31/10/2010 - 11:02

مفاوضات فلسطينية إسرائيلية من أجل توريث جمال مبارك!../ زكريا محمد

مفاوضات فلسطينية إسرائيلية من أجل توريث جمال مبارك!../ زكريا محمد
مرة أخرى، يتم رمي الاستيطان تحت السجادة، وندفع إلى ما يسمى بمفاوضات حول الوضع النهائي.

أي أنه في الواقع يراد لنا أن نعود إلى ما كنا فيه طوال السنوات الماضية. فما الذي كنا فعلناه طوال هذه السنوات سوى التفاوض على الوضع النهائي، في الوقت الذي يأكل فيه الاستيطان الأرض؟! يعني هذا في الواقع أن نتفاوض على وضع نهائي يحسمه الاستيطان على الأرض. فالوضع النهائي يتقرر على الأرض لا على طاولة المفاوضات.

هذا هو ما يحمله لنا الأميركيون.
وهذا هو ما يعود به وزراء خارجية مصر والأردن من واشنطن.
وقد كانت هذه الوصفة هي ذاتها وصفة الرئيس حسني مبارك عندما زار واشنطن ليقابل أوباما. فقد أعلن هناك، في رد مضمر على مطالبات أوباما بوقف الاستيطان، أنه ينبغي عدم تضييع الوقت في القضايا الثانوية- أي الاستيطان- والتركيز على الحل النهائي. ذلك أن مبارك يدرك تماما ان الاستيطان لن يتوقف. لذا فربط العودة إلى المفاوضات بوقفه يعني انه لن تكون هناك مفاوضات. وهذا أمر خطير جدا بالنسبة لمبارك وأمثاله. فهو يفتح الباب أمام احتمالات الانفجار. وكي لا تحصل أي انفجارات تربكه فهو يريد للمفاوضات أن تستمر مهما كان الثمن. ما يهمه هو استمرار المفاوضات فقط، بغض النظر عن ما ستوصل إليه. النتائج ليست هي ما يهمه، ولا ما يهم أمريكا. الهدوء هو المهم فقط. ووقف المفاوضات قد يبدد هذا الهدوء.

لذا فقد اقتنع الأميركيون بمنطقه، وتوقفوا عن المطالبة بوقف الاستيطان. وها هم يدفعون بنا إلى المفاوضات من دون شروط مسبقة. مفاوضات حول الوضع النهائي الذي يحسم عمليا على الأرض. يعني نحن نفاوض وهم يحسمون. هذه هي الوصفة المطروحة علينا، ولا غير. طبعا مع قليل من السكاكر تسمى إجراءات حسن النية!

لذا ها هم يدفعوننا إلى نذهب إلى عامين آخرين من التفاوض. طبعا لن يحل الوضع النهائي في مفاوضات تدوم عامين. لكن هذا لن يهم. إذ سيجري تجديدها بعامين أخريين، في انتظار المولود الذي لن يصل أبدا. لكن هذا لا يقلق مبارك ولا أوباما. فهما يريدان ان يكسبا عامين. فمبارك يريد فترة راحة حتى يورث ابنه الحكم. وأوباما يريد سنتين من الهدوء على الجبهة الفلسطينية حتى يخوض معاركه في إيران والعراق واليمن وباكستان وأفغانستان.

يعني نحن نفاوض من أجل توريث جمال مبارك في الحقيقة، وليس من أجل الحل النهائي. فالحل النهائي يحسم على الأرض لا على طاولة المفاوضات.
نحن أيضا نفاوض من أجل إعطاء أوباما غطاء لمدة عامين.
هذه هي وظيفتنا الفعلية!

كل الحديث عن المفاوضات مجرد هراء إذا لم يتوقف الاستيطان نهائيا، وليس لمدة ستة أشهر او سنة. والذهاب إلى المفاوضات من دون وقفه النهائي وبقرار دولي ورقابة دولية يعني أننا نسمح لإسرائيل بحسم الوضع على الأرض. بل هو يعني أننا نعطي الاستيطان الشرعية. يجب أن يكون الشعار وقف الاستيطان بشكل كامل بقرار دولي هو الشرط المبدئي لأي مفاوضات.

لا يهم مبارك ولا أوباما أن نذهب كي يتسلى بنا الإسرائيليون سنتين أخريين على طاولة المفاوضات. هناك نستطيع أن نجادل حول القدس والحدود وحول نسب التبادل، وحول جنس الملائكة، كما فعلنا مع أولمرت. لقد تسلينا معه وتسلى معنا. لكن على الأرض كان المشروع الاستيطاني يتقدم تحت غطاء هذه المفاوضات.

سنتان من أجل توريث جمال مبارك!
سنتان من أجل راحة بال اوباما!
سنتان من الوهم.
سنتا سماح لمشروع الاستيطان الصهيوني.
سنتان ستتبعهما سنوات أخرى أيضا.

التعليقات