سلاح الفوضى والمطر القادم /الأسير وليد دقة

سلاح الفوضى والمطر القادم /الأسير وليد دقة
في المسافة بين نخبوية العمل المسلح والنخبة الدبلوماسية الفلسطينية، منطقة مكشوفة، ومساحة لا تغطيها أية إستراتيجية تحرر، وسيادة السلطة فيها غائبة، فالدولة بـ"الطريق" ضاعت في الطريق إلى الدولة.

وفي ذات المسافة بين حركة التحرر والدولة، حيث ضاع التحرير واستولى الفساد على المؤسسة، فقدنا الصلة بالثابت الإستراتيجي وانشغلنا بالمتغير اليومي. وفي هذه المنطقة بالذات تقع فلسطين وحيدة، مكشوفة، عارية، مجردة من أي سلاح، يقدم شعبها القتلى والجرحى والمعتقلين بالآلاف.

وفي هذه المسافة بين "نظافة وكفاحية" حماس وتجربة وبراغماتية "فتح" تقع غالبية الشعب الفلسطيني الذي يقدم أثماناً باهظة وغير ضرورية جراء سلاح يطلق إلى الخلف. فسلاح لا تحكمه إستراتيجية تحرر هو فوضى سلاح وسلاح الفوضى لا يطلق إلا إلى الخلف وخلف هذا السلاح نقف جميعاً، الوطن والمواطن، خلف السلاح يقف البرنامج والرؤيا الموحدة، خلف السلاح دماء الشهداء وتضحيات شعبنا، وسلاح الخلف هذا هو النتيجة لفوضى البرامج والإرادات المشتتة.

سلاح الفوضى ليس كل المشهد الفلسطيني ولا اكتماله ولا نهايته، فعندما يغيب الوطن وتزدهر "صناعة المزاودات الوطنية" يصبح كل شيء مباحاً.

أنا لغير هذه الثورة انتميت، ولم أدع، ولا أصلي لمثل هذه الحلول. وأنا لا أنتمي إلى تنظيم آخر ما يميزه هو التنظيم، ولا لحزب يقوم على الوطن، ولا أنتمي لتراث الزغاريد كلما لففنا كفناً، وجنتي كرم زيتون لم تصله يد مستوطن مهووس بالقبور، وجيلي لم ينتم يوماً لفكرة تقديس الموت من أجل حياة، وعدوي ليس "يهود خيبر" والبيت الأبيض ليس قبلتي ولا أحج عند حكام طغاة.

أن إبن فلاحة كانت تنتظر مواسم المطر وتعرف الغيم الكاذب وتميز الرعد الذي لا يعقبه مطر. وأنا أنتمي لشعار أطلقته جدتي منذ عقود "الحي أبقى من الميت".

محل السنوات لا يحله غيم صناديق الإقتراع الكاذب، ويوم الإنتخابات لا يمكنه أن يكون موسم حصاد، فالأزمة أعمق، وغيمكم غيم صيف ورعدكم وبرقكم أكذب من أن يبشر بالمطر، فأنتم الأزمة ولستم حلها، لكن المطر قادم.


(سجن الجلبوع)

التعليقات