31/10/2010 - 11:02

مقاوم يوماً... مقاوم ابداً../ معن بشور

مقاوم يوماً... مقاوم ابداً../ معن بشور
لم يكن سهلا على وسائل الاعلام والمواقع البحثية الالكترونية ان تتعرف على سيرة عماد مغنية ومسيرته وانجازاته يوم استشهاده، تماما كما لم يكن سهلاً على الموساد ووكالة المخابرات المركزية الامريكية، على مدى ربع قرن، ان تتعرف على معالم وجهه ووجهة تحركاته، وخطوط سيره وتجواله، فتحول الشهيد الكبير الى اسطورة في الاختفاء كما كان اسطورة في الانجاز، بل الى نموذج في التواضع ونكران الذات ونبذ الاستعراض في زمن افترس الاستعراض كثيرا من حياتنا السياسية والنضالية، وتحوّل سياسيون بارزون، ومناضلون سابقون، الى ضحايا اللهاث وراء النزعة الاستعراضية والانانية المتضخمة.

فأي صنف من الرجال كان عماد، اخو الشهيدين فؤاد وجهاد، ورفيق الشهداء، وسليل جبل الشهادة، هذا الذي كان طموحه الاوحد الانجاز، وهدفه الوحيد ان يصيب دوما من العدو مقتلاً، مديراً ظهره لكل مباهج الدنيا واغراءاتها، بل غير مهتم حتى بالتعويض المعنوي الذي يحق لكل مناضل ان يتطلع إليه....

في أواسط السبعينات، ولم يكن عماد قد بلغ العشرين من العمر، التحق كالعديد من ابناء جيله، وجبله بالثورة الفلسطينية التي حملت كل احلام الامة في زمن الخيبات، وكل امالها في زمن الانكسارات، فقاتل في صفوفها بعد ان تدرب على يد قياداتها، وامتلك من قتاله تجربة اغنى بها المقاومة اللبنانية التي انطلق بها اولاً مع سماحة الامام السيد موسى الصدر في حركة (امل) ثم ترسخت مع حزب الله بالذات، ومن قلب معركة حصار بيروت الخالدة عام 1982......

كان بإمكان عماد أن ينكفئ عن خط المقاومة بعد ان خرجت المقاومة الفلسطينية من لبنان، وكان بوسعه ان يتراجع عن نهجه بعد تغييب معلّمه الكبير سماحة الامام موسى الصدر ورفيقيه، وكان لديه من الذرائع ما يكفيه للانسحاب من حركة المقاومة منصرفاً الى الاهتمام بشؤونه الخاصة بعد موجات اليأس التي اطلقها في ايامه الاولى االاحتلال الصهيوني لكل الجنوب وبقاع واسعة من الوطن عام 1982، لكن عماد، ككوكبة من ابناء جيله، آثر "التوغل" في المقاومة، واختار المقاومة نهج حياة، مدركاً نقاط الضعف الرئيسية في كيان العدو المجلبب بالقوة ومظاهرها، مخططاً لمواجهات وعمليات جعلت العدو يرى نفسه في مواجهة عقل استثنائي، وايمان ثابت ، وكفاءة غير محسوبة، وقدرات غير معهودة، واساليب غير تقليدية، وشجاعة غيرعادية، فكان من الطبيعي ان يجنّد كل طاقاته وامكاناته، ومعه حليفه الامريكي، من اجل مطاردة الرجل والعقل والكفاءة والقدرة والشجاعة في كل مكان.

وكما كانت البداية في صفوف ثوار فلسطين، فلقد كانت الانتفاضة والمقاومة والحصار في فلسطين محط انظاره وقبلة جهاده، فسعى، كشقيقه جهاد ورفاقه غالب عوالي ومحمد صالح وابو حسن سلامة وابو علي ياسين لان يدركوا اهمية التلاقي بين اجنحة المقاومة في الامة خصوصاً بين لبنان وفلسطين والعراق.

عماد هو واحد من جيل، توزع مناضلوه على كل تيارات الامة الفكرية والسياسية، لكنهم توحدوا على اولوية المقاومة لطرد المحتلين وفتح الباب امام نهضة الأمة...

كان العدو واضحاً في نظر عماد منذ فتوته، وكان اسلوب المواجهة ايضاً واضحاً، فوضع نفسه وحياته في خدمة المقاومة كأسلوب وكنهج وكثقافة.
وهكذا يمكن وصف عماد، كاقرانه في حزب الله وكل الاحزاب والقوى والفصائل والتجمعات المجاهدة في الامة بكلمة واحدة:
مقاوم يوماً.... مقاوم ابــداً...
الى جنة الرضوان يا حاج رضوان

التعليقات