06/11/2010 - 12:45

عجز نتانياهو../ خالد خليل

-

عجز نتانياهو../ خالد خليل
تُجمع القراءات الإسرائيلية للتطورات السياسية في المنطقة على أن نتنياهو يقف اليوم على مفترق طرق! إما أن يتخذ قرارًا حاسمًا باتجاه دفع العملية السلمية إلى الأمام، وذلك من خلال وقف الاستيطان وتفكيك المستوطنات المعيقة لهذا الدفع، أو استمرار سياسة الاستيطان وتوسيع المستوطنات وشن عدوان جديد على إيران أو ربما على لبنان.
 
من الواضح أنّ القرارات الاستراتيجية في إسرائيل لا يتم اتخاذها بسبب رغبات شخصية لهذا القائد أو ذاك أو بسبب التمنيات النخبوية، إنما في معظم الحالات هي نتاج لتقديرات الأجهزة الأمنية التي تعممها من منظار مصلحة الأمن القومي لإسرائيل والتي استندت حتى الآن إلى نظريات ورؤى أمنيّة متأثرة بدورها ومستندة إلى الخارطة السياسية الاقليمية والعالمية، وبشكلٍ خاص الى الخارطة السياسية داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
 
وفي العادة لا تقف إسرائيل موقف المتفرج مما يحدث في الساحة الأمريكية، وإنما تحاول التأثير عليها بكافة الوسائل والأدوات المتوفرة بما ينسجم مع مصالحها وأهدافها القريبة والبعيدة. ومن ضمن تلك الوسائل والأدوات اللوبي اليهودي داخل امريكا ومجموعات ضغط مختلفة داخل وخارج الأحزاب الأمريكية.
 
ومن الواضح أيضًا انّ حكومة نتنياهو أقرب سياسيًا واستراتيجيًا الى الجمهوريين منها إلى الدمقراطيين.
ولا شك أن فوز الجمهوريين بأغلبية مقاعد مجلس النواب قبل يومين تزيد من نقاط القوة الإسرائيلية داخل أمريكا وتسهل عليها إمكانيات الضغط على الإدارة من أجل تبني مواقفها بشأن السياسات الاقليمية ومن ضمن ذلك ضرب ايران أو التسريع بشن عدوان جديد على لبنان والمقاومة اللبنانية.
 
لكن من الجدير ذكره أن القرارات الاستراتيجية لا يتم اتخاذها بصورة ميكانيكية، بل تحكمها عوامل وعناصر متنوعة تتصل بحسابات داخلية عدا عن الحسابات الخارجية.
ومن الطبيعي ان لا يرتبط قرار الحرب بمعادلة القوة العسكرية فقط، وإنما بمعادلات سياسية واقتصادية وأمنية على حدٍ سواء، هذا علاوة على الحسابات الانتخابية والصراعات الحزبية داخل مكونات الحكومة في كل مرحلة من المراحل.
 
وإذا كانت إسرائيل تتصرف اليوم على كل الجبهات على أساس الاستعداد للمواجهة القادمة وكأنها قاب قوسين أو أدنى، الا انها ما زالت تواجه قيود كثيرة على مستوى الأمن الداخلي فرضتها نتائج حرب تموز 2006، هذا بالإضافة إلى عدم توافق الأولويات الأمنية الإسرائيلية مع الرؤية الأمريكية الحالية، خاصة وأنّ الإدارة الأمريكية تعمل في ظل تداعيات الأزمة الاقتصادية وما انتجته من مشاكل وأزمات داخلية تفرض عليها أولويات غير تلك المرتبطة بمنطقتنا.
 
من جهة أخرى فإنّ الحكومة الإسرائيلية الحالية غير قادرة على دفع العملية السياسية باتجاه تحقيق الحل الأمريكي للصراع العربي الإسرائيلي، رغم أنه يخدم بالمحصلة النهائية أهدافها الاستراتيجية. هذا العجز الإسرائيلي باتخاذ موقف نابع بالأساس من اعتبارات ائتلافية داخل الحكومة الإسرائيلية تتناقض مع هذا الحل فرضها اليمين الإسرائيلي المتطرف.
 
وإذا كان صحيحًا أنّ نتنياهو يقف على مفترق طرق وسيضطر إلى الدفع بالعملية السياسية، لا بدّ وأن تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية حراكًا بهذا الاتجاه يتوقع المراقبون أن يؤدي إلى حكومة ائتلافية جديدة ، أو انتخابات برلمانية جديدة، قبل موعدها المحدد، وإلا فإنّ الجمود الحالي إذا استمر سيكون له الدور الأساس في تعميق أزمة السلطة الفلسطينية التي تراوح مكانها في مسألة فتح خيارات جديدة غير خيار المفاوضات.
كما يبدو هذا الجمود سيكون السِمة المميزة لهذه المرحلة خاصة بعد هزيمة الديمقراطيين في مجلس النواب وبسبب عجز نتنياهو عن تجاوز تعقيدات الساحة السياسية في إسرائيل
 

التعليقات