31/10/2010 - 11:02

قمة القضايا الحساسة../ هاني المصري

قمة القضايا الحساسة../ هاني المصري
قمة أخرى بين أبو مازن وأولمرت، القمة هذه المرة ستبحث حسبما نقلت رايس في جولتها الأخيرة في القضايا الأساسية التي ستقود إلى إقامة دولة فلسطينية، أي في القضايا الحساسة.

الهوة بين الموقفين الفلسطيني والإسرائيلي شاسعة جداً. وحكومة أولمرت قوية برلمانياً ولكنها اضعف حكومة في إسرائيل شعبياً. وإذا أقدمت على الاقتراب من القضايا الحساسة بصورة تخالف الإجماع الإسرائيلي أو الاتجاه المركزي الإسرائيلي ستسقط، أكثر من ذلك علينا أن لا نطعم أنفسنا جوزاً فارغاً، فهذه الحكومة التي لم تستطع إزالة حاجز رئيسي واحد أو بؤرة استيطانية واحدة، من تلك البؤر التي فاق عددها أكثر من 150 بؤرة، والتي يطلقون عليها بؤراً غير قانونية وفقاً للقانون الإسرائيلي، والماضية بتسارع رهيب في توسيع وتكثيف الاستيطان واستكمال بناء جدار الضم والتوسع، ومواصلة العدوان العسكري بكل أشكاله، لا يمكن أن نتوقع منها أن تجازف بالإقدام على أية خطوة جريئة، بل إن حافزها الرئيسي من التحرك السياسي الجديد هو محاولة قطف ثمار الانقسام الفلسطيني الداخلي، وتعميق طلاق الضفة وغزة، والسعي للإيحاء أو محاولة تحقيق انجاز على طريق تحقيق الأهداف الإسرائيلية في تصفية القضية الفلسطينية من مختلف جوانبها وأبعادها.

تأسيساً على ذلك كله، اخترع أولمرت مسألة الاتفاق على إعلان مبادئ، يصاغ بعبارات عامة، ويتم تطبيقه على مراحل طويلة زمنياً، لذلك يمكن أن نطلق عليه إعلان مبادئ مؤجل التنفيذ، وحتى ندرك أن المسألة يمكن أن تسير فعلاً على هذا النحو، علينا أن نتذكر ما قالته رايس للصحافيين المرافقين لها في جولتها الأخيرة، إن هدف الإدارة الأميركية الحالية هو التوصل إلى إعلان مبادئ، أما مسألة تنفيذه فستحال إلى الإدارة اللاحقة، وهذا تقدير استباقي بان ما يمكن الوصول إليه لا يمكن تطبيقه بسهولة وسرعة، وتحاول إدارة بوش أن تصيب بإعلان المبادئ أكثر من عصفور بحجر واحد، أولا: الإيحاء بأنها معنية بحل القضية الفلسطينية، بينما ما تحاول القيام به في الواقع هو تصفيتها. ثانياً: إقناع الرئيس أبو مازن وحكومة سلام فياض بالمضي قدماً في وقف المقاومة وتصفية بنيتها التحتية وعزل وإقصاء حماس. ثالثاً: تعزيز وتطوير التحالف الأميركي الإسرائيلي مع الدول المعتدلة العربية التي ستشعر براحة اكبر في هذا التحالف إذا وجدت اهتماماً بحل القضية الفلسطينية.

ما يسقط من الحسابات الأميركية - الإسرائيلية أن القيادة الفلسطينية ليس من السهل عليها أن توافق على إعلان مبادئ عام وفضفاض مؤجل التنفيذ، أي إعادة إنتاج اتفاق أوسلو بصيغة جديدة، الأمر الذي يمكن أن يجعل الحل المؤقت الذي يمكن التوصل إليه لحين تطبيق إعلان المبادئ إلى حل دائم. ويزيد الصعوبة عند القيادة الفلسطينية انه لديها منافس يحسب عليها خطواتها ويمكن أن يسجل النقاط لصالحه.

وما يزيد أهمية هذا الأمر، أن ما سيعرض على الفلسطينيين على طاولة المفاوضات وهم ضعفاء منقسمون سيكون اقل مما عرض عليهم سابقاً ورفضوه، في كامب ديفيد وطابا، فكيف سيقبلون عرضاً اقل، وعرضاً لا يؤدي إلى تغيير حياة الفلسطينيين على كافة الأصعدة، والى فتح أفق سياسي قادر على إنهاء الاحتلال. إنهاء الاحتلال عن كافة الأراضي المحتلة العام 1967، بما فيها القدس، وليس في أو ضمن حدود 1967، أو إنهاء الاحتلال الذي بدأ العام 1967 فالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية تنص على عبارات واضحة ومفهومة وغير قابلة للتفسيرات المتناقضة، إن غموض العبارات يعطي لإسرائيل بوصفها القوة المحتلة القدرة على تفسير أي غموض بصورة تناسبها وتحقق مصالحها.

وحتى ندرك مدى تعقيد المسألة أكثر علينا أن نستمع إلى ما يقوله إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي، الذي يشترط على السعودية حتى تشارك في الاجتماع الدولي أن تعترف بإسرائيل كدولة يهودية.

ويصر على عدم المضي بعيداً مع أبو مازن وسلام فياض لأنهما رجُلا قلم وليسا رجُلي سيف، وأنهما يجب أن يُبرهنا على قدرتهما على توفير الأمن لإسرائيل قبل تمكينهم من تولي مسؤولية الأمن في الضفة، ولان إسرائيل لا تثق بالسلطة لتوفير أمنها فهو يطالب بتأجيل تحويل مهمة الأمن للسلطة مدة تتراوح ما بين 3 - 5 سنوات حتى تستكمل إسرائيل تجهيز وتطوير قدرتها الصاروخية لتردع أي إطلاق للصواريخ الفلسطينية من الضفة إلى إسرائيل، فباراك يؤمن بأن إسرائيل يجب أن لا تذهب للسلام إلا من موقع القوة، والقوة الإسرائيلية تزعزعت جراء الإخفاقات في لبنان وفلسطين ويجب استعادة هيبة الردع الإسرائيلية قبل أي اتفاق سلام، فباراك "صاحب العرض السخي في كامب ديفيد" يريد فرض الشروط والإملاءات والمصالح الإسرائيلية!!

وهذا كله يدل على أن طريق المفاوضات ليست سالكة وإذا وجدت إسرائيل نفسها محرجة ستسلك الدرب الذي لجأت إليه سابقاً وهو أزمة حكومية والذهاب إلى انتخابات مبكرة.
"الأيام"

التعليقات