31/10/2010 - 11:02

مرحباً بالعقوبات العربية ضد الفلسطينيين!../ أحمد الحيلة*

مرحباً بالعقوبات العربية ضد الفلسطينيين!../ أحمد الحيلة*
"إن العقوبات التي تلوّح الدول العربية بها ضد الفلسطينيين ستكون ضد الجميع إذا لم يتصالحوا..، أنا غاضب أشد الغضب على المنظمات الفلسطينية.. هل لهم دولة ليتعاركوا على مناصب وزارية.. نحن ضحكنا على أنفسنا وسميناها دولة فلسطين" تلك الكلمات جاءت على لسان الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى في مؤتمر صحفي عقد في القاهرة (9/9) على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب. وقد علّق وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قائلاً: "المسؤولية يجب أن يتحملها الفلسطينيون.."

وتعليقاً على ذلك فليس عيباً أن يُقال أن الفلسطينيين قد وقعوا في شرك السلطة قبل تحرير الأرض، وظنوا بأنفسهم أنهم أصبحوا حكومة وسلطة مستقلة، ورئيس دولة، ودولة الرئيس، ومعالي الوزير.. ولكن ذلك لم يكن وليداً ذاتياً يعيش في الصحراء، فالدول العربية أيضاً تتحمل المسؤولية عن واقع السلطة الرديء، عندما باركت مسيرة التسوية السياسية العاثرة، وباركت اتفاقيات أوسلو وإفرازاتها السياسية المدمرة للواقع الفلسطيني، وهي الدول ذاتها التي ما زالت تتمسك بخيار التسوية، وتدعم الرئيس عباس في مفاوضاته مع الاحتلال الذي يستغل العجز العربي، والانقسام الفلسطيني، والحصار، والوقت، لمصادرة الأرض وتوسيع الاستيطان وتهويد القدس..

كنا نتوقع أن ينصب الغضب العربي وغضب السيد عمرو موسى على استمرار تمسك العرب بخيار التسوية والمبادرة العربية للسلام التي لم تنجز بقدر الحبر التي كتبت به. تلك المبادرة التي تجاهلها الاحتلال واستغلها لتدمير الضفة الغربية (حملة السور الواقي نيسان 2002)، ولفرض المزيد من الوقائع على الأرض، وابتزاز المفاوض الفلسطيني المكشوف حتى العظم، ألا يستحق هذا الواقع المسؤول ـ دون تبرئة الفلسطينيين أنفسهم ـ عن تدهور الواقع السياسي الفلسطيني، دعوة من الأمين العام لتصحيحه نصرة للقضية الفلسطينية التي لا يمكن أن تتقدم إلا بمصالحة فلسطينية ـ فلسطينية، وعربية ـ عربية، لأن العرب هم العمق الطبيعي لفلسطين، والسياسة الفلسطينية هي انعكاس للواقع العربي.

في ذات السياق، فإننا نتساءل عن الجهة التي تتحمل المسؤولية عن واقع الانقسام الفلسطيني. نعم الفلسطينيون يتحملون مسؤولية، ولكن المسؤولية الأكبر تقع على العرب الذين انساقوا وراء السياسة الأمريكية برفضهم التعامل مع إفرازات الانتخابات الفلسطينية (كانون ثاني 2006)، التي جاءت ببرنامج المقاومة وبحركة حماس إلى سدة القيادة و"الحكم". العرب هم من يتحملون المسؤولية قبل الأمريكان عندما انحازوا لطرف فلسطيني على آخر، وعندما دعموا الأقلية في المجلس التشريعي ضد الأغلبية، وعندما قام بعض العرب بدعم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ومحتكري السياسة والأمن بالسلاح والمال العربي لقلب الواقع الديمقراطي الفلسطيني الجديد الذي جاء ببرنامج المقاومة، الذي لم يرق للبعض.

كنا نأمل من اجتماع وزراء الخارجية العرب أن يعلنوا غضبتهم، ولو في الأشهر الأخيرة من ولاية الرئيس بوش، معلنين رفضهم لاستمرار الحصار وإغلاق معبر رفح، استدراكاً منهم لبقية من حمية، واستشعاراً منهم بأخوة العروبة والدين التي تجمعهم بالفلسطينيين الذين يعانون من الجوع في رمضان، في الوقت الذي تزخر فيه موائد العرب بفائض العائدات النفطية.

يعلم الساسة العرب، كما يعلم السيد عمرو موسى أن المسؤول الأول عن وقف الحوار والمصالحة الفلسطينية، هو الفيتو الأمريكي وبعض الساسة "الفلسطينيين"، وبعض العرب المرتبطة مصالحهم بواشنطن. ونذكّر القارئ هنا بكلمة السيد عمرو موسى أثناء حضوره لاجتماع الدول المانحة لسلطة رام الله (برلين 24/6/2008)، عندما وجه كلامه للمؤتمرين بحضور وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس، قائلاً:"يجب رفع الفيتو عن المصالحة بين حركتي فتح وحماس"، الأمر الذي استدعى تدخلاً من وزيرة الخارجية الأمريكية للرد على الهواء مباشرة، مطالبة حماس الالتزام بشروط الرباعية وبالاتفاقيات السياسية الموقعة، أي الاعتراف بإسرائيل.

إذا كان الأمر كذلك، فلم التحامل على الفلسطينيين كل الفلسطينيين، ولم لا يشار إلى الأطراف المسؤولة فلسطينية كانت أم عربية بعيداً عن لغة التعميم والخداع الإعلامي. ألا يكفي الفلسطينيين ما هم فيه حتى يتوعد العرب كل الفلسطينيين بعقوبات هي أشبه ما تكون بسياسة العقوبات الجماعية..؟!

التعليقات