06/12/2010 - 14:34

في حضرة الحاضر../ سليمان أبو ارشيد

بمقدور الرفيق محمد بركة بمظلة عرفات أو بدونها أن يبارك ويهلل لأبو مازن وسلطته متى شاء وكيفما شاء، كما فعل دائماً هو وحزبه، فهو بذلك يمارس حقه المكفول ديمقراطياً في التعبير عن رأيه بما يدور على الساحة الفلسطينية، وبالتالي تحديد موقعه ضمن تلاوينها المختلفة بامتداداتها الإقليمية عربية كانت أم إسلامية.

في حضرة الحاضر../ سليمان أبو ارشيد

بمقدور الرفيق محمد بركة بمظلة عرفات أو من دونها أن يبارك ويهلل لأبو مازن وسلطته متى شاء وكيفما شاء، كما فعل دائماً هو وحزبه، فهو بذلك يمارس حقه المكفول ديمقراطياً في التعبير عن رأيه بما يدور على الساحة الفلسطينية، وبالتالي تحديد موقعه ضمن تلاوينها المختلفة بامتداداتها الإقليمية عربية كانت أم إسلامية.

المنطق الديمقراطي يكفل لمحمد بركة ذلك مثلما كفل له ولغيره من الشيوعيين التواصل مع امتدادهم الأيديولوجي ومرجعهم العقائدي الإتحاد السوفيتي في حينه، ولم يعتبرهم أحد بسبب، وفي ضوء هذه العلاقة، جواسيس أو مشاريع جواسيس لأجندات إقليمية أو دولية. ويشرفنا اليوم مثلما يشرفهم على ما أعتقد أن يكونوا جواسيس أو مشاريع جواسيس لشافيز، على سبيل المثال لا الحصر، فأحياناً قد يكون من الأفضل أن تكون تًابعا مع كرامة على أن تكون انت مستقلاً من دون كرامة أو كما تقول الحكمة من الأفضل أن تكون ذنباً لأسود على أن تكون رأساً لثعالب.

الرفيق بركة شد على إبطه، في حضرة الغائب، ولكن إرضاء للحاضر أبو مازن طبعاً وحذر كما جاء في البيان الذي صدر عن مكتبه "من إقحامنا من بعض الأوساط في أجندات تخرج عن أولوياتنا"، قائلاً: "نحن الفلسطينيون في إسرائيل لسنا مشاريع جواسيس لا لأنظمة ولا لتنظيمات".

طبعاً كل عاقل يفهم أن بركة لم يقصد بالأجندات الإقليمية مصر ولا السعودية طبعاً ولا أي دولة أخرى مما يسمى مجازاً بدول محور الإعتدال التي تدور في فلكها سلطة أبو مازن، وهو كذلك لم يقصد القيادة المتنفذة في "فتح" أو غيرها من التنظيمات التي تدور في فلك هذا المحور أيضاً، ليس لأنه يجلس في حضرتها ويقف تحت مظلتها، وهذا لا يدعه بالضرورة يضرب بسيفها ــ بل قصد إيران وسوريا وحماس وحزب الله وغيرها من دول وتنظيمات ما يعرف بالعرف الأمريكي بـ"محور الشر" وبعرف الناس بـ"محور الممانعة والمقاومة".

ولا نريد أن نقسو على بركة أكثر من ذلك، ولكن وفق عرفه فأن تكون تابعاً لمصر والسعودية فإنك لن تكون جاسوساً ولا حتى مشروع جاسوس، أما أن تكون  تابعاً لإيران أو سوريا فأنت بالضرورة جاسوس او مشروع، فمصر والسعودية ليستا أجندات خارجية وإيران وسوريا كذلك، بمعنى أن البعد عن أمريكا هو ما يحدد إذا كانت الأجندات خارجية ام داخلية، وإذا كانت الأجندات الخارجية أشعلت أو تريد، على حد قول بركة، حريقاً في غزة وفي لبنان، كما تدعي 14 اذار، "فلماذا الزج بنا  نحن العرب في الداخل في هذا الأتون يا محمد"؟، وهل نحن العرب في إسرائيل على شفا حرب أهلية سببها الأجندات الإقليمية؟ وهل يستوي وضعنا في سياق لبنان وغزة؟..  أم أن الشغلة هي سحب الكلام هكذا لـ"يزبط الخطاب ويزبط التحذير"، فلماذا هذا التضخيم لدورنا؟ هل لكي يستطيع السيد بركة الظهور كلاعب إقليمي ويستطيع أن يحذر ويهدد إيران مثلا؟

القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين والعالم الحر أيضاً. حملها العرب قبل أن يحملها الفلسطينيون، وبعد أن حملها الفلسطينيون واصل العرب دعمها ومناصرتها، وواصل أحرار العالم قاطبة ممارسة هذا الدعم. وما زالت  دول مثل فنزويلا وكوبا وغيرهما تحمل معنا هذا الهم  وهذا الحلم، وما زالت دول مثل سوريا ولبنان وإيران تتقاسم معنا هذا الحمل وهذه المعاناة. وتاريخيا نشأت فصائل فلسطينية تابعة لسوريا مثل الصاعقة وأخرى تابعة للعراق مثل جبهة التحرير العربية، وكانت جزءً من منظمة التحرير الفلسطينية، ولم يتهمهم أحد بأنهم جواسيس ولا مشاريع جواسيس، هذا ناهيك عن إنقسام الفصائل المستقلة مثل فتح والشعبية والديمقراطية بين سوريا ومصر أو غيرها من حيث القرب والبعد السياسي، دون أن يتحولوا إلى جواسيس.

واليوم إذا كان هناك في أي ساحة من ساحات العمل الوطني الفلسطيني فصائل أو مجموعات قريبة من سوريا أو إيران أو حزب الله فذلك لا يزيدهم ولن يزيدهم إلا شرفاً، ولا يمكن تحميل وزر إنقسام الساحة الفلسطينية لطرف دون غيره على منصة هذا الطرف. ومن غير المعقول إلقاء الإتهامات بهذا الشكل من قبل إنسان وقائد مسؤول، والأهم من كل ذلك كيف لإنسان عاقل أن يتصور أن حريقا عل شفا الاشتعال في ساحة 48 سببه إيران أو سوريا؟

التعليقات