05/03/2011 - 09:54

اتركوهم وشأنهم../ مصطفى إبراهيم

مطلوب من الكل الفلسطيني، الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني والمثقفين والصحافيين العمل على إنهاء الانقسام في خطوة أولى لوقف التدهور السياسي والقيمي لدينا، والوقوف خلف هؤلاء الشباب وحمايتهم، ومساندتهم في تجربتهم الأولى، وتركهم وشأنهم من دون تدخل في إدارتهم لتجربتهم ومحاولتهم للخروج للشارع للتجمع السلمي والتظاهر لإنهاء الانقسام

اتركوهم وشأنهم../ مصطفى إبراهيم
قبل أن تبدأ بعد الفعاليات الحقيقية للدعوة التي وجهها مجموعة من الشباب من غزة على صفحات الفيس بوك، وعمموها على جميع الفلسطينيين في الداخل والخارج، للخروج للشارع وممارسة الضغط على طرفي الانقسام لإنهائه وإتمام الوحدة الوطنية، وقبل أن نصل ليوم الاختبار الحقيقي والخروج للشارع، عاش هؤلاء الشباب مخاض توحدهم في مجموعة واحدة، واتفقوا فيما بينهم على توحيد جهودهم لإنهاء الانقسام.
 
 وقد تعرض عدد من هؤلاء الشباب وما زالوا للضغط والتهديد من قبل الأجهزة الأمنية والتشكيك في نواياهم، واختراق صفحاتهم وسرقة "نظام الإدارة"(الأدمن) الخاص بها، ومع ذلك فهم مستمرون في دعوتهم ومحاولتهم الأولى في حياتهم للتمرد على واقعهم بإنهاء الانقسام وإعادة بناء منظمة التحرير والعودة للثوابت والتمسك بها، والنضال ضد الاحتلال والتهميش والبحث في آفاق مستقبلهم ومستقبل قضيتهم الغامض.
 
هؤلاء الشباب لم يختبروا بعد بشكل حقيقي، وتجربتهم لم تنضج، وما يحزن أنهم يعيشوا حلم التحدي والمواجهة مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وليس مع قوات الاحتلال وأجهزتها الامنية، هم يعتبرون من أبطال العالم الافتراضي، لكن عددا منهم بدأ تجربته من خلال المحاولة، وبدأ يبلور تجربته من العالم الافتراضي من خلف جهاز الحاسوب والكتابة على صفحات الـ"فيس بوك"، إلى المواجهة الحقيقية.
 
 منهم من تم احتجازهم والتحقيق معهم وإذلالهم، والاعتداء عليهم بالضرب، عندما خرجوا للتظاهر والتضامن مع جمعية منتدى "شارك" الشبابي في غزة المغلقة، أو للتضامن مع الثورة المصرية، واعتقال عدد من الفتيات والشباب، ومنهم ما زال قيد التحقيق والاستدعاء شبه اليومي للتحقيق معهم عن أجنداتهم الخارجية ومصادر تمويلهم، حول دعوتهم للتظاهر في الخامس عشر من آذار الجاري، أو عندما قامت الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية بالاستعانة بالبلطجية لقمع مظاهرات التأييد للثورة المصرية، والتشويش عليهم والتحرش بالنساء، واختطاف عدد منهم والتحقيق معهم، وتهديد بعضهم بعدم السماح لهم بالسفر الى مصر، كما حصل مع بعض الشباب الذين حاولوا الحصول على تأشيرة لدخول مصر، وفوجئوا أن سبب المنع هو مشاهدتهم أثناء مشاركتهم في مظاهرة التضامن مع الثورة المصرية في رام الله.
 
في هذا الوقت بدأت تخرج بعض الأصوات وتتبلور البطولات الوهمية من قبل البعض، وتقديم الاستشارات والنصائح لهؤلاء الشباب، والالتفاف على فكرتهم ومحاولتهم الشجاعة للتظاهر، واختبار قدرتهم وإرادتهم وتجربتهم الأولى في التفكير وإيجاد الحلول، وعلى تحدي الخوف والمواجهة في ظل أجواء عدم الثقة والقمع ومنع الحق في التجمع السلمي والتظاهر.
 
هؤلاء، سواء الذين دعوا للتظاهر في البداية في غزة، ومنهم من خرجوا في مظاهرات الضفة الغربية للتضامن مع الثورة المصرية أو ضد استمرار الانقسام، أو الذين يقدمون النصائح والاستشارات وهم يجلسون خلف لوحة المفاتيح (الكيبورد)، أو بعض قادة الفصائل الذين خرجوا علينا بتصريحات لدعم الشباب، وكأنهم ليسوا جزءا من تعميق الانقسام في اصطفافهم مع طرف على حساب طرف آخر، ويشاركون في حكومة الضفة، ويؤيدون إجراء الانتخابات قبل إنهاء الانقسام، أو أولئك الذين وجدوا فرصتهم في دعوة الشباب للهروب من مشاكلهم الداخلية، وعدم قدرتهم على إقناع قواعدهم بقدرتهم على التأثير الفاعل في إنهاء الانقسام ومقاومة الاحتلال.
 
الكل الفلسطيني يتحمل مسؤولية استمرار الانقسام، عليهم أن يكفوا عن تقديم النصح والإرشاد، ويرفعوا أيديهم عن الشباب في محاولتهم، والظهور كأبطال وهم يديرون المعركة من خلف لوحة المفاتيح، والالتفاف على دعوة الشباب وتجربتهم، أو تلك المحاولات في استباق الحدث كما فعلت حركة حماس في غزة وخروجها بمظاهرة حاشدة تحت دعوة إنهاء الانقسام.
 
إلى كل اولئك من الفصائل والاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والمثقفين والصحافيين، أن يلتفوا حول قضيتنا المركزية وهي التوحد وإعادة بناء منظمة التحرير وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني، ومقاومة الاحتلال والاستيطان وجدار الفصل العنصري، ومشاريع التهويد في القدس والضفة الغربية، والاعتقالات اليومية، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وفضح انتهاكات الاحتلال والتصدي لعدوانه المستمر على القطاع.
 
وفي الوقت ذاته مقاومة تغول قيادة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وتفردها في القرار الفلسطيني والاستمرار في وهم بناء مؤسسات الدولة تحت الاحتلال، والدعوة للانتخابات في خطوة تعزز الانقسام، والاستمرار في التنسيق الأمني والاعتقالات السياسية، وقمع الحريات العامة، في المقابل مقاومة تغول حركة حماس وحكومتها في إحكام السيطرة على المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، وقمع الحريات العامة، ومنع الناس من حقهم في التجمع السلمي وعدم الثقة في الاخر.
 
مطلوب من الكل الفلسطيني، الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني والمثقفين والصحافيين العمل على إنهاء الانقسام في خطوة أولى لوقف التدهور السياسي والقيمي لدينا، والوقوف خلف هؤلاء الشباب وحمايتهم، ومساندتهم في تجربتهم الأولى، وتركهم وشأنهم من دون تدخل في إدارتهم لتجربتهم ومحاولتهم للخروج للشارع للتجمع السلمي والتظاهر لإنهاء الانقسام.

التعليقات