31/10/2010 - 11:02

زحالقة،، الشكر لك../ يونس الزريعي

زحالقة،، الشكر لك../ يونس الزريعي
عندما نعت عضو الكنيست جمال زحالقة الصحفي الإسرائيلي "دان مارغليت" بالصفر، فإن الأخير لم يكترث كثيراً بالوصف، ظناً منه بأنها لا تعادل كلمة "وقح" التي قذفها في وجه زحالقة، كردة فعل "لا تمت لمهنة الصحفي بأدنى صلة"،عندما غادر مهنته كصحفي، وتبنى موقع المدافع، عن باراك "وزير الدفاع الإسرائيلي"، الذي وصفه زحالقة بقاتل أطفال غزة.

لقد حاول "مارغليت" أن يحافظ علي شيء من تحضُّره المزيف، وهو يطلب بصوت هادئ مصطنع ويقول: زحالقة،،، "أخرج بره"...غير أن حالة اليأس والكراهية المزمنة، التي تتلبس عقل وقلب مارغليت وأمثاله من الصهاينة المتطرفين، تجاه كل ما هو فلسطيني،،، تلك الحالة المرضية، لم تهادنه بضع دقائق إضافية،،، فإذا به يتخبط في رده، بكلمة من الشرق، وأخرى من خارج السياق،،، فما علاقة احتلال مكانه كصحفي،،،،بالصفر، والمأجور،،، والدخيل أو المهاجر، التي نعته بها زحالقة ؟؟؟

"الصفر" له معان وقيم ودلالات يصعب حصرها، فهو نقطة التعادل، في القوى التي تحرك الأجسام في علم الديناميكا، وهو الرقم السحري، الذي لولاه لما تقدمت الرياضيات وعلوم الفيزياء والفلك والذرة...وهو "اللاشيء" في قياسات المادة والأشياء، وهو "العدم" في قياسات الأخلاق والقيم الإنسانية...وصفر العدم، هو الصفر المكافئ لدان مارغليت، الذي أراده له زحالقة...

صراع الأفكار هو أرقى وأسمى وأنبل أنواع الصراع،،، فما تميَّز الإنسان عن باقي المخلوقات إلاَّ بالفكر، الذي مكمنه العقل، وأكدته التجربة،،، أما الأفكار التي تحاول لي الحقيقة وثنيها وتزويرها، فهي ملهاة وعبث وخزي لمروِّجيها ومستأجريهم من السياسيين والإعلاميين...

الحقيقة هي أن الحرب على غزة، في مثل هذه الأيام من العام الماضي، والمسماة إسرائيلياً "بالرصاص المصبوب"، هي حرب من جانب واحد، وهو "المحتل"، على شعب لازال تحت الاحتلال، وهي حلقة فاقعة، من حيث نوعية "السلاح وحجم الدمار" في سلسلة طويلة من الحروب والاعتداءات، التي مارستها العصابات الصهيونية، منذ أوائل القرن الماضي، وليس انتهاءً بالحروب الكبرى على الدول العربية المجاورة لفلسطين، أو الحروب اليومية التكتيكية التراكمية على الشعب الفلسطيني، ممثلة في الاستيطان والتوغل والاجتياحات والاعتقالات وهدم المنازل والحصار والتضييق والقائمة تطول....

إن الإعلام الإسرائيلي يدلل يومياً بأنه في خدمة المؤسسة العسكرية التي تقود إسرائيل منذ النشأة حتى تاريخه،،،، وهو جزء لا يتجزأ من مكونات وأذرع المؤسسة العسكرية، ويخضع في سياقه العام والنهائي لتوجهات وزير الدفاع الإسرائيلي،،، ولو كان المتهم بقتل أطفال غزة، شخص غير باراك، فأنا على يقين بأن الأمر لن يثير حفيظة الجندي المطيع جداً "دان مارغليت"....

لا يجوز لأي مجرم أن يقيِّم أعماله الوحشية كيفما يشاء،،، فالجريمة تتكون من مجرم وضحية وأداة الجريمة،،، والمجرم إن خُدشت يده أو عينه، أثناء إجهازه على الضحية، لا ينتفي عنه بالمطلق وصف المجرم،،،، وظُفْرُ الضحية الملوث بجلد ودماء المجرم، لا ينفي عنها صفة الضحية... فمن المجرم الذي قتل أطفال غزة يا "دان مارغليت" ؟؟؟ أليس من "الوقاحة والصلافة" إنكار أنه جيش إسرائيل، بقيادة "مشغلك المرخص"باراك" ؟؟؟ أم أنك لا زلت ترى، ما لم يره كل العالم؟؟؟

لقد شاركت الصحافة الإسرائيلية في كافة حروب إسرائيل،،، وهيأت الرأي العام الإسرائيلي والدولي بشكل منظم وممنهج، قبيل وإبَّان الحرب على غزة،،، وهاهو الإعلام الإسرائيلي يناطح الحقيقة بقرون من طين، ويهاجم تقرير رئيس بعثة مجلس حقوق الإنسان التابع للام المتحدة في جرائم الحرب على غزة القاضي ريتشارد "جولد ستون"،،، وهاهي الصحافة الإسرائيلية، تصمت صمت القبور، على قرار قائد الجيش الإسرائيلي الأخير، بإشراك أطقم النيابة العسكرية الإسرائيلية بشكل موسع، في العمليات القتالية المرتقبة، لتكون شريكاً فيها، وتتحول طبيعتها من محاسبة الضباط والجنود على مخالفاتهم القانونية،،، إلى تبرير جرائمهم، والذود عنها، أمام الجهات القانونية المحلية والدولية... وبذلك تكون المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، هي المحتكر العام والحصري، للسلطات الأربع، بما فيها سلطة الإعلام ،،، وأعتقد بأن هذا الانجاز العظيم ،،، ستدفع ثمنه إسرائيل إن عاجلاً أو آجلاً...

إن ما يثير الاستغراب والعجب، هو تضامن عدد غير قليل من الكتاب والسياسيين في إسرائيل، مع الصحفي العنصري" دان مارغليت" وتحديداً مع وصف زحالقة له بالدخيل أو المهاجر،،، وكأنه قد تجنى على الحقيقة التي جاءت باليهود إلى أرض فلسطين....فإذا كان قدوم اليهود إلى فلسطين هو عودة لأرض الميعاد،،، فلماذا يحتفظ كل المهاجرين اليهود في إسرائيل بجنسياتهم الأصلية؟؟؟ وهل الإسرائيلية هي جنسيتهم المعلنة في دولهم الأصلية، عندما يعودوها لقضاء إجازاتهم؟؟؟ وإن كان الأمر غير ذلك،،، فلماذا تزعجهم جميعاً كلمة مهاجر؟؟؟ أليست هي الحقيقية؟؟؟ أليس السؤال الأول بين الإسرائيليين هو: أين تسكن،،، والثاني: من أين أنت؟؟؟ والمقصود هنا بلده الأصلي...

جمال زحالقة،،،، لقد دفعت كل المهاجرين من اليهود إلى فلسطين على التفكير، لهذا سخطوا عليك،،، أما أنت فقد نجحت... فكنت أخلاقيا عندما وصفت شاتمك "بالصفر"،،، وكنت حقيقياً عندما نعته "بالمهاجر"،،، وكنت "فلسطينياً بامتياز" عندما استعانوا عليك بالأمن، وأخرجوك من الأستوديو... فقد هزمتهم بالفكر والحجة التي تسمو ولا تزول،،، وتركت لهم ما للثور والحمار وكل آلات الجرِّ والدفع من قوة، تنتهي إلى صفر التعادل وما دون ...
زحالقة ،،، شكراً لك،،، فقد ذدت عن شرف الأمة في موقع هو بالتأكيد لك...
"قدس نت"

التعليقات