31/10/2010 - 11:02

عندما يكبو الحصان/ وليد أيوب

-

عندما يكبو الحصان/ وليد أيوب
لم يَكبُ أبو فادي، موسى أبو كشك، لأنني أرى إليه لم يحسب حسابا أنّ رصاصات نذل ستنغرس في جسمه الطاهر. بل إنني أجزم أنه لو تنبّه إلى أنّ أنذالا سيقصدونه لكان هزمهم، ولكان علّمهم أنّ الأقزام لا يمكن أن ينالوا من العمالقة، إلا غدرًا.
لكأني بأبي فادي، المناضل الصّدامي الحرّ الكريم الشريف الأصيل الذي لا يسكت على ضيم ولا "يحطها واطية" لأحد، لم يرفع يديه مستسلمًا إذ رأى مسدس/ مسدسات الغدر تصوّب إلى قلبه. وكأني به نهرهم ووبّخهم وفشّ خلقه بهم وصرخ في وجوههم أنهم أنذال، ولو أنهم لم يكونوا كذلك لما جاؤوه مُتستّرين مُحتمين بمسدّساتهم التي يصلح بها قول المثل بأنّ "السلاح في يد الخرا يجرح".
اللد عندما أتيتها في الخامس عشر من شهر أكتوبر، كي أشارك في تشييع أبي فادي، لم تكن نفسها اللد المبتسمة المرحبة بالضيوف. كان شكلها مختلفا، وبدا على وجوه أبنائها غضب وذهول وحزن عميق حتى لكأنك تحسّ أن قلوب أبناء اللد تنفطر وينعكس حزنها على الوجوه القاتمة.
سمعتهم يتساءلون: كلّ شيء جائز، لكن أن تصل إلى أبي فادي فهذا غير معقول.. وسمعتهم يعدّدون، أيضا، خصالك وكلها خصال حسنة لا يحملها إلا شريف القوم، وأنت شريفهم، وأنت أسدهم، وأنت مُصلحهم، وأنت كريمهم، وأنت وجه عرب اللد وحامي حماهم، وأنت الذي ضحّى بالوقت والمال لأجل أن يبقى الوجه العربي ناصعا في اللد. وكأني أرى إلى اغتيالك جاء لأنك كذلك، ولأنهم يرون فيك عقبة أمام انتشار الفساد بين صفوف الشبيبة العرب في المدينة المختلطة، ولأنهم يرون فيك عائقا أمام محاولات الأسرلة وتمييع الحسّ الوطني، ولأنهم رأوا فيك الحائل دون هدم بيوت العرب، ولانتمائك للحزب الوطني النقي، "التجمع الوطني الديمقراطي".
أذكر لك مواقف كثيرة وجملا قلتها عكست طيبتك وإخلاصك. وأذكر كم كان حبك عظيما لعائلتك، لأم فادي والأبناء وخصوصًا الصغيرة التي كانت ترافقك أينما ذهبت وبقدر ما تتيحه لك الظروف. لكنني أسجل لك في هذا الموقف ما قلته لي مؤخرا في عرس فادي: قلت يا صديقي إنك تحب جمال زحالقة لأنه طيّب، وتحب عوض عبد الفتاح لأنه صادق، وتحب واصل طه لأنه رجل، وتحب عزمي بشارة لأنه كل هذا.
جاء المُشيّعون من كل حدب وصوب، فقد مشى كل اللداويين وراء نعشك، وكانوا تجمّعوا في بيتك العامر بالحبّ والألفة ساعات قبل مواراة جثمانك الطاهر في ثرى اللد العربي الطاهر.. ولقد جئناك من أقصى الشمال من نحف والناصرة وشفاعمرو ومجد الكروم وكابول والرامة وكفر كنا، وأخواتها، وجئناك من أم الفحم وكفر قرع وباقة الغربية وجت، وأخواتها، وجئناك من النقب العربي يا بدوي الأصل والطبع الكريمين. جئناك أيها الفلسطيني لنحني رؤوسنا إجلالا وإكبارا لك، سلوكا ونخوة وطبعًا، وجئناك كي نكحل عيوننا بنظرة أخيرة على الفارس الكبير الذي ترجّل

التعليقات