31/10/2010 - 11:02

شطب حق العودة../ أحمد ذيبان

شطب حق العودة../ أحمد ذيبان
انا ممن يعتقدون، بأن مأساة اللاجئين تشكل أهم عناصر القضية الفلسطينية، وقد دفعت التطورات السياسية التي شهدها ملف الصراع العربي الاسرائيلي والعجز العربي والفهلوة السياسية الى ترسيخ فرضية في اذهان الكثيرين، مفادها تحويل حق العودة الى مشاعر وجدانية، يتمسك بها الجيل الاول من اللاجئين، الذي لا يزال على قيد الحياة ويواصل الاحتفاظ بمفاتيح البيوت التي طردتهم منها العصابات الصهيونية، لما تشكل لهم من أبعاد رمزية!.

واكثر من ذلك فإن قراءات سياسية عديدة، وخاصة من قبل المنخرطين في عملية التسوية، توصلت الى نتيجة أن حق عودة اللاجئين اصبح حقا نظرياَ فرصه في التنفيذ تكاد تكون مستحيلة، في ضوء الواقع على الارض، الذي اوجدته اسرائيل منذ اقيمت كدولة قبل ستة عقود، وان التفكير بعودة حتى ولو مليون لاجئ، من اصل ستة ملايين موزعين في الشتات،فان ذلك يعني احداث انقلاب ديمغرافي جذري في بنية اسرائيل، فكيف اذا رغب اكثر من مليون بالعودة لو اتيحت مثل هذه الفرصة!.

وبغض النظر عن وجهة النظر هذه، فان الانسان الفلسطيني هو أساس القضية، وربما تتقدم قضية اللاجئين على القدس في سلم الاولويات، فلا قيمة للأرض والمقدسات بدون شعب يعمرها ويرعاها، وعلينا تذكر ان الحركة الصهيونية كرست جل جهودها لترويج مقولة كاذبة ان فلسطين أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض والمقصود بالجزئية الاخيرة اليهود، الذين تم تجميع نحو 6 ملايين منهم من مختلف بقاع العالم، ما يقارب عدد اللاجئين الفلسطينيين، بدعم وتواطؤ دولي وعجز عربي، ليكونوا شعب اسرائيل!، فيما اصبح الفلسطينيون، الذين أصروا علي البقاء في ارضهم أقلية تمارس ضدهم سياسة التمييز العنصري!.

القرارات الدولية تؤكد حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وخاصة قرار رقم 194 . لكن هناك الكثير من قرارات الامم المتحدة لصالح الشعب الفلسطيني، تؤكد علي حقوقه الوطنية المشروعة وخاصة حقه في تقرير المصير واقامة دولته المستقلة، لكنها قرارات تراكم فوقها الغبار، حيث ترفضها اسرائيل ولا يوجد تحرك دولي فاعل لاجبارها على الالتزام بها. والأهم من كل ذلك،أنه لا يوجد إرادة عربية لاستثمار القرارات الدولية، وممارسة عمل سياسي جدي لاستخدام الاوراق السياسية والاقتصادية القوية التي يملكها العرب للضغط باتجاه اقامة الدولة الفلسطينية، وفق قرارات الامم المتحدة ومبادرات السلام المطروحة!. ومن بين الاوراق الاساسية حق عودة اللاجئين، وحتى مبادرة السلام العربية تؤكد على التوصل الى تسوية بشأنه من خلال المفاوضات!.

ثمة تطور خطير مستجد يتعلق بقضية اللاجئين، وهو قيام حكومة اسرائيل خلال الاسابيع الاخيرة بتنفيذ خطة لبيع ومصادرة املاك الغائبين الفلسطينيين "اللاجئين. وبطبيعة الحال من السهل القول إن ذلك مخالف للقوانين الدولية، لكن اسرائيل وخاصة في ظل حكومة اليمين المتشدد لا تعنيها هذه القوانين، وهي التي تعلن أن أحد ثوابت سياستها اعتراف الفلسطينيين بـ يهودية إسرائيل ،ما يعني شطب حق عودة اللاجئين،برمزيته وفرص تنفيذه بأي صيغة، ومن الواضح ان عمليات بيع املاك الغائبين الفلسطينيين تندرج في اطار ازالة المعطيات المادية التي تؤكد حق العودة. وكالعادة لا يوجد تحرك عربي، وخاصة من قبل الحكومات المعنية اكثر من غيرها بالتصدي لهذه الجريمة، ولو من قبيل دب الصوت في الامم المتحدة وعواصم صنع القرار!.
"الراية"

التعليقات