10/01/2011 - 11:12

درس من السودان../ كلوفيس مقصود

-

درس من السودان../ كلوفيس مقصود
عندما حددت أن العروبة مواطنة في مقالي الأسبوع الفائت، جاءت الأحداث الأليمة والمعيبة بنفس الوقت وكأنها بمثابة الرد بأن العروبة ليست مواطنة بل وكأنها مجرد فعل إيمان بهدف الهروب من الواقع، ثم تلاحقت التطورات في الأيام والأسابيع الماضية وكان أقساها نتائج الاستفتاء الذي تحول إلى انسلاخ الجنوب عن السودان، وكأنه إنجاز لحركة تحرير وطنية بما انطوى عليه من دليل بأن العروبة ليست مواطنة وبالتالي استولوا من الرئيس بشير على ما أرادوا بقوة السلاح كعقاب له في حين أن الإسلام المضيء هو أحد أهم الضمانات لمناعة المواطنة.
 
 ثم جاءت نتائج الاستفتاء لتؤكد فشل النظام في توفير الطمأنة لمواطنيه من حريات ومساواة وحقوق إنسانية ما دفع الكثير إلى اعتبار ممارسات النظام القائم تنفيذاً لسياسات التمييز العرقي والديني وفرضها قمعاً ما أدى إلى حروب عبثية أودت بمئات ومئات الآلاف من الضحايا. وإذا كنا نعتبر أن المواطنة تفترض كما أشرنا مراراً تكريساً لشرعية التنوع فإن ما حصل نتيجة الاستفتاء هو أن التعددية التي أدارها النظام السوداني كرست حالة التفكيك التي بدورها أنتجت العرقية والطائفية ما أدى إلى افتراق نرجو أن يكون مؤقتاً وإن طال.
 
هذا بدوره يستدعي من قوى المواطنين من أحزاب ومجتمع مدني في شمال السودان وجنوبه أن تقوم بتصحيح العطب الذي حصل، وإعادة تأكيد أن عروبة السودان من شأنها التصميم على استعادة وحدتها من خلال ترسيخ قيم وإنسانية وحقوق كل مواطنيها، وأن يكون ما حدث بالأمس فرصة لتفعيل ما يجمع من مصالح اقتصادية ومائية واحتمالات لتنمية مستدامة وجعل ما يبدو آنياً صعب المنال قابلاً لإنجاز مبدع في المستقبل، حيث يكون التنوع في المواطنة صيغة لاستقواء متبادل، بدلاً من أن تكون نتيجة الاستفتاء عقاباً مؤقتاً لمفهوم التعددية مثلما في الوطن المماثل الذي انتجه نيلسون مانديلا.
 
إذا كان هذا من باب التجلي فهو أيضاً تحريض على استدامة عروبة المواطنة كونها مرادفة للتنوع والانفتاح والتحدي الذي يكمن في صلابة الموقف ومجابهة لجسامة الظلاميات والعصبيات في مختلف تجلياتها.

التعليقات