31/10/2010 - 11:02

ما وراء"الأفق السياسي"!../ نواف الزرو

ما وراء
يكاد المرء... الذي يستمع إلى التصريحات الأمريكية المتلاحقة حول عملية السلام وحول فتح"افق سياسي"جديد للسلام على أساس المبادرة العربية أن يصدق أن الأمور تجري في هذا الاتجاه...!
ويكاد الذي يستمع الى التصريحات المتلاحقة حول المبادرة و"الأفق السياسي" على لسان كوندوليزا رايس في زياراتها المكوكية الأخيرة للمنطقة أن يصدق حقا اننا بصدد "أفق سياسي"حقيقي...!

وكذلك بالنسبة لتلك التصريحات المماثلة على لسان إيهود أولمرت وهو على شفير الاعلان الرسمي عن افلاسه السياسي، على وقع تداعيات لجنة فينوغراد للتحقيق بأداء “إسرائيل” أثناء العدوان على لبنان في الصيف المنصرم...!

نقول يكاد المرء يعتقد بأن أبواب الجنة قد فتحت فجأة أمام هبوط حل مفاجئ سحري للقضية الفلسطينية، المنتهكة حقوقها وحقوق شعبها منذ ما يقارب الستين عاما.
فهل الأمور والأوضاع تسير فعلا أو تبشر ب"أفق سياسي"حقيقي وجاد للحل...!
أم أن وراء "الأفق السياسي" ما وراءه من أجندة أخرى تمتطي القضية الفلسطينية...؟!
هناك أمور كثيرة ما تلبث ان تتداعى في الذاكرة منبهة من حلم اليقظة هذا:

* فيتذكر المرء مثلا، أن الإدارة الأمريكية العليا في البيت الأبيض، وتوابعها في وزارتي الدفاع والخارجية، لا يتذكرون القضية الفلسطينية، إلا عندما يكون سيد البيت الأبيض في أزمة، هو وحزبه الحاكم، فيسعى إلى الخروج منها، أو الالتفاف حولها، بحركة استعراضية سياسية، تكون القضية الفلسطينية موضوعاً لها، في بعض الأحيان، لكن هذا المشهد تكرر مراراً عديدة، في العقود المنصرمة، وحال القضية الفلسطينية وشعبها يزداد سوءا، والشواهد على ذلك كثيرة لا حصر لها ونستطيع ان نتحدث باسهاب هائل هنا...!

* ويتذكر المرء مثلا، أن الرئيس الأمريكي قد وضع ملف القضية الفلسطينية في سلة المهملات منذ بداية عهده، بل إنه منع أي تحرك أوروبي فيه شبهة من جدية، باتجاه التحرك نحو البحث عن حل جدي للصراع، ولا تكلف الإدارة الأمريكية نفسها عناء التقاط الملف من سلة المهملات، وبحماسة مشبوهة كأنها تعتبره أول الملفات التي تستحق الاهتمام والتصرف السريع، إلا عندما تتفاقم الأزمات الخارجية والداخلية جبالاً أمام هذه الادارة، وأمام فرص الحزب الجمهوري في المعركة الرئاسية في نهاية العام المقبل.

* ويتذكر المرء مثلا، أن الدبلوماسية الأمريكية لها سوابق، في عهد بوش، في تحريك جزئي لملف القضية الفلسطينية، وأشهرها سابقة “خريطة الطريق” الشهيرة، واللجنة الرباعية الدولية، لكنها أثبتت كلها عمليا صفتها الاستعراضية الفارغة من أي محتوى، بدليل أن واشنطن لم تبذل أي جهد لدفع أي من هذه المشاريع في اتجاه التطبيق الجاد، بل بذلت كل جهد في سبيل تفريغ هذه المشاريع من أي محتوى حقيقي، وإبقائها اشكالا فارغة، وتعود الدبلوماسية الأمريكية إلى تحريكها، كلما أحوجتها مناوراتها في السياسة الدولية إلى ذلك، ثم يؤدي التحرك إلى لا شيء، بعد الانتهاء من الحاجة الاستعراضية له.

* ويتذكر المرء مثلا، أن المبادرة العربية التي يعاد إحياؤها فجأة، وكأنها الحل السحري الذي كان الجميع بانتظاره، هي وثيقة موجودة منذ خمس سنوات، بالتمام والكمال (في مثل هذه الأيام من العام 2002(، وأن “اسرائيل” فعلت (وبتشجيع أمريكي) كل ما بوسعها، في الأيام الأولى لولادة المبادرة في مؤتمر القمة العربية في بيروت، لتثبت للعالم أنها مشروع فارغ، وفاقد لأي قيمة فعلية، وبقي الأمر كذلك، أمريكياً و”إسرائيليا”، حتى قبل أيام قليلة.

تفيد معطيات المشهد الفلسطيني الماثلة حتى الأمس القريب "أن الشعب الفلسطيني تعرض وما يزال الى حرب إبادة جماعية وسياسية على أيدي دولة الاحتلال بقيادة بلدوزرهم الارهابي".
كما تفيد معطيات عملية المفاوضات والتسوية حتى الأمس القريب أن عملية أوسلو برمتها انتهت، وأن السلام مؤجل وأن التسوية الدائمة مستحيلة كما يعلن أقطاب "اسرائيل".
بينما تؤكد معطيات الاستراتيحية الاسرائيلية انه لم يعد هناك من وجهة نظرهم أي مشروع سياسي معروض على المسرح من أجل التسوية .

في حين تبين لنا معطيات السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية المضمون والافق الحقيقي لكل قصة المفاوضات والسلام كما جاءت على لسان الرئيس بوش غداة رحيل عرفات حيث اكد:
"أنه من الممكن قيام دولة فلسطينية مستقلة بحلول نهاية ولايته الثانية عام 2009" و"أنه لن تقوم قائمة للدولة الفلسطينية ولا بعد مئة عام إلا إذا قامت القيادة الفلسطينية أولا وقبل كل شيء بمحاربة الارهاب" كما كانت كونداليزا رايس اكدت قبل ذلك.

نعتقد ان كل قصة "الأفق السياسي" عبارة عن أكذوبة كبيرة سوف تتبدد مع الأيام، وسرعان ما تمخضت الإدارة الأمريكية عن وثيقة"اختبارات التنفيذ"...! وأن هذا "الأفق السياسي" المزعوم على علاقة جدلية قوية جدا بالأجندة الأمريكية في العراق والمنطقة..
ونعتقد ان كل قصة نافذة الفرص وهجوم السلام نصب واحتيال سياسي علينا نحن العرب.. وسرعان ما ستعود الامور إلى مربعها الأول، بفضل الأجندة الصهيونية- الأمريكية الحقيقية..؟!!.

التعليقات