشكل انتهاكا سافراً لكل المواثيق والقرارات الدولية..؟!!

اما عن الديمقراطية..؟!!
فالمعايير الاميركية للديمقراطيات كما هي للاحتلالات نسخة طبق الاصل عن المعايير والمفاهيم الاسرائيلية، وهي مستمدة الى حد كبير كما اعلنت المصادر الاعلامية الاميركية نفسها من افكار "نتان شيرانسكي" اليميني الصهيوني المتشدد في كتابه الرائج في الولايات المتحدة "بفضل الديموقراطية تستطيع الحرية الانتصار على الدكتاتورية والارهاب".

فأي ديمقراطية واي حرية يتحدث عنها شيرانسكي..؟!! ولصالح من..؟!!
لا شك ان الحرية التي يريدونها للشعوب العربية هي بالضبط كالحرية التي تمنحها "اسرائيل" للشعب الفلسطيني، وكالحرية التي جاءت القوات الاميركية لتمنحها للشعب العراقي، على انقاض تدمير وتفكيك وتفتيت الدولة والوطن والشعب العراقي؟!!

ولا شك ان الديمقراطية والحرية التي يريدونها لنا هي كتلك التي تنادي بالتطبيع والتعايش مع مشاريع الاحتلالات.

.. فيا للعجب.. ويا للدهشة..
الشعب الفلسطيني يقاوم وينتفض ويتظاهر من اجل الاستقلال والسيادة ويطالب برحيل الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 1967 وحتى اليوم بلا توقف، وبدل ان يرحل الاحتلال ويطالبه المجتمع الدولي بالرحيل وفق القرارات الدولية، تقترف بحقه المجازر والمذابح وكافة ممارسات القمع والتنكيل والاذلال.. بل يتحول من وجهة نظرهم الى "ارهاب" يجب محاربته وتدميرة..؟!!

نحتاج فلسطينيا وعربيا ودوليا الي مواجهة مثل هذه المعايير المزدوجة الظالمة للارهاب والديمقراطيات والاحتلالالات..؟!!!

التعليقات