31/10/2010 - 11:02

لماذا لا يريدون لحركة فتح أن ينعقد مؤتمرها العام؟؟../ يونس العموري*

لماذا لا يريدون لحركة فتح أن ينعقد مؤتمرها العام؟؟../ يونس العموري*
مرة أخرى يتكرر السؤال ذاته وبأكثر من صيغة، وبشكله المباشر وغير المباشر، وبالصالونات السياسية وجلسات التنظير واستقصاء المعلومة، واقتناص الخبر اليقين من ذوي الخبرة والمعرفة، وممن يملكون القرار، وفي دهاليز الجلسات والاجتماعات الهامشية والتي قد أضحت يومية وسؤال المليون ما زال يتكرر وعلى لسان كافة الشفاه المعنية بالشكل الفعلي والمهمشة ومن مختلف الشرائح المجتمعية التي باتت ترقب وتترقب الإجابة، وما من مجيب بشكل صريح وواضح.

وهو السؤال الذي صار مادة دسمة للتحليل والبحث عن الحقيقة من خلال المعلومة التي قد تضع الأمور في نصابها لتحديد مسار وقائع المسألة الفلسطينية عموما. فلماذا لا يريدون لفتح أن تعقد مؤتمرها العام السادس وفقا للأصول والأعراف التنظيمية؟؟ وهل سيشكل انعقاد هذا المؤتمر وفقا للأصول ومن خلال القرار التنظيمي المركزي غير الخاضع للرغبات والأهواء والمصالح تحديا لمن يريد لفتح أن تغير جلدها وثوبها حسب رؤيته ومصالحه؟؟ هذا المؤتمر الذي صار الحدث المُنتظر انعكس أمر انعقاده بشكل سلبي على الجماهير الفلسطينية وعلى القاعدة التنظيمية لفتح وصارت تنظر للكثير من قضاياه بشكل لا مبال وعدم اكتراث جراء ما وصلت إليه الخلافات ما بين كرادلة فتح وأمرائها وزعمائها حيث اللا اتفاق على المتفق عليه.

وحتى نعي حقيقة الموقف وحيثياته لابد من إعادة مراجعة شاملة وكاملة لما يجري بالشكل العام في الشأن الفلسطيني لمحاولة اكتشاف اتجاهات البوصلة الفلسطينية، وتستند محاولة اكتشاف اتجاهات هذه البوصلة في اللحظة الراهنة على افتراض أن هذا العام شهد ولا يزال يشهد تحولات تاريخية كبيرة والتي ستنعكس بوضوح وستؤثر على القضية الفلسطينية سلبا أو إيجابا. كما أن إدراك هذه التحولات والمتغيرات، وفهم مدلولاتها، ودراسة قدرة الأداء الفلسطيني وكيفيته في التعاطي معها على ضوء الواقع المعاش هو الذي سيحدد في النهاية سلبية الآثار أو ايجابياتها على مستقبل القضية الفلسطينية.

ومن خلال الملاحظة السريعة، يتضح أن الأداء الفلسطيني – حتى الآن – يمر بحالة انفصام يحمل نوعا من التناقض. ويمكن التجرؤ والقول بأن أساس هذه الحالة يعود إلى الحالة المزرية التي باتت تعاني منها الحركة الوطنية الفلسطينية بالعموم واندثار وتلاشي فعلها، مما أدى إلى فراغ عام وشامل تتم تعبئته حاليا من قبل قوى أخرى من الواضح أن لها أجندة أخرى وتنطلق من رؤية فكرية ليبرالية إذا ما جاز التعبير، والتي تحاول التوصل إلى تسوية سياسية بعيدة عن أساسات ومرتكزات المشروع الوطني الفلسطيني الذي لطالما كانت قد عبرت عنه حركة فتح وباقي أطياف اللون السياسي الفلسطيني المقاوم. وهو المشروع الذي كان ومازال يعبر عن الحد الأدنى من طموحات الجماهير الفلسطينية.

ووسط هذا التردي بالحالة الوطنية لابد من إعادة صياغة المفاهيم الوطنية التي لابد لها من أن ترتكز إلى الأسس والثوابت الوطنية، وهذا لن يستوي إلا من خلال إعادة ترتيب أوضاع حركة فتح أولا ومن خلال مؤسسة مؤتمرها العام والذي اعتقد أن ثمة قوى كبرى وجهات إقليمية وشخصيات محلية، لها مصالحها ونفوذها، لا تريد لحركة فتح أن تعقد مؤتمرها العام أو أنها تريده مؤتمرا مفصلا على مقاسات معينة حتى يستوي لها اللعب والمباشرة بتخريب فتح من خلال إجراء فعل التغير على جوهرها وأدبياتها ومنطلقاتها وفهمها لطبيعة وحقيقة الصراع بالعموم.

على ضوء ذلك، ينبغي فهم وجهة حركة فتح والتي لابد لها من أن تقود الشعب الفلسطيني والى أين يسير وأين تتجه بوصلته وسط هذه الضبابية وعدم الوضوح، لاسيما وأن المستجدات النوعية والمواجهة التاريخية خلال السنوات الأخيرة مع الدولة العبرية وعلى المستوى الإقليمي قد أتاحت هامشا من الخيارات خاصة على ضوء الانكسار الإسرائيلي في حرب تموز و حتى في غزة الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على الخيار الفلسطيني الفتحاوي.

مرة أخرى يظل السؤال دون إجابة وللإجابة هنا معنى واحد ووحيد وهو إن لم ينعقد هذا المؤتمر وفقا للأصول التنظيمية فإن فتح ماضية إلى المجهول المعلوم والمتمثل بتشظي فتح وانفساخ عقدها، الأمر الذي يصبح فيه كل شيء مباحا، وهنا لابد من التذكير بأن الخلاف الفعلي والحقيقي والتي تشهده الأطر القيادية لفتح يتمثل بالعصب الأساسي لفتح، بمعنى أن الخلافات تتركز حول طبيعة وشكل البرنامج السياسي للحركة وتوجه فتح العتيد تجاه المقاومة وماهية شكل وطبيعة المقاومة، بل أكثر من ذلك فإن فتح أمام استحقاق التغير في منهجها وعملها الذي ساد خلال الفترة الماضية، ولا يقتصر الخلاف على مسألة مكان انعقاد المؤتمر بل يتعدى الأمر ذلك إلى ضرورة العمل على تخريب فتح من خلال الشكل والمضمون وكما نعرفها.

إن عدم انعقاد المؤتمر العام السادس لفتح وفقا للأصول والأعراف يعني أن انقلابا أبيض سيجري على فتح وعلى أدبياتها، ويأتي هذا الجدل وسط العمل الحثيث الذي تشهده الساحة الفلسطينية في الظرف الراهن حيث الاستمرار وبشكل ملموس ومحسوس من خلال استمرار العبث التنظيمي بحركة فتح واستمرار اجتثاثها من مختلف المؤسسات الرسمية للسلطة الوطنية الفلسطينية ومن مؤسسات منظمة التحرير بشكل أو بآخر وبأكثر من أسلوب ووسيلة وتواصل تضييق الخناق المالي عليها ومحاصرتها ومحاصرة مواردها. كل ذلك يؤدي وسيؤدي إلى تلاشي حركة فتح وهو الأمر الذي بات مطلوبا على المستوى الإقليمي والدولي بهدف تغير مفاهيم الفعل الوطني الفلسطيني والتأثير بحيثيات المشروع الوطني التحرري.

التعليقات