31/10/2010 - 11:02

صورة حاسمة../ ساطع نور الدين

صورة حاسمة../ ساطع نور الدين
قبل أسابيع، كان يمكن لصورة الملك السعودي عبد الله والرئيس الايراني محمود احمدي نجاد يسيران يدا بيد نحو قاعة قمة مجلس التعاون الخليجي في الدوحة امس الاول ان تشكل نقطة تحول حاسمة في مسار الازمة اللبنانية، التي ظلت لفترة طويلة معلقة على حوار تعثر اكثر من مرة ثم انقطع بين الرياض وطهران. لكن احدا من اللبنانيين لم يتوقف مطولا عند ذلك الحدث الاستثنائي الذي لم يفقد اهميته بالنسبة الى لبنان، الذي افرغت ازمته من معظم عناصرها الخارجية وعادت الى سياقها الداخلي التفصيلي، الذي لا يمكن لاي عاصمة عربية او اجنبية مهما كانت مؤثرة ان تحسمه.

وهو دليل لبناني ايجابي، لانه يحد من احد اخطر المظاهر التي تجلت في الاعوام الثلاثة الماضية، أي التوتر السني الشيعي الذي تصاعد حتى كاد يصل في اكثر من مناسبة الى حد الصراع.. الذي استمد من الخارج، وتحديدا من تداعيات المسألة العراقية، زخما اضافيا ما زال يعتمل في الكثير من النفوس المريضة لدى اتباع المذهبين الاسلاميين.

الصورة التي جمعت بين القطبين السياسيين للعالم الاسلامي بفرعيه السني والشيعي، تبدد الكثير من اسباب التوتر المذهبي اللبناني، لكنها لا تلغيه تماما، لان الصراع على السلطة في لبنان سيبقى مستمرا برغم انه يتخذ في هذه المرحلة شكل المناورة الجانبية بواسطة ادوات الطائفة المارونية التي ارتضت لنفسها ان تلعب هذا الدور وان تنقسم على هذا النحو بين الغالبيتين السنية والشيعية.

كما ان الصورة نفسها التي تعكس ودا شخصيا ظاهرا، لا تنهي وقوف الرياض وطهران على طرفي نقيض من مختلف القضايا العربية والاسلامية، بما فيها لبنان الذي كان ولا يزال يمثل بالنسبة الى السعودية خرقا ايرانيا للوضع العربي، وتعبيرا ملموسا عن ان الايرانيين اقتربوا من السيطرة على بلد عربي آخر غير العراق، وشارفوا على التحكم باحدى اهم جبهات المواجهة مع اسرائيل، غير الجبهة الفلسطينية التي بات الحضور الايراني فيها من المسلمات الطبيعية.

لكن التقارب السعودي الايراني الذي كان تعبيرا عن حاجة متبادلة، لم يكن يستهدف فقط الحد من الخلافات العراقية او اللبنانية او الفلسطينية بين البلدين، بقدر ما كان يهدف الى تحييد منطقة الخليج من أي صراع اميركي ايراني مقبل.. او لعله كان يعبر بشكل او بآخر عن ان الاميركيين بلغوا ذروة حملتهم على طهران، وباتوا مضطرين الى البحث عن بدائل للمواجهة التي فقدت الكثير من مبرراتها نتيجة التقرير الاخير لاجهزة الاستخبارات الاميركية الذي جزم بان ايران اوقفت برنامجها النووي العسكري في خريف العام 2003 ، ولم تستأنفه منذ ذلك الحين.

الصورة لم تكن مؤثرة جدا في بيروت، لكنها كانت حاسمة في الكثير من العواصم الخليجية التي كانت تخشى ان يندفع المتطرفون الاميركيون والايرانيون الى حرب جديدة نتيجة خطأ في التقدير.
"السفير"

التعليقات