31/10/2010 - 11:02

كتاب ماكليلان يفضح وسائل الإعلام../ ديفيد إدواردز*

كتاب ماكليلان يفضح وسائل الإعلام../ ديفيد إدواردز*

في ابريل/ نيسان ،2006 قال جورج بوش وهو يودع أمين سره الصحافي في البيت الأبيض، سكوت ماكليلان، الذي كان على وشك الرحيل عن منصبه: “ذات يوم، سنجلس أنا وإياه، مسترخييْن في تكساس، نتجاذب أطراف الحديث عن الأيام الخوالي، وعن الوقت الذي قضاه أمينَ سر للصحافة”.

ستكون خطط الجلسات المسترخية قد ألغيت نهائياً، بعد نشر مذكرات ماكليلان الجديدة، التي تحمل عنوان: “ما حدث: في عُقرِ البيت الأبيض في عهد بوش، وثقافة الخداع في واشنطن”. وفي نظر صحيفة الاندبندنت “ينتقد الكتاب جورج بوش وإدارته بطريقة جارحة أكثر من أي كتاب نُشِر حتى الآن”.

ويصف ماكليلان في كتابه، كيف اعتمد بوش على “حملة دعاية سياسية” بدلاً من الحقيقة ليروّج حرب العراق بين الجماهير الأمريكية. ويقول إن الغزو لم يكن ضرورياً في واقع الأمر، بل كان “خطأ استراتيجياً”، حيث كان بوش قد عقد العزم في وقت مبكر على مهاجمة صدام حسين. وكانت الطريقة التي أدار بها بوش المسألة “تضمن تقريباً أن يصبح استخدام القوة الخيار السانح الوحيد”. ويضيف ماكليلان: الادعاء بأن بوش قد عقد العزم على مهاجمة العراق مبكراً، تؤيده أمور تم كشفها في وقت سابق. إذ تضم المحاضر التي تسربت عن مذكرة بالغة السرية صادرة عن داوننغ ستريت (مقر رئاسة الوزراء البريطاني)، ويرجع تاريخها إلى 23 يوليو/ تموز ،2002 سجلات لما قاله السير ريتشارد ديرلوف، رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني ام 16. وكان ديرلوف يعلق على زيارة قام بها مؤخراً إلى واشنطن حيث أجرى مباحثات مع جورج تينيت، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية: “يُنظَر إلى العمل العسكري الآن باعتباره حتمياً. فبوش يريد إزالة صدام، من خلال عمل عسكري، يُبَرر بالربط بين الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، غير أنه يجري تركيز المعلومات الاستخبارية والحقائق حول السياسة”.

كان ذلك قبل الغزو بثمانية أشهر، ولكن قرار الهجوم كان قد اتخذ قبل ذلك بوقت طويل. ففي يناير/ كانون الثاني ،2004 كشف وزير الخزانة الأمريكي السابق بول أونيل، أن إدارة بوش قد تسلمت السلطة وهي عازمة على الإطاحة بصدام حسين، متذرعة بهجمات 11 سبتمبر/ أيلول: “كان الاهتمام كله منصبّاً على العثور على طريقة لفعل ذلك. وكان الرئيس يقول “روحوا اعثُروا لي على طريقة لفعل ذلك”.. فمنذ بداية البداية، كانت هنالك قناعة بأن صدام حسين شخص سيئ ولا بدّ من رحيله”.

وذكر أونيل أنه رأى مذكرة تُهيئ للحرب، ويرجع تاريخها إلى الأيام الأولى من عمر إدارة بوش. وكان عنوان مذكرة أخرى، موسومة بأنها سرية “خطة لعراق ما بعد صدّام”.

ويذكر ماكليلان أن بوش موهوب في خداع نفسه فهو قادر على إقناع نفسه بأن الأسباب الداعية للحرب أقوى بكثير مما هي عليه في الواقع. ويضيف ماكليلان، أن بوش لم يكن لديه كثير وقت للدخول في تفاصيل السياسة. وكان يفضل أن يتبع غريزته في الشؤون الخارجية، التي لم يكن يعرف عنها شيئاً عندما تولى منصبه. ومنذ ذلك الوقت عاش في ما يشبه “الفقاعة” التي تعزله عن العالم الحقيقي. وكما قال ماكليلان في مقابلة أجريت معه الأسبوع الماضي، “لا تستطيع إلاّ بعد أن ترحل عن البيت الأبيض، أن تخلع قبعة تعصبك للحزب، وأن ترى الأمور بوضوح”.

انتقد ماكليلان أيضاً، وسائلَ الإعلام، ووصفها بأنها كانت تتواطأ في تمكين بوش في حملته لتضليل الرأي العام. وقد أيد العديد من الصحافيين ماكليلان في انتقاداته. وقالت المذيعة في شبكة “سي بي اس”، كاتي كوريك، إن افتقار وسائل الإعلام إلى التشكك قبيل الحرب “كان واحداً من أشد الفصول إحراجاً في تاريخ الصحافة الأمريكية”. ومما يلفت النظر كذلك، قولها إنها بينما كانت تعمل مقدمة لبرامج “توداي اليوم” في شبكة “ان بي سي”، كانت تشعر بالضغط من “قبل المؤسسات التي تملك المكان الذي نعمل فيه ومن قِبَل الحكومة ذاتها، لكي نطمس تماماً أي نوع من الاحتجاج أو أي نوع من إثارة التساؤلات حول الحرب”.

كما قالت جسيكا يلين، التي كانت تعمل لدى شبكة “ام اس ان بي سي” سنة ،2003 وتراسل الآن شبكة “سي ان ان”، إن الصحافيين كانوا “يتعرضون لضغط هائل من قبل مديري الشركات، بصراحة، لكي يضمنوا تقديم الحرب بطريقة تنسجم مع الحمى الوطنية التي سرت في جسد الأمة”. وقالت إن منتجي برامجها كانوا يريدون أن تعكس التغطية الإعلامية المزاج الوطني في البلاد.

ونادراً ما يعترف كبار الصحافيين بأن مستخدِميهم يضغطون عليهم من أجل اتباع خط سياسي؛ وذلك ضغط يُفتَرَض أنه غير موجود. ومع ذلك لم يُذكر تعليق “يلين” سوى مرة واحدة (في صحيفة الاندبندنت)، كما لم يذكر تعليق كوليك، في كل الصحافة البريطانية على إطلاقها. وقد تركزت جميع الإشارات إلى ماكليلان، على الإساءة التي تعرض لها من قبل منتقديه، ومعظمهم من زملائه السابقين. فقد نشر توم بالدوين، على سبيل المثال، تلويث سمعة تقليدياً: “اتهم المنتقدون، ومن ضمنهم زملاء وأصدقاء حميمون، أمين السرّ الصحافي السابق في البيت الأبيض بخيانة السيد بوش. كما وصف آخرون كتابه بأنه “يثير الشفقة” أو أنه محاولة يائسة لكسب بعض المال، بعد ان عجز مؤلفه عن العثور على وظيفة منذ استقال من منصبه”.

ففي مناقشة الخبر، تقاعست “الجارديان”، و”الاندبندنت”، و”التايمز”، و”الديلي تلغراف”، و”الميرور”، و”ذي ايفنينغ ستاندارد”، و”الصنداي اكسبرس”، عن ذكر إشارة ماكليلان إلى وسائل الإعلام بوصف “المتواطئة في تمكين بوش من تنفيذ خطته”.
"الخليج"

التعليقات