31/10/2010 - 11:02

هل أتى التغيير؟../ د.جمال زحالقة

هل أتى التغيير؟../ د.جمال زحالقة
في خطاب النصر، أمام مئات الألوف من المحتشدين في حديقة شيكاغو الكبرى، بشر براك أوبما، الفائز بالرئاسة الأمريكية، أنصاره المبتهجين والعالم كله: "أتى التغيير إلى أمريكا". لقد استطاع أوباما في خطابه المثير أن يهز مشاعر الناس في كافة أرجاء المعمورة، وانهالت دموع الفرح، ليس في شيكاغو فحسب، بل في عيون ملايين ممن شاهدوا خطابه على شاشات التلفاز.

قيل وسيقال الكثير عما حدث في الانتخابات الأمريكية الأخيرة، وهي بالتأكيد بحد ذاتها تطور غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة واختراق له دلالاته، لأن مرشحاً أسوداً استطاع أن يشق طريقه إلى البيت الأبيض. هذا أمر ليس بسيطاً في دولة مثل الولايات المتحدة، ولكن وحتى لا ندع المظهر يخدعنا، علينا ان نسأل عن الجوهر، هل حقاً أتى التغيير إلى أمريكا؟ وإن أتى فأي تغيير هذا.

لقد انتصر أوباما على عصابة المحافظين الجدد الذين تحكموا بالولايات المتحدة وسياساتها الخارجية والداخلية وجلبوا الدمار وتركوا مع زعيمهم بوش، أرضاً محروقة في كل المجالات. في عهد بوش المشؤوم شنت الولايات المتحدة حروباً استعمارية أدت الى قتل مئات الآلاف من البشر في العراق وافغانستان، منهم آلاف الأمريكيين. وفي فترة ولايته شجعت أمريكا حلفاءها على شن الحروب في الشرق الأوسط وجورجيا وأفريقيا، وأججت الصراعات وتآمرت على كل دولة حاولت الحفاظ على استقلالها واستقلال سياساتها ورفضت الهيمنة الأمريكية. في عهد بوش زاد تأثير الأصولية الدينية وتعمقت الأزمة الاجتماعية في الولايات المتحدة في مجالات التعليم والإسكان والخدمات الصحية والفوارق الاجتماعية, أما الأزمة الاقتصادية فقد عصفت بأمريكا والعالم وهزت اركان البنوك وشركات التأمين والبورصات والمؤسسات النقدية ووصلت الخسارة الى أرقام خيالية لم تعرفها أمريكا ولا العالم من قبل.

قليلون سيذرفون الدموع على نهاية عهد بوش المظلم، وكثيرون يرون وجه أوباما يطل مشرقاً وبشوشاً على خلفية الظلام البوشي المخيم على السياسة الأمريكية. لقد استحقت الولايات المتحدة، في ظل سياسة بوش، لقب محور الشر، لكن من الوهم التفكير بأن سينقلها إلى محور الخير، لعله يستطيع التخفيف من شرها وهذا ليس بالأمر الهين.

قد تكون المهمة الأولى لأوباما محاولة تغيير ما استحدثه بوش في السياسة الامريكية، والذي تجاوز في كثير من الأمور السياسة التي اتبعتها امريكا ما بعد حرب فيتنام. قد ينحصر التغيير الذي بشر به اوباما بإزالة آثار عدوان بوش على أمريكا والعالم، والعودة إلى حالة تشبه عهد كلينتون. من المبكر الحكم إذا كان أوباما سيذهب أبعد من ذلك. إن قدرته على النجاح في الانتخابات وإثارة مشاعر التأييد والتعاطف وإقناع الناخبين بشعار التغيير وحتى إدارة معركة انتخابية معقدة، ليست بالضرورة دليلاً على قدرته على إدارة وقيادة أقوى دول العالم. الحكم على أوباما لا يكون بشعاراته الانتخابية بل بقراراته السياسية في كرسي الرئاسة.

رغم كل ما نسب الى اوباما من قدرات خطابية وسياسية، ورغم ما رفعه من شعارات وحمله من كاريزما، فإن السبب الرئيسي لنجاحه هو جورج بوش وبالتحديد فشل جورج بوش داخلياً وخارجياً. وهنا لا بد إلى الإشارة إلى أن شعوب الشرق الأوسط تحديداً ساهمت في إفشال سياسة إدارة بوش في لبنان والعراق وافغانستان وفلسطين وسوريا وإيران.
يحق لشعوب المنطقة ان تفرح لأن عهد بوش قد ولى، ويحق لها أن تفاخر بأنها ساهمت في ذلك.

التعليقات