31/10/2010 - 11:02

لذا شطب التّجمّع.. / علي نصوح مواسي

• يريدونه برلمانا صهيونيّا منقّى مصفّى مطهرا من الـ "جوييم" فيلغون وجود الأحزاب العربيّة ويشطب التجمع..

لذا شطب التّجمّع.. / علي نصوح مواسي

• يريدونه برلمانا صهيونيّا منقّى مصفّى مطهرا من الـ "جوييم" فيلغون وجود الأحزاب العربيّة ويشطب التجمع..

• كابوس "دولة كلّ مواطنيها"، بعبع "الاعتراف بالعرب أقلية قومية"، شبح "مفهوم السكان الأصليين وتصوراتهم المستقبلية"، عفريت "رفض طابع الدولة اليهودي كأساس لمساواة حقّة"، شيطان "إثبات أحدهم عدم تنورهم وبعدهم عن الديموقراطية لعظم تنوره وديموقراطيته"، هي أفكار يتصورونها على ذلك النحو، ترجمت أفعالا ومشروعا متكاملا، تلاحقهم في نهاراتهم ولياليهم، تقضّ مضاجعهم الصّهيونيّة العنصريّة الفوقيّة، وكلّها ابتكار وخلق تجمعيّ أصيل، لذا شطب التجمع..

• فرن صهرهم احترق بنيرانه، كُسِحَ الكثيرُ من مظاهر أسرلتهم فبادت لتبيد معها ظاهرة رفع رايتهم الاسرائيلية في مدننا وقرانا، ولّى عصر" بعيد استقلال بلادي غرد الطير الشادي.. "إلى غير رجعة، وانتقل رفع الراية الفلسطينية من طور الحالات الفردية النادرة إلى ظاهرة عامة صارخة، وأصبح اسم فلسطين لفظا شائعا مقدسا يردده الشيب والشبان، وغدا الشماغ الفلسطيني رمزا قوميا وطنيا يدلل على عروبة الانتماء وفلسطينيته، يلبسه الشباب في كل مقام ومحفل، وراح الناس يخرجون إلى الشوارع بمئات الآلاف هذه الأيام وفي العام 2000.. 

هو خطاب التيار القومي الوطني الذي فرض ذلك ورسخ له وأدى إليه، لذا شطب التجمع..

• شارع كامل راح يتحوّل إلى خطاب التيار القومي الوطني، تيارات وأحزاب أفكارها وطروحاتها غير التي يتبناها التيار القومي الوطني، غدت تقتبس وتتبنى روح وأفكار وألفاظ وسلوك ذلك التيار، أدرك أصحابها ذلك أم لم يدركوا، اعترفوا بذلك أم لم يعترفوا، فصار خطاب التيار القومي الوطني ثقافة عامّة وسلوكا شعبيّا، مما أربك سلطة صهيون وأقلقها، لذا شطب التجمع..

• لنا منا وفينا، قائد مفكر مبتكر خلاق وفيلسوف مبدع نبجله ونقدره، تجاوز مرحلة التنظير باكرا ليترجم أفكاره إلى فعل واقع فأسس مشروعا وصنع تنظيما وفرض خطابا، سنانه العقل والقلم واللسان وقوة الحضور والألمعية والثبات على المواقف والمبادئ وعمق الطرح، نقلنا من طور إلى طور ومن مرحلة إلى مرحلة، نحن أبناء الأقلية العربية الفلسطينية في الداخل، فصار العالم العربي قاطبة، قادة وشعوبا، يعرف بنا ويحسب لنا حسابا في المؤسسات الأكاديمية والبحثية والحكومية والمدنية والفضائيات والصحف، فأوجد لنا حضورا إقليميا وعالميا وصار لوجودنا احترام..

لا خير في أمة لا تبجل قادتها ورموزها ومبدعيها العظماء ولا تحفظ فضلهم، ولأننا نأبى إلا أن نكون والخير واحد، ما هبنا ملاحقاتهم وتحقيقاتهم وترويعهم لإقصائنا عن قائدنا وإقصائه عنا، فأسكناه فينا وكان دائما حاضرا بيننا، رغم نفي ملاحقاتهم ومحاولات اغتياله السياسية له، وأبينا إلا أن يبقى عزمي بشارة الذي نحب ونبجل.. لذا شطب التجمع..

• في برلمانهم، يسمح أن يتواجد فقط صاحب الخطاب المخنّث الذي يقول: "أرفض الاحتلال والعنف، فليتوقف قصف سديروت وغزة، أنا مع شعب غزة، أنا مع شعب لبنان، أنا مع السلام..."، ولكن لا مكان فيه لمن يقول بكل حزم ووضوح: "المقاومة حق مقدس للشعوب المحتلة، وأنا مع تلك الشعوب التي تطمح لتحقيق الحرية والسلام العادل والشامل"، لذا شطب التجمع..

• المنظومة الفكرية الصهيونية لم يعدّها موجدوها لاستيعاب خطاب كخطاب التجمع، خطاب روافده العقلانية والبحث والعمق والمنطق، ومبادئ الإنسانية الراقية وحقوق الشعوب المقدسة، خطاب يدعوك أن تكون عربيا فلسطينيا، حضارتك عربية إسلامية، ديموقراطيا علمانيا متنورا، تؤمن بتنظيم المجتمعات على أساس قومي، تطالب باستقلال ثقافي، تتبنى الأفكار التقدمية التحررية اليسارية، وتطالب بدولة لا تعرف نفسها دينيا ولا تزكي مذهبا على مذهب.. لذا شطب التجمع..

• ثقافة ووعي جماعيان يعتقدان بواجب التّواصل مع أبناء الأمة العربية على أنه حقّ، من منطلق اعتبارنا جزءا لا يتجزأ من الشعب العربي الواحد، ماضيا وحاضرا ومستقبلا، هما ثقافة ووعي من نتاج الخطاب القومي الوطني، وظهورهما في الكنيست خطابا وعملا برلمانيا لا يهضم صهيونيا، وفقط خطاب حدود سقفه المنظومة الاسرائيلية الصهيونية هو من له الشرعية في التواجد هناك، لذا شطب التجمع..

• منظومة بني صهيون لا تستوعب وجود تيار عربي صادق الرؤى والاستنتاجات ودقيق القراءة للمستقبل السياسي:

خرج التيار القومي الوطني في الداخل الفلسطيني من ركاب أوسلو باكرا قبل توقيع الاتفاق، وقد ولد التجمع ليحارب ويرفض نهج أوسلو وثقافة ما بعد أوسلو، أوسلو الخطأ الذي أدركته القيادة الفلسطينية في كامب ديفيد 2000 وتراجعت عنه فحوصرت وضربت..

حذر التجمع كذلك من فخ كامب ديفيد 2000 قبل انعقاده، حيث رأى فيه محاولة للإيقاع بالقيادة الفلسطينية وإظهار الجانب الإسرائيلي سخيا متنازلا مقابل جانب فلسطيني رافض للتسوية ولا يريد سلاما.. ثم إن التجمع صرخ عاليا: "لا لأنابوليس" في المراحل الأولى من الحديث عنه، بينما أيدته تيارات في الداخل، وسكتت عنه أخرى، لتستيقظ من بعد طول سبات مكتشفة فداحة أنابوليس، فصحّ النوم..

التيار القومي الوطني يقظ متنبه ولا يستفيق متأخرا، لذا شطب التجمع...

• برامج التجمع السياسية والاجتماعية وأسسه الفكرية تختلف إلى حدّ بعيد جدًّا مع تلك التي لحماس، ولكن التجمع آمن دائما بخيارات الشعب الفلسطيني وناصرها، فرفض أن يكون بوقا محرضا على حماس، ورفض وصف حماس بالتيار الظلامي والانقلابي، لأن من انقلب على خيار الشعب الفلسطيني الديموقراطي الحر الشفاف الذي فاجأ العالم فتآمر على ذلك الخيار، هم من في السلطة الوطنية الفلسطينية وحلفاؤهم، ومنهم شخصيات وتيارات سياسية بيننا، قبلت لنفسها أن تكون شريكة في فرض الحصار على غزة وتحويله إلى غيتو بانحيازها إلى نادي أبي مازن للمعتدلين واللطفاء!!!!

كان التجمع واضحا وصريحا وحاسما في موقفه من حماس منذ البداية، إذ تبنى موقفا داعما لإرادة ورغبة الشعب الفلسطيني، ورفض أن يساهم في حصار غزة وضرب الديموقراطية الفلسطينية كما فعل غيره، كما وجه انتقادات واضحة لحماس لأخطاء ارتكبتها فكان صادقا مع نفسه، حياديا، يروم المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، ولذا شطب التجمع..

• فرض الخطاب القومي الوطني قضية النكبة في السنوات الأخيرة قضية مركزية شعبية وغير نخبوية، جاعلا منها الحدث الأهم الذي يهب الناس لإحيائه وإقامة الفعاليات وإنتاج الأدبيات حوله، مؤكدا أنها ما انتهت وما زالت مستمرة، معتبرا اللاجئ الفلسطيني، الإنسان الفلسطيني، جوهرا للقضية الفلسطينية.. وطرح من هذا النوع يجب أن لا يظل يزنّ ويطنّ في قلب رمز السيادة الاسرائيلية، لذا شطب التجمّع..

• منتصرا في كل معاركه ضد العنصرية، متجاوزا كلّ المحن، متغلبا على كلّ الظروف الصعبة، متحديا كل من تآمر عليه وعلى قائده ومؤسسه عزمي بشارة وكوادره، في هجمة مخابراتية سلطوية شرسة، نهض التجمع خلال عقد من الزمان ولا يزال من قوة إلى قوة ومن إنجاز إلى إنجاز، متحديا رافضا متجددا شعبيا، مرغوبا لدى كل أطياف شعبنا، لم يهن أمام عراقيل السلطة ومن قبل أن يكون في معسكر السلطة من تيارات وأحزاب تحصل على أصوات العرب..

أن يحصل تيار على كل هذه الشرعية والدعم ويفرض طرحا يغدو ثقافة وسلوكا شعبيين، وأن تستمر قوته في الصعود رغم كل محاولات إضعافه، لهو أمر محير ومربك ومقلق لسلطة صهيون العنصرية واليمين، لذا شطب التجمع..

• الكنيست لدى التجمّع وسيلة لبلوغ غاية، وليست هي الغاية، فإن صادروا تلك الوسيلة بشطب وإلغاء وجود في الكنيست، تبقى الغاية موجودة حاضرة سامية، وكثيرة هي وسائل تحقيقها وبلوغها البديلة..

لا يخشى من شطبهم للتجمع حزبا سياسيا، لأنه تحول إلى فكر وثقافة يضربان عميقا في وعي أبناء الأقلية العربية الفلسطينية..

• ليس شطبهم للتجمع سوى فصل من فصول حربهم على قوى الممانعة والرفض في العالم العربي، وهو جبهة داخلية من جبهات حربهم على غزة، يرومون بفتحها ترويعا وإرهابا وردعا لانتفاضة شارعنا، وفشلهم في ذلك حتميّ مؤكّد..

التعليقات