31/10/2010 - 11:02

ما سر تفاؤل رايس؟../ هاني المصري

ما سر تفاؤل رايس؟../ هاني المصري
رغم كل الدلائل التي تشير إلى انه من الصعوبة بمكان إلى حد الاستحالة الوصول إلى اتفاق بين الفلسطينيين والاسرائيليين الاّ ان وزيرة الخارجية الاميركية تعتقد بإمكانية الاتفاق خلال العام الحالي.

فما سر تفاؤل رايس؟
لعل ما صرح به مسؤول اسرائيلي عن امكانية ان تطلب رايس نشر وثيقة تعرض التقدم الذي احرز في المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية حتى الآن، هو الذي يفسر التفاؤل الأميركي. فرايس تعتقد - كما صرحت علناً- ان هناك تقدماً قدم تم احرازه فعلاً، وان هذا التقدم يمكن ان يتبلور إلى اتفاق اطار يحدد ملامح معاهدة السلام، ولا يتم تنفيذه حالياً، ولكنه يوضح الأفق السياسي أمام المفاوضات.

قبل التحقيق الأخير الذي أجرته الشرطة مع ايهود اولمرت، الذي وصفته المصادر الصحافية نقلاً عن مصادر قضائية انه جدي جداً، وقد يطيح به هذه المرة، كان رئيس الحكومة في وضع ضعيف جداً لدرجة لا تسمح له باتخاذ قرارات تاريخية، فكيف سيستطيع اتخاذ قرارات حاسمة بعد ان أصبح شبح تقديم لائحة اتهام يخيم فوق رأسه.

ووفقاً للقانون الاسرائيلي فان مجرد تقديم لائحة اتهام توجب على أي وزير (فضلاً عن رئيس الوزراء) الاستقالة فوراً، اولمرت الآن أصبح في وضع اضعف وسيكون أميل الى المزيد من التشدد والتطرف مع الفلسطينيين، وهذا الأمر من شأنه ان يطيح بالبقية الباقية من الآمال الموجودة على توقيع اتفاق اطار هذا العام يتم الاتفاق على تطبيقه لاحقاً.

قد يقول قائل، ان التحقيقات الأخيرة قد تدفع اولمرت إلى المضي قدماً نحو انجاح مفاوضات السلام لانها يمكن ان تكون القشة الأخيرة التي يمكن ان تنقذه من الغرق.

الرد على هذا الرأي بسيط جداً وهو ان رغبة اولمرت في توقيع اتفاق لا شك فيها أبداً، ولكن الخلاف هو على مضمون الاتفاق، فاولمرت محكوم تماماً باللاءات الاسرائيلية التي أخذت زخماً، ودعا بورقة الضمانات الاميركية التي منحها بوش لشارون، بحيث ان أي اتفاق حتى يوقع ومن أجل ان يرى النور لا بُد ان يكون تحت سقف اللاءات الاسرائيلية وورقة الضمانات الاميركية، وهذا السقف بعيد جداً عن الحد الأدنى المقبول فلسطينياً من أكثر الفلسطينيين اعتدالاً.

فالرئيس أبو مازن الذي بنى كل حساباته على نجاح المفاوضات وعملية السلام لا يستطيع ان يوقع اتفاق اطار لا يتضمن الحق الأدنى الفلسطيني المكرس في قرارات الشرعية الفلسطينية والعربية والدولية دون ان يدفع ثمناً باهظاً جداً قد يؤدي الى انهيار السلطة. فتوقيع اتفاق سيء، يسمى اتفاق اطار، ويكون اتفاق رف أي غير مطروح للتنفيذ سيكون أسوأ شيء يمكن ان يحصل، أقصى ما يمكن ان يؤدي اليه هو ان يبرر لبعض الوقت استمرار المفاوضات، وقد يمد في عمر السلطة، ولكنها ستبدو في نظر شعبها سلطة لا تمثل الفلسطينيين ومطالبهم وانما سلطة متعاونة مع الاحتلال وخاضعة لشروط واملاءات اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية.

ان الفلسطينيين ليسوا بحاجة الى اتفاق جديد، ورقة جديدة تشيع وهماً جديداً بينما ما يجري على الأرض هو استمرار وتصاعد العدوان العسكري بكل اشكاله، وتكثيف الاستيطان، واستكمال بناء جدار الفصل العنصري، وتقطيع أوصال الضفة بالحصار والحواجز وعزل القدس والأغوار، وفرض الحصار الخانق على قطاع غزة لدرجة تدفع به رويداً رويداً نحو الانفجار العظيم.

ما دامت الادارة الاميركية ليست بوارد الضغط على اسرائيل، وما دامت اسرائيل غير جاهزة لدفع ثمن السلام وتهب فيها رياح التطرف والتوسع والعنصرية، وما دام الفلسطينيون والعرب بعثروا اوراق القوة والضغط على مذبح الرهان على المفاوضات كخيار استراتيجي وحيد، فالسلام سيظل بعيداً، وهدف اقامة دولة فلسطينية حرة يبتعد أكثر وأكبر.

فبدون ان تشعر اسرائيل انها ستخسر من احتلالها أكثر مما تربح لا يمكن ان تنسحب.

أما رايس، فهي تشيع التفاؤل لأن ابقاء عملية السلام بدون سلام من شأنه ان يقطع الطريق على المبادرات والجهود الأخرى، ويجعل الدور الاميركي اللعبة الوحيدة في المدينة.
"الأيام"

التعليقات