31/10/2010 - 11:02

هل تنجح إسرائيل في تحويل حماس إلى مشكلة للسلطة الفلسطينية/ عباس إسماعيل

هل تنجح إسرائيل في تحويل حماس إلى مشكلة للسلطة الفلسطينية/ عباس إسماعيل
يمكن من مراقبة ومتابعة الخطاب السياسي والاعلامي الإسرائيلي إزاء الأحداث التي تشهدها الساحة الفلسطينية، لا سيما طبيعة العلاقة بين حركة وحماس وبين السلطة الفلسطينية، ملاحظة مدى الاهتمام الكبير والحيز الواسع الذي تحتله هذه العلاقة في ذاك الخطاب الذي لا يترك شاردة أو ورادة من تفاصيل تلك العلاقة إلا ويتطرق لها، ولا يفوت مفردة من مفرداتها دون أن يكون له موقف منها، وأهمها مشاركة حماس في الانتخابات التشريعية المرتقبة في كانون الثاني 2006، ومسألة سلاح حماس.

يبدو واضحا أنه ثمة محاولة إسرائيلية حثيثة للدخول على خط العلاقات المتوترة التي تسود الآونة الأخيرة بين السلطة وحماس، وذلك من خلال الحث والتحريض على ضرورة قيام السلطة الفلسطينية ورئيسها أبو مازن بحسم المسائل الخلافية مع حماس، بالقوة إن لم ينفع الحوار، وذلك تحت مسوغات ومبررات مختلفة ومتنوعة، من قبيل وحدانية السلطة والسلاح والقانون، والمصلحة الفلسطينية، فضلا عن اعتبار ضرب حماس وتجريدها من سلاحها شرطا لازما لا بد منه، إسرائيليا ودوليا، لمواصلة مسيرة التسوية كما نصت خارطة الطريق.

وتتولى وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة، دون فرق بين يسارها ويمينها، قيادة الحملة التحريضية وتأجيج نار الفتنة وصب الزيت على نار التوتر بين الفلسطينيين، أملا بدفع الأطراف الفلسطينية للدخول في مواجهات عنيفة ودامية تتطور إلى حرب أهلية فلسطينية بما يخدم في نهاية المطاف المصلحة الإسرائيلية.

ويتضح جليا بروز ميل إسرائيلي لتحويل حركة حماس من مشكلة إسرائيلية إلى مشكلة للسلطة الفلسطينية، من خلال اعتماد اسلوب الترغيب والترهيب، حيث تربط المستويات الإسرائيلية المختلفة أي تسهيلات وخطوات على أوضاع الفلسطينيين مثل رفع الحواجز وتسهيل الحركة على المعابر والإفراج عن بعض الأسرى والمعتقلين أو حتى الدخول في محادثات سياسية، بالخطوات التي يجب على السلطة الفلسطينية اتخاذها ضد حماس وفق الأجندة الإسرائيلية-الأميركية، من جهة؛ وتقوم من جهة ثانية بتحذير السلطة من الخطورة التي تشكلها حماس على وجودها واستمراريتها، مما يستدعي حُكما مسارعة السلطة للقيام بما من شأنه حفظ وجودها.

على هذا الصعيد تمحورت الحملة التحريضية الإسرائيلية ضد حماس على خطين متوازيين. الأول خط المشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية. وهنا تنطلق الحكومة ووسائل الاعلام الإسرائيلية من فرضية مفادها أن حركة حماس ستحقق فوزا على حركة فتح في هذه الانتخابات.

وعلى الرغم من التقديرات الإسرائيلية التي أفادت أنه طرأ في الأسابيع الأخيرة تراجع في نسبة التأييد الذي تحظى به حماس في الشا رع الفلسطيني على خلفية الأحداث الأمنية الأخيرة، إلا أن حماس لا زالت تحظى، وفق التقديرات ذاتها، بتأييد شعبي يمكنها من تحقيق نتائج مهمة على صعيد الانتخابات، استنادا إلى العديد من المعطيات أهمها النتائج التي حققتها الحركة خلال الانتخابات للمجالس المحلية.

من هنا برزت دعوات إسرائيلية، سياسية واعلامية، تدعو إلى منع مشاركة حماس في الانتخابات، واستغلال رغبة الحركة في المشاركة من أجل الضغط عليها كي تُقدم "بالانتخابات" ما لم تقدمه " بالمواجهات"، وتم لهذه الغاية استخدام الذريعة القديمة والجاهزة دوما التي تعتبر حماس، من وجهة نظر إسرائيلية وأميركية، حركة ارهابية، وهو ما لا يمكن التسليم به.

لكن وبما أن إسرائيل ما عادت تتحكم بقواعد اللعبة الفلسطينية الداخلية كما يحلو لها، وبما أن الأمور قد لا تسير دوما وفق ما تشتهيه الرياح الإسرائيلية، يتم اللجوء إلى تكتيك بديل يقوم على اساس العمل والدعوة لإرجاء هذه الانتخابات على أمل حصول تطورات من شأنها التأثير سلبا على مستوى نجاح الحركة في الانتخابات، وهو ما قد يتلاقى مع مصلحة بعض الأطراف الفلسطينية التي قد تجد نفسها خاسرة أو متضررة من نتائج الانتخابات، وهنا مكمن الخطورة.

المستوى الثاني الذي برزت فيه محاولة التدخل الإسرائيلي لتأجيج نار الفتنة، يكمن في الاستفاقة المفاجئة للأوساط الأمنية والسياسية الإسرائيلية وحرص هذه الأوساط على تأمين ما يلزم السلطة الفلسطينية من أعيرة نارية ومركبات مدرعة لحفظ الأمن وبسط النظام. فالمعلومات المتداولة في إسرائيل تؤكد أن المستوى السياسي وافق بناء على توصية المستوى الأمني بتزويد السلطة بالذخيرة والمركبات وبمعدات تعرف بـ "داعمة للقتال" تتضمن مجنزرات ومركبات "خفيفة" اخرى.

ويدور الحديث عن انصاف مجنزرات يمكنها أن تقل شرطة من مكان الى مكان تحت النار، ولكن لا تطلق نارا بنفسها. ولم تخف المستويات الأمنية الإسرائيلية تقديرها بأن أجهزة الأمن الفلسطينية كفيلة بأن تستخدم هذه المركبات والرصاصات في حربها ضد حماس.

وإذا كان بدا لوهلة غرابة الأمر المتمثل في موافقة وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز على السماح للفلسطينيين بالتزود بمئات الاف العيارات النارية للبنادق، ومعارضته بحزم السماح للفلسطينيين بالتزود أيضا بالبنادق، رغم زعمه أن جزءا كبيرا من الشرطة في غزة ليسوا مسلحين على الاطلاق، تبين لاحقا أن الهدف من ذلك هو محاولة أُخرى لدفع أجهزة السلطة للصدام مع فصائل الانتفاضة من خلال القول بانه يوجد في قطاع غزة على الأقل " الاف البنادق غيرالقانونية، على الشرطة الفلسطينية أن تصادرها من منظمات الارهاب" وفق ما نقلته يديعوت أحرونوت.

الحملة الإسرائيلية واضحة من حيث الأساليب التي تنتهجها والأهداف التي تتوسلها، بيد أن أخطر ما فيها هو السعي الإسرائيلي الحثيث لتحويل حركة حماس، ومن ورائها فصائل الانتفاضة وسلاحها، من مشكلة تقض مضجع إسرائيل، إلى مشكلة للسلطة الفلسطينية، لذا المطلوب فلسطينيا السعي الدؤوب للحيلولة دون ما من شأنه تكريس هذه المعادلة المدمرة.

التعليقات