31/10/2010 - 11:02

مصير واحد...! / عبد الرحيم الريماوي

مصير واحد...! / عبد الرحيم الريماوي
الحركات السياسية والوطنية، كما تعلمنا من التاريخ، تواجه تحديات وصعوبات بسبب تمسكها ببرامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما أنها تعيش حالة هبوط وصعود، فالقراءة التاريخية للحركة الوطنية الفلسطينية علمتنا أن أي حركة سياسية يجب أن تتبنى برنامجاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وكفاحياً، إدراكا منها لمصالح الشعب وهمومه الوطنية والحياتية،. فالوصول بالمجتمع إلى تحقيق أهدافه الوطنية يحتاج دائما لتضحيات ولم نسمع بان شعباً نال حريته واستقلاله بدون تضحيات.

والحركات الوطنية تنجح في مهمتها عندما تكون قادرة على الاجابة على تساؤلات الناس أولا، فأي حركة وطنية عندما تتشكل ترغب في تحقيق مهمة سياسية، ليس بهدف فرض نفوذها على العالم بل من اجل تحقيق أهداف شعبها، والتحركات الشعبية تأتي مكملة لأهداف الحركة الوطنية، والذاكرة الفلسطينية ما زالت حية، الانتفاضة الأولى أرادت أن تنقذ منظمة التحرير من العزلة التي فرضت عليها من المجتمع الدولي والإقليمي، والانتفاضة الثانية كما هي الأولى أرادت أن تنقذ البرنامج السياسي الذي حاولت إسرائيل أن تتخلص منه من خلال توقيع اتفاق اوسلو.

فالشعب الذي حمى الثورة في جميع مراحلها هو نفسه الذي أوصل حركة حماس إلى سدة الحكم في فلسطين، صحيح أن كل ما يجري على الأرض اليوم هو نتيجة اتفاقيات اوسلو، فالتجارب التاريخية تحدثت عن إمكانية استغلال الواقع المستجد من خلال الانخراط في المؤسسات القائمة بهدف إحداث تغير في الفهم السياسي القائم.

فعدم لعب المجتمع الدولي والإقليمي دوراً سياسياً مميزاً على الساحة السياسية الدولية، أعطى الولايات المتحدة بلعب دور رئيس في المناطق الساخنة "فلسطين، العراق، أفغانستان، لبنان، سوريا....الخ". ولعبت الإدارة الأمريكية دوراً في طمس كل القرارات الدولية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط وتتمسك اليوم فقط بقرار "1559".

ليس من العدل أن يطالب المجتمع الدولي على لسان أمريكا بان تتخلى حماس عن المقاومة والاعتراف بإسرائيل قبل أن تلتزم إسرائيل بتطبيق القرارات الدولية، التي يكسوها الغبار في أدراج هيئة الأمم المتحدة، فالإرهاب الإسرائيلي الممارس يوميا في فلسطين يفوق كل التحمل.

فحركة حماس اليوم ليست نفس الحركة التي انطلقت في 1987، فالتجربة السابقة دفعتها لقراءة الواقع الفلسطيني بشكل جيد، فهي الآن تحمل برنامج "م.ت.ف" وتحتفظ بحق المقاومة، وتطالب إسرائيل بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية والسياسية، وان تتخلى عن سياسة العقاب الجماعي التي تقود إلى المزيد من الفقر والمعاناة للشعب.

إن حركة حماس أعادت الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى حقيقته التاريخية، فالشعب الفلسطيني يريد أن يحقق برنامجه السياسي وفق ما أقرته المجالس الوطنية الفلسطينية المتعاقبة، ووفق قرارات الشرعية الدولية، وإسرائيل تريد وضع الفلسطينيين في كنتونات معزولة وتطبق على الأرض ما يخدم مصالحها دون الالتفات إلى مصالح الشعب الفلسطيني الذي تم تخديره وتجريده على مدار أكثر من عشر سنوات من تطبيق اتفاق اوسلو.

صحيح أن الشعوب لا تحيا بالمقاومة فقط، لكن إسرائيل تفرض على الشعب الفلسطيني اللجوء لهذا الخيار الذي اقر من قبل الشرعية الدولية والأرضية والسماوية، وحركة حماس تم انتخابها من قبل الناس حبا في التغيير والإصلاح، فالدبلوماسية تحتاج إلى قوة على الأرض، لان إسرائيل ترفض الاعتراف بالحقوق الوطنية "إقامة الدولة على حدود عام 1967وعاصمتها القدس الشرقية، وترفض تطبيق قرار 194.

هل حركة حماس هي التي تهدد الأمن والاستقرار، أم إسرائيل التي ترفض الالتزام بما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية، لدرجة أنها ترفض تطبيق اتفاق اوسلو الذي وقعته في واشنطن عام 1993، فالمعاهدات إذا وقعت من قبل طرفين متصارعين، فعلى الطرفين الالتزام بما وقعوا عليه.

هل عدم التزام إسرائيل بما وقعت عليه يجعلها خارج اللعبة السياسية والإقليمية والدولية؟ وهل عدم اعترافها بالحقوق الفلسطينية وفق الشرعية الدولية، يعطيها الحق في فرض رؤيتها أحادية الجانب؟ أم مطلوب ممارسة الضغط عليها وإجبارها على الانسحاب لحدود عام 1967 وتحقيق الحلم الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاعتراف بدولته كباقي الشعوب؟ أما مطالبة حماس بالتخلي عن المقاومة دون أن تتخلى إسرائيل عن الاحتلال، فهذا شرط تعجيزي من قبل إسرائيل بهدف إبقاء المنطقة في دوامة العنف، دون أن تتخلى عن احتلالها للأراضي الفلسطينية.

فالرئيس الراحل عرفات قدم لإسرائيل ما لم يجرؤ احد على تقديمة في التاريخ الفلسطيني، فبدل أن يحقق الحلم الفلسطيني، قامت إسرائيل بمحاصرته في رام الله واستشهد فيها، فالمعتدلون حسب الفهم الدولي يلاقون مصير الرئيس الراحل عرفات والمتطرفون يلقون نفس المصير..!!

الحل العملي والعادل هو أن تقدم إسرائيل على الانسحاب من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967 برعاية دولية والوصول إلى حل الصراع بما يرضي الشعب الفلسطيني..


التعليقات