31/10/2010 - 11:02

عارهم الخاص../ راجي بطحيش

عارهم الخاص../ راجي بطحيش
لم أوقع على العرائض ضد قانون النكبة –وأخواته وما تلاه من بدع خلاقة- والتي وصلتني من أصدقائي ومعارفي اليساريين- المزيفين منهم وغير المزيفين .. إضافة إلى أشباه المزيفين ... كما لم أشارك في أي اعتصام أو مظاهرة أو احتجاج يستنكر مشروع القانون البائس والجو الفاشي العام في إسرائيل ( على أي حال لست من هواة الإعتصامات والمسيرات والمظاهرات...أو أنني لا أصل إليها بالوقت المناسب وقد أضل طريقي إليها في أحيان كثيرة)..

لم أوقع ولم استنكر ولم أشارك... لأنني لم أشعر بالرغبة أو لأنني كنت سعيدا بصدور كتابي الجديد بعد عذابات طويلة تتعلق بالنشر... أو لأنني فضلت التأمل في عيون إبني الذي بلغ عامه الأول قبل أيام والذوبان بطفولة بالغة بتلك الابتسامة الساحرة التي لا تبعث على شيء... إلا الأمل... وقد أكون فضلت التمتع بالأيام شبه الربيعية الأخيرة في أيار الذي أعشق قبل أشهر الحر القاتلة بفظاظتها ووقاحة محبيها...

قد أكون كل هذا... كل ما ذكرت ولكن الحقيقة أنني لم أوقع ولم استنكر ولم أشارك... لأنني كنت أتلذذ وأنا أراقب ذاك المجتمع الدخيل على الشرق، وهو يتقلب في جحيم خوفه منا بشفافية فاضحة لا تمكنه من احتمال لغتنا وتاريخنا وذاكرتنا الجمعية أكثر... وكأن ثمة صوت يصرخ في البرية ويقول "لم أعد استطيع معايشة الخوف والشك الوجودي الذي يسببه حضوركم... حضوركم، لغتكم، أنتم... تشعرونني بفشل المشروع والشك في جدواه أساسا كلما ازداد العرب واحدا وقل الإسرائيليون أكثر"...
إنه عارهم... عارهم الخاص ولن أساهم في تخفيفه!

لا شك أن اقتراح مشروع قانون النكبة يعكس حجم الأزمة لدى الحركة الصهيونية، ومدى الحرج الذي وصلت إليه في عدم قدرتها على اجتثاث "السؤال" الفلسطيني! وإبادته لغويا وثقافيا وتاريخيا وذاكراتيا ... ذلك السؤال الذي بات يأبى إلا أن ينغص عليهم احتفالاتهم المزعومة بالنصر "النقي"...

إن عدم احتمال إجابات ترددية مغايرة لمفارقة يوم "استقلال" إسرائيل و"تحريرها".. هو إثبات كبير لمدى الخوف الذي يحيط بالمشروع الصهيوني... الخوف من كل شيء.. وعلى جميع المستويات... حتى من طالبتين جامعيتين تتحدثان العربية في محطة حافلات في القدس أو حيفا عن حلول امتحان الفلسفة... وهو الخوف من المستقبل.. والميزان الديمغرافي... والوعي القومي الفلسطيني... والمحيط العربي... إنه خوف دويلة باتت محشورة بعزلتها بشريط ضيق من 20 كيلومترا بين تل أبيب وكفر قاسم...
إنه الخوف الذي يولد الفاشية التي توصم شعبها بالعار...

وأعتقد أن توقيعنا واستنكارنا ومشاركتنا.. ما هي إلا إيحاءات نشارك ونتواطأ في خلقها حول عقلانية الحوار وديمقراطيته.. وتعدد الآراء في "واحة الديمقراطية".. وأن الحياة المشتركة هي أجمل بكثير من مجرد تخاريف مهووسين عنصريين... وبأن التسامح هو القاعدة "ويسرائيل بيتينو" هو الاستثناء (فيا حرام: لم يقصد أحد انتخابهم صعدوا إلى السلطة هكذا لوحدهم ومن الروح القدس)... إن المشاركة في الجدل الديمقراطي الإفتراضي المزعوم ما هو إلا مساهمة في تخفيف وطأة وحدّة فاشية النظام في إسرائيل والذي أصبح جزءا من التيار المركزي وخطابه.... وبما أنني أنوى تخفيف درجات العبث في حياتي فإنني أفضل مراقبة احتمالات الأمل وهي تنمو من حولي حتى تحين المكاشفة وكجزء من مناورة بقاء!

التعليقات