31/10/2010 - 11:02

غبار المعركة/ د.محمود محارب

غبار المعركة/ د.محمود محارب
منذ أن طرح شارون خطة فك الارتباط من جانب واحد والكثير من الناس يتساءلون : هل ستنسحب إسرائيل فعلاً من داخل قطاع غزة ؟ هل ستفكك إسرائيل الاستيطان من قطاع غزة ومن المستوطنات الأربع في شمال الضفة الفلسطينية ؟ وكلما يطرح المعارضون في إسرائيل لخطة فك الارتباط اقتراحاً في الحكومة الإسرائيلية أو في الكنيست، يدعو إلى إلغاء أو تجميد أو تأجيل تنفيذ الانسحاب من قطاع غزة، تبرز هذه التساؤلات مجدداً.

شارون مصر على المضي قدماً في تنفيذ استراتيجيته والتي يشكل الانسحاب من قطاع غزة جزءاً منها. وتوجد لديه الإرادة والقوة السياسية ودعم غالبية المجتمع الإسرائيلي والأغلبية في الخارطة الحزبية الإسرائيلية وفي الحكومة والكنيست ودعم المؤسسة الأمنية ووسائل الإعلام لتنفيذ خطته.

سينسحب شارون من قطاع غزة لأن ذلك يندرج في استراتيجيته الهادفة إلى إلتهام وتهويد القدس العربية المحتلة وأكثر من نصف أراضي الضفة الفلسطينية المحتلة.

وبواسطة "طعم" تفكيك الاستيطان من قطاع غزة وأربع مستوطنات في شمال الضفة، وهو أمر هام ويشكل سابقة لأنه المرة الأولى التي تقدم فيها إسرائيل على مثل هذه الخطوة في الأرض الفلسطينية، نجح شارون في تجميد "خارطة الطريق" التي تدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي حدث في العام 1967، وأصبحت أجندته "اللعبة الوحيدة في المدينة"، إسرائيلياً وإقليمياً ودولياً.

معركة شارون الحقيقة ليست في قطاع غزة، فقطاع غزة المزدحم بالمواطنين الفلسطينيين الذي يزيد عددهم على مليون وربع المليون في مساحة 300 كم مربع، يعتبر من وجهة النظر الإسرائيلية "منطقة ساقطة"، منذ فترة طويلة، ويتوجب على إسرائيل "التخلص" منها.

ما يدور في قطاع غزة بالنسبة لشارون هو بمثابة "غبار المعركة" الذي يجذب أنظار الجميع إليه في حين يستمر شارون على مدار أيام السنة في تعزيز الاستيطان في القدس الشرقية المحتلة لتهويدها وتكثيف وزيادة الاستيطان في الضفة الفلسطينية سواء في ما يطلق عليه إٍسرائيلياً "الكتل الاستيطانية" أو في زيادة عدد المستوطنين في "المستوطنات العشوائية" وزيادة عددها التي بلغت حتى الآن 105 مستوطنة، والاستمرار على مدار الساعة في بناء جدار الفصل والاستمرار في مصادرة الأراضي الفلسطينية وشق الطرق ....

يعتقد شارون أنه بعد أن ينفذ الانسحاب من قطاع غزة سيكون له رصيد كبير يمكنه من فرض أجندة جديدة ويدعو العالم لدعمه في صراعه ضد نتنياهو وإخضاع الأجندات الفلسطينية والإقليمية والدولية لأجندته. وربما يفوز شارون في الانتخابات ضد نتنياهو وربما يفشل. وفي كل الأحوال يكون قد خلق بعد الانتخابات الإسرائيلية في العام القادم واقعاً إلتهم فيه جدار الفصل الضفة الفلسطينية وحاصر القدس وازداد عدد المستوطنين والمستوطنات "العشوائية" وغير العشوائية، ويدعو العالم للإقرار بالواقع الجديد.

التعليقات