19/01/2011 - 13:58

هل يحرق الفلسطيني نفسه احتجاجا على الظلم؟../ د. عبد الرحيم كتانة

-

هل يحرق الفلسطيني نفسه احتجاجا على الظلم؟../ د. عبد الرحيم كتانة
الظلم الذي تعرض ويتعرض له الفلسطيني في كل مكان وفي كل الأزمنة أكثر واكبر من يوصف، ولم يتعرض له شعب على مدار التاريخ. وتعج التجربة الفلسطينية بآلاف وربما بملايين الأمثلة والدروس عندما أقدم الفلسطيني على الاستشهاد (مفجرا نفسه) تعبيرا عن غضبه على الاحتلال الصهيوني لأرضه وإجلائه منها إلى أربع بقاع الأرض ومصادرة أرضه وهدم منزله واعتقاله... إلى آخر القائمة من أعمال التنكيل.
 
 وليس هدفنا من هذه المقالة ما يتعرض له أبناء شعبنا من ظلم الاحتلال -فهذه هي طبيعة الاحتلالات- ولكننا نأمل بإلقاء الضوء على ما يتعرض له المواطن الفلسطيني من ظلم ذوي القربى.
 
لا شك أن الثورة الشعبية التونسية أشعلت الضوء الأخضر أمام المواطن العربي، الذي يتعرض للظلم على أيدي الأنظمة الحاكمة - أنظمته، بدليل أن الظاهرة التي أشعلت الثورة في تونس تنتشر في أكثر من عاصمة عربية، من الجزائر إلى مصر إلى موريتانيا والحبل على الجرار، وان إلى حين.
 
ومهما حاول منظرو السلطة والصحفيون المحسوبون عليها من حرف الأنظار عن الظاهرة التونسية (صحافيو معا والحياة الجديدة-مثلا) إلا أن الحقائق تبقى أقوى من أن يستطيع صحافي مقرب من صاحب القرار من تزييفها.
 
فما هي أوجه الشبه بين سلطتنا والسلطة في تونس؟
1- الأجهزة الأمنية هي التي تتحكم بحياة الناس هنا وهناك فتعتقل وتعذب من يتعرض، ولو بالنقد الإيجابي، للسلطة القائمة.
 
2- الوظائف، سواء في القطاع الخاص أو العام هي لأبناء الحزب الحاكم والموالين لهذا المسؤول أو ذاك (هنا وهناك)، ولا يستطيع أو، حتى يحلم، من ليس لديه وساطة أن يحصل على وظيفة في مؤسسات السلطة، ولا حتى في القطاع الخاص ( لان أصحاب الشركات الخاصة يتركون الوظائف لأقارب وأبناء هذا المسؤول أو ذاك حتى تبقى أعمالهم مستمرة ومزدهرة).
 
واستباقا لأي اعتراض على هذه الحقيقة أشير في عجالة إلى مثال شخصي وهي أن أبنائي الثلاثة الخريجين لم يستطيعوا الحصول على وظيفة لا في مؤسسات السلطة أو القطاع الخاص مما اضطر اثنان منهم للهجرة ( ببساطة لأن والدهم معارض للسلطة). واستباقا أيضا لأي تأويل فإنني لا استجدي أي وظيفة لأبنائي لأنهم أصبحوا يفضلون الهجرة على الاستجداء.
 
3- القمع الذي يتعرض له المعارضون (هنا وهناك) من اعتقال وإقصاء عن الوظيفة ومحاربتهم بلقمة عيشهم، واستباقا لأي اعتراض آخر أشير إلى الاعتقال الذي تعرضنا له ( نحن موقعي بيان العشرين) والتهديد بتقديمنا إلى محكمة عسكرية بتهمة الخيانة العظمى، لأننا أشرنا إلى الفساد الموجود في السلطة، علما بان المسؤولين في هذه السلطة وأجهزتها يتبجحون ليل نهار بأن المسؤولين الفاسدين ( يعترفون بوجودهم) سيقدمون للمحاكمة. وهذه الادعاءات تتكرر كلما شعروا بأن المواطن بدأ يتململ ويغضب عندما يرى الفاسدين يسرحون ويمرحون.
 
ويتحفنا رئيس حكومة تصريف الأعمال، بأن أمامنا خيارين :إما القبول بأموال الدول المانحة أو زيادة الضرائب والتشدد بتحصيلها، دون أن يعلم (وربما يعلم!) أن ثمن الخيار الأول هو ارتهان القضية والوطن لإرادة المانحين، أو بمعنى أوضح- بيع الوطن للمانحين، وأن ثمن الخيار الثاني هو التضييق على الناس تمهيدا لتهجيرهم.
 
 ويلحظ المراقب والمتابع للأوضاع في الأراضي المحتلة أن الخيارين تم اعتمادهما وهما يسيران على قدم وساق. ويعلم الدكتور سلام فياض بأن معظم الأموال التي تصرف على مسؤولي السلطة هي أموال ليست ضرورية (في ألطف العبارات) وأثمان للولاء والصمت، وإنني أتحدى السيد سلام فياض بأن يقبل بحوار مباشر وعلى الهواء لأبين له أن عشرات أو مئات ملايين الدولارات من أموال الدول المانحة تذهب على الإفساد وشراء الذمم.
 
وتباعا لما سبق فإن تقييد حرية الإعلام وخاصة الصحف تتشابه به سلطتنا والسلطة في تونس (فلا يوجد في الأرض المحتلة - في الضفة الغربية- سوى صحف السلطة بالتحديد وهي جريدة القدس والأيام والحياة الجديدة ووكالة معا في موقعيها الالكتروني والتلفزيوني).
 
4- وأخيرا وليس آخرا الثراء الفاحش الذي هبط على بعض المسؤولين وأبنائهم وظهور القصور والفلل الفخمة في رام الله وعمان والقاهرة ودبي...........الخ.
يقول الدكتور سلام فياض في لقاءه الأخير مع الصحفيين انه لم يتم تعيين سوى أربعة آلاف شخص في السلطة في السنوات الأخيرة مع أن أعدادهم تفوق عشرات الآلاف، ونحن نعرف -كما ذكرنا أعلاه- من هم المحظوظون الذين حصلوا على هذه الوظائف!!!.
 
فإذا كان ما سبق قد جعل البوعزيزي يشعل النار بنفسه في تونس فلماذا لا يشعل الخريج الفلسطيني العاطل عن العمل النار بنفسه أيضا؟ أم سيعلق مسؤولونا كل مآسينا على شماعة الاحتلال كما دأبوا دائما؟

التعليقات