16/12/2010 - 11:03

هل تنفع المحاولات العربية بترويض إسرائيل أم العكس؟ / نزار السهلي

-

هل تنفع المحاولات العربية بترويض إسرائيل أم العكس؟ / نزار السهلي
أمريكا غير قادرة على "إقناع" حكومة نتنياهو بوقف البناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، لكنها ستتابع جهودها بين الطرفين للتوصل إلى صيغة تتجاوز عقبة الاستيطان. الموقف الأمريكي أبلغ للسلطة الفلسطينية بعد حالة انتظار لجواب معروف مسبقا، انتهاء المهلة العربية لأمريكا "لإقناع" إسرائيل بضرورة وقف الاستيطان، ستفتح خيارا للجنة المبادرة العربية التي اجتمعت منذ طرح المبادرة الشهيرة قبل 8سنوات عشرات المرات، ماذا حدث؟ الجواب فوق الأرض الفلسطينية، خريطة العدوان والاستيطان والتهويد رسمتها إسرائيل فوق المبادرة التي دمرت حروفها آلة العدوان، بين جدار الفصل العنصري وأعمال الحفريات في القدس وصولا للحصار الشامل لمدن الضفة والقطاع.
 
طالما بقي الترويض العربي بـ"الحسنى" عبر خيار السلام العربي، فإن إسرائيل ستبقى تحتل أراضي عربية وبحوزتها ترسانة نووية وهي عنصر عدم استقرار وتهديد لكل دول المنطقة.
فشلت كل الجهود، الأمريكية والعربية المراهنة على الدور الأمريكي، المتواطئ مع الحليف الاستراتيجي لها وكل المقترحات التي قدمها الراعي الأمريكي والعربي من خلال المبادرات، التي سادت خلالها ثقافة العدوان الصهيوني المسيطرة على المنطقة.
 
نجحت اسرائيل ممثلة بحكوماتها المتعاقبة، منذ مدريد والى اليوم، بترويض الجانب العربي والفلسطيني، وفرضت إرادتها الاستيطانية، برفض كل الضغوط والمطالبات الخجولة لها بتجميد الاستيطان، لثلاثة اشهر فقط، هذا يعني أن حكومة نتنياهو تدرك أن الطرف الفلسطيني المفاوض، وخياراته المطروحة لا يمكن أن تتجاوز التفاوض نفسه، من خلال سلوك إسرائيل لسياسة التباطؤ التفاوضية لإيهام المجتمع الدولي أن هناك عملية سلام تجري، لكنها بحاجة لدعم الأطراف الأخرى بالضغط على السلطة الفلسطينية للقبول بالأمر الواقع الذي ارتضته في كل المراحل.
 
الحديث الفلسطيني والعربي عن خيارات، يمتلكها ويهدد باللجوء اليها، هي خيارات يتم التمسك بها خارج دائرة المصالح الوطنية الفلسطينية، والقفز عن رأي الشارع الفلسطيني الذي يمثل قوة وإسناد للمفاوض، ركنه جانبا المفاوض الفلسطيني في عملية اجترار العجز والانتظار لأن الخيارات العربية والفلسطينية منها، ليست بحاجة لوقت تبيعه لإسرائيل بفرض ومتابعة وقائع العدوان على الأرض. وحالة الفرح من اعتراف البرازيل والأرجنتين بدولة فلسطينية، بحاجة لاعادة نظر بهذه الدولة، فاذا كانت لجنة المبادرة العربية المنبثقة عن القمة العربية بحاجة لإعادة تقييم، لأدائها وأداء اللجنة الرباعية وللدور الأمريكي، قبل الذهاب لمجلس الأمن الذي تهدد به السلطة إسرائيل في كل مناسبة، واتضاح العجز والفشل الأمريكي، يعني سقوطا مدويا للبديل الأوحد في اختلاف التسميات، التي يحب أن يطلقها المتفاوضون، والداعمون لها.
 
أما خيارات السلطة الفلسطينية بحل نفسها، وقبلها تهديد أبو مازن بالاستقالة، والحديث عن عدم العودة للتفاوض المباشر او غير المباشر، والتلويح ببدائل أصبحت بفعل العدوان المتواصل عصية على التنفيذ. فالإعلان عن دولة فلسطينية ومطالبة المجتمع الدولي الاعتراف بها، هو تخل عن المطلب الأساسي، بإنهاء الاحتلال من كل الأراضي الفلسطينية وعودة اللاجئين، والتخلي عن الحقوق المرتبطة بالقوانين الدولية لصالح مفاوضات.
 
 نجح الإسرائيلي بفرض رؤيته على الأرض من خلال العدوان والحصار والاستيطان فالتهام الأرض الفلسطيني، لم يبق للدولة المنوي الاعتراف بها، غير حدود الاستيطان والحصار، والسيطرة المطلقة عليها، فرمي العجز كله على أمريكا فيه ظلم كبير، لأن الرهان الفلسطيني والعربي مع التجربة المريرة له مع أمريكا وإسرائيل تستوجب مراجعة شاملة للخيار المطروح حتى في حالة العجز، التي ندور فيها حول الذات ونعيد طرح القضية على أمريكا لتستنبط شكلا جديدا من أشكال المراوغة، التي ندور فيها.
 
ترك الخيار الوطني واستبداله، بميتشل واوباما ونتنياهو، يعني أن التهميش لقدرات الشعب الفلسطيني وربطه بالعجز الذي أصاب عقلية التفاوض، لن يغير من واقع الحال، فحالة السفر المتكرر من والى البيت الأبيض وإطلاق التصريحات المنددة تارة بانتهاك إسرائيل لكل الأعراف والاتفاقات الدولية، وتارة أخرى الطلب من الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي لعب دور برعاية المفاوضات، المستمرة عقدين من السراب، توازي ابتلاع وتهويد المزيد من الأرض وفرض حقائق لا يمكن محوها إلا عن طريق مقاومة المحتل، فأية مفاوضات ستجبر المستوطنين الرحيل عن الأرض الفلسطينية طالما بقيت تكلفة رزح الاحتلال "هي الأرخص" في العالم والأقل تكلفة للمحتلين.
 
تثير المسميات الجديدة، التي يستنبطها الراعي الأمريكي للجانب الفلسطيني، شهية المفاوض والراعي العربي في لجنة المبادرة العربية، مفاوضات مباشرة وغير مباشرة ومتوازية. يأتي ميتشل ويذهب حاملا معه أفكارا مقروءة لترويض الجانب الفلسطيني والعربي، يقف نتنياهو فرحا أمام حلبة التفاوض، "واشنطن فهمت أن قضية الاستيطان هامشية "، واحتلال الأرض، والحصار والقتل، والتهويد والفصل العنصري، كلها قضايا ثانوية المهم في الأمر أن تبقى الأفكار مطروحة والهمة مرفوعة داخل حلبة السيرك، التي تزيد إسرائيل من رقعتها لاحتواء وترويض "الشعارات الفلسطينية والعربية".

التعليقات