21/11/2010 - 10:48

زيارة النائبة حنين زعبي إلى جامعة حيفا../ فادي خوري*

-

زيارة النائبة حنين زعبي إلى جامعة حيفا../ فادي خوري*
مجيء حنين زعبي، الممثّلة عن التجمّع الوطني الديمقراطي في الكنيست، إلى جامعةحيفا يوم الإثنين الأخير بعد أن قام عميد الطلبة برفض طلب التجمّع الطلابي الديمقراطي بعقد فعالية لجميع الطلاب العرب بمناسبة عيد الأضحى حظي بصدىً إعلاميّ رهيب ذي أهميّة على المستوى السياسي بحيث أنّه "فضح" العنصريّة المتأصّلة في جامعة حيفا وبفئات من طلاّبها اليهود، كما وجرّدهم من مظاهر التعايش الزائفة والتي حاولوا بحسبها مرارا وتكرارا فصل السّياسة العامّة عن الحرم الجامعيّ اقناعا للطالب العربيّ بأن احتياجاته الجامعيّة والدّراسيّة يمكن أن تُـلبّى من قبل فئات تدّعي حيادها السياسيّ. فبحسب الإدّعاء، ليس هنالك علاقة بين السّياسة على المستوى القطري والسّياسات الجامعيّة. وهذا ما تفعله على سبيل المثال خليّة "ستودنتيم بلوس" وعلى هذا الأساس يصوّت لها بعض الطلاب العرب في انتخابات النقابة. لذلك علينا، طلاب وطالبات عرب، أن نستخلص العبر من زيارة حنين زعبي في الجامعة...
 
تلخيص الأحداث:
 
قام التجمّع الطلابي بتقديم طلب لعميد الطلبة، بوفق شروط دستور الأنشطة العامة،لعقد فعالية ومن ضمنها محاضرة سياسيّة تلقيها حنين زعبي بعنوان "الشباب العرب سياج هويتنا الواقي ما بين الأسرلة وأسطول الحرية" تلحقها حلقة موسيقيّة وعرض فيلم يتداول أوضاع أهلنا في غزّة.
 
وبالرّغم من تقديم التجمّع الطلابي للطلب منذ ثلاثة أسابيع، قدّم عميد الطلبة رفضه يوما واحدا فقط قبل موعد الفعاليّة المخطّط، وبذلك منع أيّ امكانيّة للإستئناف إلى رئيس الجامعة. وهذا ما جاء في ردّه:
 
"بعد النظر وفحص المعطيات المتوفّرة، قررت عدم الموافقة على طلب التجمع الطلابي الديمقراطي لعقد الفعالية تحت عنوان ‘الوضع السياسي في العام الأخير‘ بمشاركة عضوة الكنيست حنين زعبي.
وكما هو معروف، شاركت عضوة الكنيست زعبي في الأسطول إلى غزة والذي انتهى بسفك دماء واحتجاج جماهيريّ لم يسبق له مثيل وبالأخص بسبب مشاركة عضوة الكنيست الزعبي فيه. وفقا لذلك، قمت بتأجيل اتخاذ القرار تفحّصاً للوضع العام أقرب ما يمكن من الموعد الذي طلبتم عقد الفعاليّة فيه. وفي نهاية الأسبوع الماضي، أجريت تقييماً للوضع وتبيّن لي بحسبه وجود نوايا من قبل خلايا طلابيّة مختلفة، والتي علمت بأمر دعوة عضوة الكنيست حنين زعبي، باستغلال الحدث لخلق اشتباكات عنيفة والتي قد تؤدي الى سفك الدماء. هذه النّوايا متدفّقة عن رغبة لـ"إشعال" الحرم الجامعي عشيّة الإنتخابات بهدف تحقيق مكسب سياسيّ.
الظروف الآنيّة تشير الى احتمال مرتفع من أنّ الفعاليّة قد تؤدي إلى خرق النظام العام في الحرم الجامعي، وهناك قلق حقيقي لسلامة الطلاب والعاملين فيه. لذا قررت عدم الموافقة على عقد الفعاليّة بوفق ما طُلِب. وإذا قرّرتم طلب عقد الفعاليّة بالموعد المطلوب دون حضور عضوة الكنيست الزعبي، سأقوم بفحص طلبكم من منطلق إيجابيّ" (ترجمة غير رسميّة).
 
 بالرغم من ذلك، قرّرت حنين زعبي زيارة الجامعة عنوةً ووفقاً لصلاحيّتها البرلمانيّة بالدّخول الحرّ الى جميع الاماكن، بما في ذلك تلك التي تحتّم تصاريح دخول أو عدم تواجد منع من الدخول، ومن ضمنها الجامعة. بما معناه، أنّرفض عميد الطلبة كان مخالفا للقانون، وعلى الأقلّ تجاهلا للقانون. ولكنّ ماهيّة الأمر تكمن برفض عميد الطلبة ذاته، معانيهوأسبابه.
 
تحليل الأحداث:
 
أولاً، مَنَع عميد الطلبة فعاليّة طلابيّة بسبب ضيفته والتي يسمح لها بالدخول الى الجامعة، إلا أنّ حضورها ليس مشروطاً بموافقة هيئات الجامعة حيث يمكنها الدخول دون مصادقة من العميد. ثانياً، برّر العميد رفضه بأن حضور حنين زعبي قد يؤّدي إلى صدام بين الطلاب وإلى "سفك دماء" بسبب معارضة لعمل ومبادئ حنين من قبل فئات من الطلاب.
 
الإشكاليّة في ردّ العميد تتمحور حول عِلمه بأنّ دخول حنين زعبي ليس أمرا له سيطرة عليه، وفي الآن ذاته لم يقم بأيّة خطوةٍ ليقلّص الإحتكاكات المحتملة بين الأطراف مثلتخصيص قاعة للفعاليّة كما طلب التجمّع الطلابي، بل قام باستدعاء قوات الشرطة التيتفشّت في الحرم الجامعي وكأنّه ساحة حرب مسلّحة بالخيل والعتاد لتفريق المظاهرات.
 
من منطلق المنطق، لو أعطى العميد تصريحا للفعاليّة لشهدنا مظاهرة خارج القاعة وتواجدا لعدد مصغّر من أفراد الأمن الجامعي بهدف ردع محاولات المتظاهرين من الدخولاليها. وبذلك يكون قد تجنّب صداما بين الأطراف وظهر كمن يعطي الحق بالتعبير عن الرأي مكانته الدستوريّة اللائقة. لذلك، لا بدّ من طرح السؤال، لماذا رفض العميد أن يسمح بالفعاليّة رغم أنّ أمن الطلاب، المعارضين والداعمين، يحتّم تفرقتهم علماً بأنّه يعجز قانونيّا عن منع حنين زعبي من الدّخول؟ ولماذا رضخ في نهاية الأمر وخصّص غرفة للقاء التجمّع الطلابي مع حنين زعبي، فقط عند مجيئها؟
 
للإجابة على هذه الأسئلة لا بدّ من التذكير بتقرير حركة "إيم ترتسو" الذي تمنشره منذ بضعة أشهر، وفيه قامت الحركة بتوجيه اتّهامات للجامعات، جلّها ضدّ جامعة حيفا، بكونها تسمح لمحاضريها بالتعبير عن مواقف معادية للصهيونيّة عبر مواد التعليم. وقد قامت الحركة بمطالبة الجامعات بفصلهم وبمراقبة المضامين التعليميّة. فقد اعتُبر هذاالتقرير مسّا للحريّة الأكاديميّة وحريّة التعبير عن الرأي وقامت الجامعات، وجامعة حيفا بالأخصّ، بدحضه على أنّه معادٍ للديمقراطيّة والتعدديّة الفكريّة بكونها من الأسس الأكاديميّة منبعاً ومصبّا.
 
ولكن، شتان ما بين التصريحات الرسميّة في هذا الصدد وتطبيقها. فلا بدّ من ربط اتهامات حركة "إيم ترتسو" من منطلق تأثيرها على عميد الطلبة والقرار برفض الفعاليّة التي طالب بعقدها التجمّع الطلابي.
 
كما نذكر، قامت الجامعة بالسماح لـ"أفيجدور ليبرمان" بالدخول الى الجامعة رغم المعارضة الشديدة من قبل الطلاب العرب، وسمحت الجامعة قبل عام بفعاليّة لـ"إقرأ" بمشاركة "الشيخ رائد صلاح" رغم المعارضة الشديدة من قبل الطلاب اليهود. لا مجال للمقارنة طبعا بين الشخصيّات، ولكن العوامل مشتركة من منطلق المعارضة لتصريحاتهم السياسيّة وللتيّارات السياسيّة التي ينتمون اليها.
 
وإن أخذنا بعين الإعتبار المعارضة للعمل السياسي التي قامت به حنين زعبي فيالعام الأخير، بالرغم من شرعيّته في نظرنا وانعدامها في نظر اليمين والمركِز الإسرائيلي الممثل في الجامعة من قبل عدّة فئات طلابيّة، فليس بذلك وحده ليفسّر رفض العميد لفعاليّة بمشاركتها، علما بأنّ مبادئ الحق بالتعبير عن الرّأي ترفض أساسا منع فعاليّات بسبب المعارضة لمضامينها وتحتّم منح الحماية للمهدَّدين بطمس آرائهم ومنع التعبير عنها. إلا انّ عميد الطلبة تصرّف على عكس هذه المبادئ وفضّل منع الفعالية وتخصيص الموارد الماديّة لذلك بالرغم من أنّ السماح بها أقلّ تكلفة.
 
في الواقع، رفَضَ العميد أن يسمح بعقد الفعاليّة تجنّبا من إتهامات اليمين وبالأخص حركة "إيم ترتسو" للجامعة على أنّها تستضيف حنين زعبي أو تسمح باستضافتها وبذلك تعطي شرعيّة للأصوات المعادية للصهيونيّة. بما معناه، إنّ رفْض العميد كان منمنطلقات سياسيّة مظهريّة وليس حفاظا على أمن الطلاب كما ادّعى. فمن منطلق الحفاظ على الأمن، كان على العميد اعطاء التصريح للفعاليّة في قاعة مغلقة كما طُلِب. ودليل على ذلك، تخصيص الغرفة في نفس اليوم بهدف الفصل بين الأطراف، إلا أن تخصيص الغرفة حينها لم يحمل بطيّاته شرعيّة أو موافقة رسميّة بعكس تخصيص قاعة من قبل. بل يمكن تبريره امنيّا ومع ذلك الحفاظ على موقف سياسيّ رسميّ مرضٍ لليمين.
 
مسألة اضافيّة والتي لا بدّ من التطرّق اليها هي امتناع حركة "كامبوس لكولانو" (الجامعة لنا جميعا) أو العرب في الحركة ( الإشارة إلى الجبهة الديمقراطية) على الأقل من اتخاذ موقف واضح بحيث أنّ غيابهم عن السّاحة أثناء زيارة حنين زعبي كان ملحوظا. فمنع مجيء حنين زعبي الى الجامعة لا يقتصر على التجمّع وحده، وليس مسألة حزبيّة بل وهو أمر على المستوى السياسي-العربيّ العام، لا مجال للتلعثم أو تجنّب اتخاذ موقفٍ واضحٍ فيه. وبدون اتخاذ موقف سياسيّ واضح وجليّ ينادي بحسبه الجامعة والنّقابة بالاعتراف بالشخصيّات السياسية، الإجتماعيّة والثقافيّة العربيّة، بغضّ النظر عن كونها محور جدلٍ، وبالحدّ من سياسات كم الأفواه، بغضّ النظر عن مضامين تعبيرها، يكون" كامبوس لكولانو" قد فشل بأن يأتي الطالب العربي ببديل حقيقيّ لليمين المهيمن فينقابة الطلاب، واستبدل الصوت العربيّ بصوت خافِتٍ اتقن العبرية، ليس الطالب العربيّ واحتياجاته الهدف وإنما مجرّد وسيلة لإحراز مكاسب سياسيّة.
 
وعلى نقيض "كامبوس لكولانو" قام "ستودنتيم بلوس" بتوضيح موقفه إزاء زيارة حنين زعبي حين أنشدوا أمام صفوف طلابنا العرب ووصفوهم بـ"الإرهابيين والخونة". ومنهم من لبس زي النقابة، ومنهم من ارتدى زيّ حركة "إيمترتسو". هذا في آنٍ يحاولون جذب الطلاب العرب واقناعهم بأن يصوّتوا لهم. استفعلون؟
 
خلاصة:
 
مجيء حنين زعبي الى جامعة حيفا هَدَف محاربة سياسة كمّ الأفواه ضد الطلاب العرب، وفيه تعبير عن موقف واضح: الحق بالتعبير عن الرأي ليس من نصيب المؤمن بيهودية وصهيونيّة الجامعة (وبحسبها الدولة ايضا) فقط ولن نقبل بالديمقراطيّة النسبيّة. ولكنّنا لن نسمح للبلطجيّ بإفشال فعاليّاتنا ومشروعنا بأساليب التهديد والعنف، وكان من المفروض على الجامعة وأمنها أن يوفّروا الحماية التامّة لنا، الطلاب العرب، وتركيز مواردهم لردع المهدِّد (بكسر الدال) لالقمع المهدَّد (بفتح الدال).
 
مكانة الطلاب العرب في الجامعة، كمكانتهم ومكانة أهلهم في البلاد، تتمحور حول السياسة ولا يمكن فصلها عن الحياة اليوميّة بكون التعامل معهم على جميع الأصعدة ينطلق من كونهم عربا.
 
 وهكذا تحوّلت الهويّة القوميّة الى هويّة سياسيّة لا يمكننا تركها خارج الحرم الجامعي عند دخولنا ايّاه. لذلك، لا بدّ من تمثيل سياسيّ يعبّر عن هويّتنا السياسيّة في الجامعة ليستثمر كلّ ما عنده من طاقات وقدرات وإمكانيّات بهدفٍ واحدٍ ووحيد: الطلاب العرب..

التعليقات