31/10/2010 - 11:02

في ذكرى استشهاده: من قتل الرئيس؟؟../ يونس عموري

في ذكرى استشهاده: من قتل الرئيس؟؟../ يونس عموري
من قتل الرئيس...؟؟ سؤال ما زال صداه يتردد كلما اقتربنا من جوهر الحقيقة.. وربما لا يُراد لنا أن نعلم وأن نعرف حقائق الأشياء ومكامنها... لئلا نكتشف خبايا الأمور ودهاليز مسار المؤامرة ومحطات التآمر وتلك الأيدي التي ما زالت تمعن بفعل التخريب وممارسة العبث الممنهج بحق الوطن وقضيته ليكون التلاعب بمصير الشعب وحقوقه أسهل.

من قتل الرئيس ..؟؟ سؤال ما زال يقض مضاجعنا ولا يمكن أن يستوي تاريخنا المعاصر دون أن تتم الإجابة عن هذا السؤال... وليس المقصود بالسؤال فعل القتل بحد ذاته... فالكل يعلم أن حكام تل أبيب هم من مارسوا عملية الذبح للقائد الرئيس ياسر عرفات... وكان أن أُتخذ القرار حينما عرفوا وتيقنوا أن للرئيس مسارا متعاكسا تماما، ورغبتهم بإحالته إلى قرضاي فلسطين الجديد.. وان ما حاولوا أن يفرضوه عليه سقط على صخرة صموده الأسطوري في عقر البيت الأمريكي (في منتجع كامب ديفيد) بصيف العام 2000، وأن هذا الرئيس هو من يستطيع أن يزلزل الأرض تحت أقدام الغزاة من خلال الفعل النضالي الكفاحي المحسوب الخطى.. وإن أراد فبمقدوره أن يحرك دفة العمل السياسي وفقا لاتجاهات الريح حتى يكون الإبحار آمنا سليما....

أدركوا أن للرئيس خطوط حمراء لا يمكن أن يقفز عنها، ولا يسمح لأحد بالقفز عنها ويعلم كيف من الممكن أن يتعامل والمتغيرات الفارضة لذاتها... عرفوا عنه الكثير وعرفوا أنه الصلب في مواجهة المصير... وحينما اقتربت ساعة الحسم الفعلية لحقائق الأمور على أرض الواقع، قال كلمته التي أذهلت كل من كان يراهن على ياسر عرفات بالخنوع والسقوط بحبائل التأمر الإسرائيلي الأمريكي... حيث اللا المدوية حينما أطلقها بوجه كلينتون وباراك حينها...

واستدراكا للحظة قيل له ألا تعلم أنك بحضرة الزعيم الأول في العالم..؟؟ وكيف لك أن تقول اللا هذه...؟؟ تلك اللا التي لا تستوي وأبجديات الفعل الدبلوماسي المعاصر... بل إنها تعتبر بالعرف السياسي في ظل عصر العولمة والواقعية السياسية الجديدة دربا من دروب الخيال لا تستوي إلا في ظل حالة المُنتصر... وياسر عرفات كان بشعر دائما انه المُنتصر لطالما أن فعل التفريط والتسليم بما يريده حكام الدولة العبرية لم يتحقق... ولطالما أن تجاذبات القضية الفلسطينية وارتداداتها تؤثر بفعل الإستقرار الإقليمي وأنها ما زالت واحدة من أهم، بل ومن أعقد قضايا المنطقة، وأن ما يسمى بفعل الأمن والاستقرار في المنطقة لا يمكن أن يستوي لطالما أن المسألة الفلسطينية على حالها، وحيث أن الرئيس ياسر عرفات كان مدركا لهذه الحقيقة فقد اعتبر نفسه (وهذه حقيقة) يملك أوراق اللعبة السياسية، وبالتالي فإنه يمسك بزمام المبادرة ويسيطر على قوانين الصراع، ويحركها وفقا لتطورات وتفاعلات الأحداث الدولية والإقليمية محاولا الإستفادة بشكل براغماتي من كل ما من شأنه الإسهام في خدمة المسألة الوطنية بالدرجة الأولى..

وحيث انه قد دخل عش الدبابير (الفعل السياسي الدولي) من خلال البوابة الأمريكية والتي أضحت اللاعب الأساسي والأول في العالم في ظل عصر القطب الأحادي الطرف والفارض لقوانين وشروط السياسة الدولية ومحركاتها وخنوع الكل الإقليمي لإرادتها وتنفيذ محدداتها خدمة لراعي بلاد العم سام ومصالحه بالمنطقة التي تتوافق وتتقاطع ومصالح تل أبيب ومن يقف على هوامشهم من يهوذات جدد جندوا أنفسهم من اجل ما يسمونه رعاية لمصالحهم الفئوية والقطرية الضيقة... بل إن رجالا اعتقدوا أنهم يمثلون الرأي الأخر لرأي الزعيم في البيت الفلسطيني حاولوا أن يتساوقوا وإرادة البيت الأبيض الجديدة وبالتالي وإرادة حكام تل أبيب قد عاكسوا ياسر عرفات حينها... و قيل أن ياسر عرفات قد اخطأ وما كان له أن يقول تلك اللا... وإن هذه اللا قد جرت الويلات على القضية الفلسطينية وشعب الضفة والقطاع محاولين أن يتمظهروا بمنطق الرأي الأخر وان الإختلاف لا يفسد للود قضية... وفي محاولة مفضوحة ومكشوفة استمر الـتآمر، فمرة من خلال تقويض صلاحياته وأخرى من خلال سحب البساط من تحت أقدامه وتارة بإدخال تعيينات جديدة في النظام السياسي الفلسطيني واستحداث مناصب سيادية تقوض سياسات الرئيس.... بل إن الأمر قد وصل إلى تضخيم مؤسسات رسمية وجعلها بما يوازي دويلات داخل النظام الرسمي الفلسطيني على شكل إمبرطوريات يقف على رأسها أباطرة جدد تعاكس رؤاهم ورؤية عرفات ذاته.

اعتقد أن قرار قتل السيد الرئيس قد جاء إدراكا من قبل كل هؤلاء أن فعل القتل سيسهم في إفساح المجال لما يسمى بالواقعية السياسية الجديدة ولإحلال كلمة وفعل اللا العرفاتية ... ولإيقاف مسلسل التأثير بمجريات العملية السياسية على المستويين المحلي والإقليمي من قبل الجانب الفلسطيني بهدف إجبار القيادة الفلسطينية على التعامل والوقائع الجديدة على الأرض للتسليم بما هو مطروح أمريكيا وبالتالي إسرائيليا...

لقد أدرك صُناع السياسة الأمريكية وبالتالي الإسرائيلية أن ما يسمى بالسياسة العرفاتية قد شكلت عقبة حقيقية على طريق الصناعات السياسية السلامية التسووية للمنطقة التي لا يمكن أن تؤتي ثمارها إلا من خلال بوابة فلسطين... فكان لابد من فعل التغيب والترحيل لياسر عرفات وهذا ما كان.

إلا أن السؤال يعود ليفرض نفسه.. من قتل السيد الرئيس..؟؟ والمقصود هنا بفعل القتل عمليا... أي من الذي ساعد وجهز واحكم سيطرة فعل القتل ذاته... ولماذا الحقيقة غائبة..؟؟ ومن هو المستفيد فلسطينيا وحتى عربيا من فعل تغيب ياسر عرفات بالفعل..؟؟ وإذا ما نظرنا إلى وقائع القضية الفلسطينية بالظرف الراهن ما بعد ياسر عرفات ندرك حجم الكارثة وما آلت إليه قضيتنا الوطنية... وربما ادعى أن المنهج العرفاتي ما كان ليسمح أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه.. حيث تمزيق وتفتيت الوحدة الجغرافيا لأراضي السلطة الوطنية الفلسطينية ما بين سيادتين متناقضتين مختلفتين متناحرتين (فتح وحماس) وحيث تراجع مكانة حركة فتح بالأوساط الجماهيرية الشعبية الفلسطينية وتقهقر مكانة الحركة الوطنية الفلسطينية بكل رموزها وتراثها التاريخي ومضامينها النضالية الكفاحية.. ليسهل بالتالي فرض ما يسمى بمشروع التسوية في المنطقة دون أن يكون هناك ما يمكن أن يسمى باللا العرفاتية أو التلاعب على المتناقضات من قبل عرفات أو تحريك أدوات الصراع الأخرى الجماهيرية والكفاحية التي لطالما استطاع عرفات أن يتعامل معها بحنكة وذكاء وفقا لمعطيات المرحلة.... اعتقد أن عملية قتل الرئيس عرفات ما كانت لتكون إلا في ظل تواطؤ فلسطيني عربي... وبالتالي من حقنا أن نعلم وان نعرف من قتل الرئيس فعليا ومن اشترك وجهز لفعل القتل هذا وبالتالي لانهيار الواقع السياسي الفلسطيني لتبدو الصورة كما هي عليه الآن.

التعليقات