05/03/2011 - 10:14

المرأة في الميدان وفي القرار../ حنين زعبي

لكن في خيمة العراقيب يجتمع الرجال، وفي اللجنة الشعبية في اللد يجتمع الرجال. هي "تصلح" لمواجهة الشرطة، وللصراخ، ولا عيب، أن تدافع عن نفسها بجسدها، لكنها للحوارات الهادئة "أقل صلاحية"

المرأة في الميدان وفي القرار../ حنين زعبي
هؤلاء صبايا اللد اللواتي يعملن "كل هذا الضجيج"، نساء اللد هي التي واجهت أفراد الشرطة، بل قوات من الشرطة الإسرائيلية التي أتت لتهدم، ليس بيوتا، بل "شيئا بائسا" ما، شيد على عجل كوسيلة للبقاء والصمود وإيواء الأطفال بعد هدم سبعة بيوت تعود لعائلة عيد. إمرأتان أصيبتا ودخلتا المستشفى. وكن بنات اللد، هن من أبدعن في الوقوف في وجه أفراد الشرطة، أمام ساحة البلدية. رؤيا هلكت من الصراخ مع زميلاتها، بنات 7-15 سنة، "لو لمتنحليم كن لأتسيليم" (لا للمستوطنين نعم للأصليين)، وحيث حضرت روح ميدان التحرير:  "الشعب يريد إسقاط نيتسان"(رئيس اللجنة المعينة في اللد).
 
كن هؤلاء نساء النقب من تجمعن ليعلمن أولادهن وبناتهن شعارات الصمود: "(طبعا)الشعب يريد إسقاط الكاكال"، "عرب عرب عراقيب، شمسنا ما رح تغيب". وكن هن من حرصن على أن يوجهن أولادهن: "عندما تأتي الشرطة لا تهربن وتهربوا إلى المقبرة، بل ابقوا هنا". كن هن أيضا من تلقين ضربات الشرطة، لكمات على الوجه، وعلى الظهر، ضربات عصي على الكتف.
 
 حضور المرأة في صدامات مع رجال الشرطة بدأ يبرز في السنوات الأخيرة، وربما أكثر في السنة الأخيرة، حيث الصدام يشتد مع الشرطة. حضور المرأة بارز في نضالات شعبها طالما نحن نتحدث عن مواجهات. فالمرأة لا تتأخر عن المواجهة، هي أرضها، وهو بيتها، وهم أولادها .. كما هي أرضه، وهو بيته، وهم أولاده.  
 
لكن في خيمة العراقيب يجتمع الرجال، وفي اللجنة الشعبية في اللد يجتمع الرجال. هي "تصلح" لمواجهة الشرطة، وللصراخ، ولا عيب، أن تدافع عن نفسها بجسدها، لكنها للحوارات الهادئة "أقل صلاحية".
 
أليس المفروض العكس في الثقافة الذكورية؟ أليست "القوة" للرجال؟ أليس الصراخ والمواجهة "للرجال"؟ أليس من "العيب" أن تقاتل المرأة الرجال؟ أم أنه حكم الضرورة؟
 
وإذا كنا نؤمن بالمساواة، أو على الأقل "نسمح" بها، أو نتسامح معها، بحكم الضرورة، فلماذا تختفي هذه الضرورة في خيمة العراقيب ولجنة اللد؟
 
وكما المرأة حاضرة لدينا في المواجهات، دخلت المرأة المصرية الميدان، ومثلت الثورة فيه، مشروع مجتمع آخر، ونجاح مطلب تغيير النظام، حتمه قبل ذلك تغيير المجتمع، على الأقل المجتمع الذي صاغ قوانين ميدان التحرير.
 
وقد رجع مجتمع ميدان التحرير إلى قواعده، وجلب معه تصورات التحرير إلى هذه القواعد، وإلى منابر إعادة بناء النظام، وهو يبدأ الآن صياغتها.
 
تواجد المرأة المكثف في ميدان التحرير، حفز العديد من المنتديات المصرية إلى صياغة مقترحات توضح دورالمرأة المصرية فى إعادة إعمار مصر بعد الثورة. وتجمع هذه المنتديات، وأرجو غيرها ممن لا يتحدث مباشرة عن دور المرأة المصرية- إلى أن إعادة بناء مصر ما بعد الثورة ترتبط ارتباطا وثيقا بـ"إصلاح" مكانتها في المجتمع.
 
لكن الملفت للنظر، هو أن العديد من هذه التوصيات والمنتديات تشدد على تغيير في مضامين الدور لكن ليس في ميادينه، فنراها تشدد على دور المرأة في زرع وعي الثورة، والفكر الديمقراطي، ونهج الحوار والنقد، وتشكيل اللجان، لكنها تتحدث عن ذلك في مستوى المنزل أو الحي الذي تسكن فيه المرأة أو في بيئة عملها.
 
ويبرز أيضا التشديد على دور الجمعيات الخيرية والأهلية، التي ساعدت على تكوين نوع من الفكر الحر و"الراقي" على حد تعبير بعض هذه الأطر. لكننا نرى، أو هكذا على الأقل ينعكس في الصحف المصرية والمنتديات الحوارية، أن هنالك عدم وضوح، وعدم تشديد في الحديث عن دور المرأة في مستويات صنع القرار السياسي للشعب، أي في الأحزاب السياسية وفي مجالس الشعب، وفي مجالس الحكم المحلي أو ما يقابلها.
 
حق المرأة، ليس فقط في تشكيل لوبيهات، وقواعد ضغط، وصوت معارضة، وصوت مواجهة، حق المرأة هو أيضا في السلطة. لا يكفي الحديث عن وجود المرأة في ساحة البلدية في اللد، وفي إدارة شؤون العمارة في القاهرة، إذا لم يكن لذلك تمهيد مواز لقواعد لعبة سياسية وقانونية تدخل فيها المرأة لميدان القرار، إلى جانب ميدان النضال. أكثر من ذلك، لا مردود كاملا لنضال المرأة، لنفسها ولشعبها، إذ لم يتبعه دورها في أماكن صنع القرار.

التعليقات