04/12/2010 - 09:43

قانون الولاء لن يوقف تآكل شرعية نظام الابارتهايد الاسرائيلي/ عوض عبد الفتاح

لا يجوز الاستهانة بدور عرب الداخل، ليس عبر وجودهم الفيزيائي فحسب، بل بفاعلية هذا الدور في توجيه ضربات قوية للوجه العنصري للنظام الاسرائيلي الكولونيالي المتخفي بقناع الديمقراطية والمساواة.

قانون الولاء لن يوقف تآكل شرعية نظام الابارتهايد الاسرائيلي/ عوض عبد الفتاح

 

لا يجوز الاستهانة بدور عرب الداخل، ليس عبر وجودهم الفيزيائي فحسب، بل بفاعلية هذا الدور في توجيه ضربات قوية للوجه العنصري للنظام الاسرائيلي الكولونيالي المتخفي بقناع الديمقراطية والمساواة.

ولن يُسعف الدولة العبرية فرض قوانين ومحاولات سن قوانين أخرى وتنفيذ إجراءات وممارسات بشعة في احتواء هذا الدور وخنق صوت عرب الداخل الداعي الى الحق والعدالة لأبناء وبنات فلسطين  - الحاضرين والغائبين - وإلى المساواة الكاملة بين كل من يعيش على أرضها.

لقد كـُشف هذا الأسبوع عن تطورين خطيرين آخرين في مجال العداء المستشري ضد الفلسطينيين في إسرائيل. الأول، المذكرة الداخلية بخصوص قرار وزارة المعارف الاسترائيلية باشتراط العمل في سلك التدريس في المدارس العربية، بتنفيذ الخدمة الوطنية الاسرائيلية (الخدمة المدنية). الثاني هو استطلاع معهد الديمقراطية في إسرائيل والذي كشف من بين أمور خطيرة أخرى أن 62% من اليهود يؤيدون ربط حق التصويت للمواطن العربي للكنيست بإعلان الولاء لدولة اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. وفي تعليقه على نتائج الاستطلاع، وردًا على سؤال حول من يتحمل المسؤولية عن تفاقم العنصرية في إسرائيل ضد العرب، أجاب أفيغدور ليبرمان وزير خارجية إسرائيل، بعد أن تنصل من مسؤوليته وبرنامجه السياسي عن ذلك: "بكل ثقة، إن قيادات عرب الداخل مسؤولة عن ذلك بنسبة مئة بالمئة.. وأضاف: "إنه إذا لم نسارع في تنفيذ قانون الولاء فإن ضررًا كبيرًا سيحصل لشرعية إسرائيل". (موقع هآرتس 02.12).

ليس ليبرمان وفكره العنصري الفاشي هامشيًا في المجتمع الاسرائيلي، فهو يعكس – كما أظهرت الاستطلاعات والقوانين العنصرية الحالة الاسرائيلية الراهنة الآخذة في التحول الى حالة فاشية.

ليس الجديد في السياسات العنصرية المنهجية المعتمدة ضد عرب الداخل منذ عام 1948. وليست الدولة اليهودية، إكتشافًا جديدًا لأبناء المنطقة. كما أنه ليس بالكشف الجديد اعتماد نظام التعليم العربي وسيلة أساسية من وسائل السيطرة المعتمدة من الدولة العبرية ضد الأقلية العربية الفلسطينية داخل الخط الأخضر.

الجديد أنه في ضوء الإخفاقات العديدة وفي ضوء تصاعد الردّ العربي الداخلي على مجمل هذه السياسات والقوانين ووصول صوتهم الى خارج البلاد بحيث لم يعد بالإمكان تجاهل قضيتهم من جانب محافل دولية مختلفة. مضافًا إلى ذلك انتفاضة الشعب الفلسطيني التي كشفت زيف ادعاءات اسرائيل بالسلام والجرائم التي ارتكبتها بحق شعبنا ردًا على انتفاضته، في ضوء ذلك كله تبحث إسرائيل عن مخرج لاستعادة بعض من صورتها السابقة التي نجحت في تسويقها كدولة ديمقراطية لفترة طويلة أمام المجتمع الدولي.

 تُرى هل تعتقد إسرائيل فعلاً أنه بالإمكان وقف التآكل في مكانتها الدولية، أو وقف تآكل شرعيتها عبر تحويل عرب الداخل الى موالين للدولة اليهودية. وهل فعلاً هناك من يعتقد أنه بعد كل هذه التحولات الهائلة والعميقة في مسار الصراع والتقطب الحاد المتشكل بين أهالي المنطقة ونظام الأبارتهايد الاسرائيلي، يمكن أن يتحول شعب أصبح أكثر وعيًا لذاته ولمعادلة الصراع، إلى خادم لدى جلاديه وسالبي وطنه. وهل فعلاً تعتقد، رغم كل مظاهر الانحطاط العربي والنفاق الغربي (الأنظمة الرسمية) أنها تستطيع أن تـُنفـّذ ما يفكر فيه الكثيرون من النظام العنصري الإسرائيلي، أي الترانسفير بحقنا.

"إذًا ما الهدف من كل هذه القوانين والإجراءات، وإلى أين تريد إسرائيل أن تأخذنا؟

قراءتنا لهذه السياسة الجديدة-القديمة هو إما إجبار جزء من الفلسطينيين على الهجرة الطوعية، أو إجبارنا على قبول الدونية الأبدية في دولة اليهود عبر وضعنا بين خيارين: إما الترانسفير وإما البقاء عبيدًا إلى أبد الآبدين. أما العدالة والإنصاف والعيش المشترك على قدم المساواة فهو خارج الأيدلوجية الصهيونية وعقية نظام الأبارتهايد. هذا الخيار الثالث هو خيار شعبنا وأنصار الحرية..

إن المكانة المتردية على مستوى العالم الذي تعيشه إسرائيل ليس سببه تطرف الفلسطينيين بل تطرف وجنون إسرائيل، ويعود سببها الرئيسي إلى انكشاف حقيقتها واتضاح زيف ادعاءاتها، الذي غطته بالدماء والدهاء. وهي بدل أن تراجع سياساتها فهي ماضية بوحشية أكثر في نفس السياسات ولكن هذه المرة بدون رتوش. والذي يعني أن مزيدًا من الأذى الفعلي والمعنوي سيلحق بأهل البلاد الأصليين، وذلك قبل أن تصل هذه السياسات البربرية إلى نهايتها الحتمية.

وتجارب شعوب كثيرة تقول أنه عندما يصل القاهر إلى هذه المرحلة، مرحلة التوحش العاري يبدأ العد التنازلي، وهي بالنسبة للشعب الواقع تحت نير القهر هي الفرصة المواتية لتركيم الضربات لعدوه حتى ينهار.

وبهذه النتيجة لا يجري إنقاذ أصحاب الأرض الأصليين بل أيضًا إنقاذ من تم تضليلهم من أبناء المجموعة البشرية التي استخدمها القاهر لفرض سيطرته. ما معناه، إنقاذ اليهود الإسرائيليين أيضًا من مغامرات حكامهم، ومن الروح العنصرية التي زرعوها بهم.

التعليقات