06/01/2011 - 10:38

مشروع فتنة../ حسام كنفاني

-

مشروع فتنة../ حسام كنفاني
في ظل الحديث عن التسوية في لبنان، واقتراب الاتفاق بين السعودية وسوريا على صيغة لإخراج البلاد من تحت مقصلة المحكمة الدولية، برز عنصر لبناني آخر يثير الكثير من المخاطر في المستقبل القريب أو البعيد. العنصر هو مشروع قانون قدّمه الوزير بطرس حرب يحظر بيع وشراء الأراضي بين الطوائف، وخصوصاً من المسيحيين إلى المسلمين. الصيغة يطرحها حرب كحماية للمسيحيين في البلاد بعد تمدد الطرف الإسلامي وكثرة شراء الأراضي في ما كان يسمى سابقاً “المنطقة الشرقية”.
 
المشروع خطر، لكن أخطر منه أنه مستوحى من واقع قائم على الأرض. فحرب لم يأت بمشروع قانونه من العدم، بل هو يعكس أموراً تحصل في العلن والسر. فعدم بيع الأراضي والشقق للطوائف الأخرى في أي منطقة ذات طابع طائفي معين، بات أمراً طبيعياً. وحفلت الصحف اللبنانية في الفترة الماضية بسلسلة من التحقيقات عن هذا الواقع، الذي يأتي تارة ببادرة فردية من أشخاص، وتارة أخرى بقرارات بلديّة لا يسائلها أحد.
 
واقع بات مسلّماً به لدى الكثيرين، غير أن تحوّله إلى قانون من شأنه أن يضفي طابعاً شرعياً على وصفة “الغيتوات” التي بدأت تتبلور على الأرض. ومن المؤكد أن القانون لن يمر، هذا على الأقل ما أكده رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قال إن “المشروع لن يمر حتى من تحت قوس قزح”. لكن ذلك ليس من شأنه أن يطمئن، بل يزيد القلق. فما كان حديثاً في السر، بات مطلباً في العلن يتجه تحت إنشاء حواجز بين الطوائف وتشكيل مناطق منغلقة على نفسها، ما يضرب صيغة “العيش المشترك” التي يسعى إليها لبنان.
 
الصيغة أساساً لم تجد طريقها إلى النجاح، لكن محاولات إبقائها على قيد الحياة لا تزال مستمرة، ويأتي مشروع القانون ليقفل الباب أمام مثل هذه المحاولات، أو هذا الشعار، ويضفي شرعية على عمليات الفصل الطائفي. فصل يعيد إلى الأذهان ذكريات الحرب الأهلية والمناطق المغلقة على طوائفها، وهو ما يشير إلى خطورة مشروع القانون وانعكاساته على المدى البعيد، وما يثيره من أحلام فيدرالية لا تزال تدغدع أذهان البعض.
 
مشروع القرار لن يمر، هذه الطمأنة غير كافية. قد يحتاج الأمر إلى ما هو أكثر من منع القانون، ربما طمأنة أكثر شمولاً ترسّخ مفهوم الدولة لجميع أبنائها. مفهوم لا يزال قاصراً في لبنان، وليس من مشروع واضح لتأكيده في ظل حمل القادة السياسيين لرايات طوائفهم.
"الخليج"

التعليقات