31/10/2010 - 11:02

لا تُوقّع!../ د.جمال زحالقة

لا تُوقّع!../ د.جمال زحالقة
تناقلت وسائل الإعلام خبراً مفاده أن وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية تنوي جمع تواقيع طلاب المدارس على "وثيقة استقلال إسرائيل"، ويشمل المشروع كل المدارس العربية من الصف الأول ابتدائي حتى الثاني عشر ثانوي. وسيخصص لهذا الغرض زاوية خاصة في كل مدرسة يؤمها الطلاب أو يجرجرون إليها بغرض التوقيع.

إن محاولة إجبار طلابنا على التوقيع على هكذا وثيقة هي محاولة غير بريئة لاستغلال براءة الطلاب، وهي بالتأكيد محاولة لإذلال الضحية وإهانتها، واستهتار بكرامتها الإنسانية والوطنية وبذاكرتها التاريخية وانتمائها القومي. ويندرج هذا المشروع ضمن المسعى المحموم لتشويه الشخصية الوطنية وصناعة الولاء للدولة التي قامت على دمار شعبنا وطرده من بلاده وأرضه.

ما حدث عام 48، كان نكبة الشعب الفلسطيني، أما ما يسمى "استقلال" إسرائيل فهو تشويه لكلمة استقلال ولمفهوم الاستقلال، الذي يعبر عن تحرر الأمم من الاستعمار والانتصار عليه، في حين أن إقامة الدولة العبرية وما رافق ذلك كان انتصاراً لمشروع كولونيالي اقتلع أهل البلاد من أرضهم وحل مكانهم وارتكب المجازر بحقهم. لذلك فإن من واجب كل صاحب ضمير حي، وكل من يتبنى قيم التحرر الكونية والاستقلال الحقيقي عن الامبريالية، بغض النظر عن انتمائه القومي، أن يرفض تسمية ما حدث عام 48 استقلالاً، لا أن يبرر ويفاخر بالتوقيع على ما يسمى "وثيقة استقلال إسرائيل"، كما يتعامل الحزب الشيوعي مع توقيع قائده التاريخي ماير فلنر عليها.

إن إعلان وزارة المعارف الإسرائيلية عن مخططها لإجبار طلابنا على التوقيع على مثل هذه الوثيقة، المرفوضة بنصها وسياقها، هو انتهاك خطير لحرمة الضحية الفلسطينية وكرامتها الوطنية والإنسانية. ونحن نتوجه مباشرة لكل طالبة وطالب: لا توقع! ونتوجه لكل أم وأب، لكل جد وجدة، لكل لجنة أولياء أمور، ولكل مدرس ومدرسة: لا تسمحوا بأن يوقع أحد من أبنائنا وبناتنا على هذه الوثيقة مهما بلغ الإغراء أو التهديد.

تأتي حملة التوقيع على "وثيقة الاستقلال" ضمن مشروع ضخم أعدته وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية للاحتفال بمرور ستين عاماً على ما يسمى استقلال إسرائيل. وجاء في نص المشروع التأكيد على "مساواة كاملة وتامة" في الاحتفال وطقوس الإمعان في الولاء للدولة، بين الطلاب العرب واليهود من أطفال الروضة حتى شباب الجامعة. (سنقوم لاحقاً بنشر تفاصيل المشروع) ويكفي أن نورد هنا أن الأهداف الأربعة للمشروع تعطي الوزن الأكبر للطلاب العرب المطالبين بتطوير مشاعر "الانتماء والاعتزاز والحب والارتباط بالدولة ابنة الستين عاما" وكذلك بإحياء العيد الستيني والاحتفال به. وهناك هدف آخر وضعته وزارة المعارف لنفسها وهو "مساعدة أبناء الشبيبة من اليهود والمسلمين والمسيحيين والدروز وآخرين على صياغة رؤية لدولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية".

من الملفت للانتباه أن وزارة المعارف وضعت أيضاً قائمة لتسويق ما أسمته انجازات الدولة بالنسبة للأقليات وتتضمن "دمج الدالية وعسفيا وإقامة المدينة الدرزية الأولى"، ومن المعروف أن أهالي البلدين يرفضون الدمج ويعتبرونه مصيبة حلت بهم، وكذلك إنجاز "فوز أبناء سخنين بكأس الدولة"، الأمر الذي تحقق بفضل الإدارة واللاعبين، رغم سياسة التمييز العنصري الذي يعاني منه الفريق. هذا دليل على أن وزارة المعارف الإسرائيلية لا تنوي إذلال الطلاب فحسب بل تعليمهم الكذب على الناس وعلى أنفسهم.

في مواجهة هذا المخطط المبني على التربية للكذب والخداع والتضليل والإذلال والإهانة والتشويه، يطلق التجمع الوطني الديمقراطي حملة لمقاطعة كافة مراسيم وطقوس الاحتفال بالستين الإسرائيلي، ويدعو كل القوى الوطنية وكل أبناء شعبنا إلى العمل المشترك للتصدي للمحاولات الاحتفاء والاحتفال المشبوهة الهادفة للاحتواء والإلحاق وتشويه الضمير والشخصية الوطنية لأبناء وبنات شعبنا في الداخل. في المقابل علينا أن نشرع حالاً في الإعداد لإحياء الذكرى الستين لنكبة فلسطين، كرافعة لبناء الهوية الوطنية وإشهار الوفاء للضحية الفلسطينية وقضية شعب فلسطين العادلة.

التعليقات